اعلن ضندوق النقد الدولي انه انطلاقا من اليوم العالمي للمرأة تتجدد دعوات دفع التقدم نحو المساواة بين الجنسين. فإعطاء النساء والفتيات فرصة النجاح لا يعد المسار الصحيح فحسب، بل إنه يفتح الطريق لإحداث تحول في مختلف المجتمعات والاقتصادات. وإطلاق إمكانية التحول يعني الدفع لمزيد من الفرص المتساوية، كالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق القانونية، والمساواة في الحصول على التعليم والصحة والتمويل. وهناك مسألة أساسية على نفس القدر من الأهمية، وهي ضمان وجود بيئة آمنة للجميع، بما في ذلك الحماية من التحرش.ورسالتنا واضحة، وهي أن توفير الحماية القانونية من التحرش الجنسي يخلق بيئة من الأرجح أن تجعل النساء أكثر نشاطا على الصعيدين الاقتصادي والمالي.والواقع أن بحث خبراء الصندوق الجديد بعنوان “ما الذي يدفع إدخال المرأة تحت مظلة الشمول المالي في البلدان المختلفة؟” يخلص إلى وجود رابط بين الوصول إلى الخدمات المالية والحماية من التحرش. وننظر إلى هذا الرابط تجريبيا من خلال مسوح تغطي ألف فرد في كل بلد ضمن عينة يتجاوز عددها 140 بلدا.
إن احتمالات الوصول إلى الخدمات المالية أقل في حالة المرأة منها في حالة الرجل، وهو أمر ينطبق بوجه خاص على الأسواق الصاعدة والنامية حيث درجة الشمول المالي بالنسبة للمرأة أقل من الرجل بحوالي 14%. ولذلك درسنا في بحثنا مختلف العوامل الدافعة لإتاحة الخدمات المالية للمرأة على وجه الخصوص. وخلصنا إلى أن النساء اللاتي يعشن في بلدان تتيح حماية أقوى من التحرش، وهو ما يشمل التحرش في مكان العمل، هن الأرجح أن يفتحن حسابا مصرفيا ويقمن بالاقتراض والادخار ويستفدن من خدمات مالية كأداء المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة
وهناك علاقات ارتباط قوية في هذا الخصوص. فإتاحة الخدمات المالية لمتوسط النساء المقيمات في أي سوق صاعدة أو بلد نام تزداد عمقا بنسبة 16% تقريبا – أي أن درجات الشمول المالي ترتفع – إذا كانت هناك حماية قانونية. وبالنسبة لمتوسط النساء في إفريقيا جنوب الصحراء، يرتفع هذا الرقم بنسبة 25% تقريبا. وهكذا فإن القضاء على التحرش وزيادة فرص حصول المرأة على الخدمات المالية يمكن أن يُحْدِثا تحولا في حياة الكثيرين.لكن المنافع لا تقف عند هذا الحد. فتشجيع المساواة في الفرص يمكن أن يغير قواعد اللعبة الاقتصادية. ذلك أن زيادة فرص الحصول على الخدمات المالية تعني قيام النساء بمزيد من النشاط الاقتصادي، بما في ذلك عملهن كرائدات أعمال، مما يعني بدوره معدلات أعلى من النمو الاقتصادي والإنتاجية، ومزيدا من المساواة في توزيع الدخل، وزيادة في أرباح الأعمال، ودرجة أكبر من الاستقرار الاقتصادي.
ثغرات كبيرة في الحماية القانونية
تشير دراستنا بوضوح إلى أن حماية النساء من التحرش يمكن أن تحقق منافع اقتصادية من جوانب متعددة، كما أنها قضية أخلاقية على النحو الذي أبرزته حركة #أنا أيضا التي بينت استشراء التحرش الجنسي في بلدان عديدة. ولأسباب مفهومة، انفجر الغضب أنحاء كثيرة من العالم.إن هذه المناقشة مهمة وقد تأخر البدء فيها، لكن ما خفي كان أعظم. فالبنك الدولي لديه قاعدة بيانات مفصلة وتقارير متعددة تشير إلى الآتي:
- في عام 2017، قرابة 290 مليون امرأة بالغة لم تكن تتمتع بالحماية القانونية من التحرش الجنسي، وأكثر من 360 مليون امرأة لم تكن محمية من التحرش في مكان العمل.
- الثغرات القانونية تمتد إلى المنزل. فحوالي ربع البلدان لا توفر الحماية من العنف الأسري.
- الافتقار إلى الحماية القانونية يؤثر على الفتيات في سن مبكرة. ففي بعض البلدان، تختلف السن القانونية لزواج المرأة عن الرجل، وحوالي 100 مليون فتاة لا تتوافر لهن الحماية القانونية الكافية من الزواج في الطفولة.
ولا يكفي تغيير القوانين – بل ينبغي تكميل هذه الخطوة بفرض التنفيذ. وهناك سياسات أخرى مهمة أيضا، وبإمكان الحكومات التحرك بشأنها على الفور. فعلى سبيل المثال، يمكن لسياسة المالية العامة القيام بدور أكبر من خلال توجيه استثمارات لتوفير سبل الأمان في وسائل المواصلات والمرافق الصحية للنساء والفتيات، وفي دعم ضحايا العنف القائم على نوع الجنس