في تقرير لصندوق النقد الدولي حول آثار وباء كوفيد19 ذكر أن الربحية تشكل تحديا مستمرا أمام البنوك في عدة اقتصادات متقدمة منذ الأزمة المالية العالمية. فبينما كان التيسير الكبير للسياسة النقدية عاملا أساسيا في استمرار النمو الاقتصادي في هذه الفترة، حيث دعم أرباح البنوك، فإن أسعار الفائدة شديدة الانخفاض قلَّصَت هواش الفائدة الصافية للبنوك – وهي الفرق بين الفائدة المكتسبة على الأصول والفائدة المدفوعة عن الالتزامات. ويشير تحليلنا إلى أنه بخلاف التحديات الآنية المصاحبة لتفشي فيروس كوفيد-19، فإن الفترة الطويلة لأسعار الفائدة المنخفضة من المرجح أن تفرض مزيدا من الضغوط على ربحية البنوك في السنوات القادمة.
وتساهم البنوك ذات الأوضاع السليمة بدور أساسي في أي اقتصاد ديناميكي، وهي عامل بالغ الأهمية للاستقرار المالي. وعندما تكون البنوك عاجزة عن تحقيق أرباح، تقل احتمالات تقديمها للقروض وغيرها من الخدمات المالية للأسر والشركات، مما يحرم الاقتصاد من الائتمان الذي يحتاجه بشدة. ويشير تمرين محاكاة أُجري على مجموعة من تسعة اقتصادات متقدمة إلى أن نسبة كبيرة من قطاعاتها المصرفية، حسب حجم الأصول، قد تفشل في تحقيق أرباح أعلى من تكلفة رؤوس أموالها عام 2025.
ويمثل تفشي فيروس كوفيد-19 اختبارا إضافيا لصلابة البنوك. وبمجرد انحسار التحديات الراهنة المتعلقة بالأزمة، يمكن أن تلجأ البنوك إلى زيادة الدخل من الرسوم أو تخفيض التكاليف لتخفيف الضغوط على الأرباح، ولكن قد يكون من الصعب تخفيف هذه الضغوط بالكامل. وفي الوقت نفسه، قد يكون الإفراط في تحمل المخاطر لتعويض الأرباح المفقودة بذرة للمشكلات في المستقبل. ولذلك فمن الضروري أن يعجل صناع السياسات بتحقيق التوازن الذي يحمي الاستقرار المالي وسلامة المؤسسات المالية، مع دعم النشاط الاقتصادي. وينبغي النظر في مختلف الاستراتيجيات الممكنة للحفاظ على رأس المال وتعزيزه، بما في ذلك فرض قيود على ما يُصْرَف من توزيعات الأرباح وعلى إعادة شراء الأسهم.
وفي السنوات المقبلة، ستحتاج السلطات إلى تَوَلِّي مهمة التعامل مع بعض التحديات “الهيكلية” التي تواجه البنوك. فعلى سبيل المثال، ينبغي لسلطات القطاع المالي أن تراعي الأثر المحتمل لأسعار الفائدة المنخفضة في قراراتها وتقييماتها للمخاطر. وينبغي أن يتضمن التخطيط الرقابي لرأس المال واختبارات تحمل الضغوط سيناريوهات لاستمرار أسعار الفائدة “أقل مما ينبغي لمدة أطول”، كما ينبغي تقييم قوة نماذج الأعمال في ظل هذه الظروف. وعلى الأجهزة الرقابية أيضا أن تظل متنبهة للتطورات ذات الصلة وأن تَحُول دون تراكم المخاطر المفرطة التي من شأنها إضعاف صلابة القطاع المصرفي