تسعى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى الحصول على 350 مليون دولار أمريكي لتوسيع أنشطتها لمكافحة الفقر وتعزيز سبل العيش في المناطق التي تشهد أزمات غذائية والتي يمكن أن تكون فيها تأثيرات جائحة كوفيد-19 مدمرة.
ورغم أن الحجم الكامل لهذه الجائحة وتأثيراتها الطويلة الأمد على الأمن الغذائي لم تتكشف بعد، إلا أن الأدلة تظهر أنه في بعض الدول التي تعاني بالفعل من الجوع الحاد، أصبح الناس يجدون صعوبة متزايدة في الحصول على الغذاء مع تراجع الدخل وارتفاع أسعار الأغذية.
و قد حذر المدير العام للفاو شو دونيو من الانتظار حتى الانتهاء من التعامل مع التأثيرات الصحية وبعد ذلك الانتقال إلى الأمن الغذائي، و قال انه اذا لم نبدأ في تنفيذ المساعدات لسبل العيش الآن، فسنواجه أزمات غذائية متعددة.
و قال دومينيك بيرجيون، مدير إدارة حالات الطوارئ في الفاو إن عدداً متزايداً من قادة العالم يؤكدون على أن الجائحة يمكن أن تتسبب في وفاة عدد أكبر من الناس بسبب الجوع مقارنة مع عدد من يصابون بالفيروس. وأسوأ سيناريو ليس أمراً لا فرار منه، ولكن علينا أن نتحرك بسرعة وعلى نطاق واسع.
إن طلب التمويل الجديد الذي تقدمت به الفاو والذي يبلغ 350 مليون دولار أمريكي، يزيد بنحو ثلاث مرات عما كان عليه في أواخر مارس بعد أن أصبحت التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية الجسيمة لجائحة كوفيد-19 أكثر وضوحاً.
و تحتاج الفاو إلى تمويل إضافي بشكل عادل لمواجهة الاحتياجات الجديدة التي تظهر بسبب جائحة كوفيد-19. وستقوم المنظمة بنشاطات جديدة تضاف إلى الدعم الحاسم لإنقاذ سبل العيش الذي يتم تقديمه حالياً ويشمل:
في جنوب السودان، قامت الفاو بأكبر حملة لها لتوزيع البذور حتى لا يفوّت المزارعون موسم الزرع الرئيسي. ووزعت المنظمة حتى الآن أكثر من 4 ملايين كيلوجراما من 8 ملايين كيلوجراما من بذور المحاصيل والخضار التي اشترتها وجهزتها مسبقاً، وأكثر من 100,000 أداة زراعية يدوية على نحو 1.8 مليون شخص. ويعني هذا أن كل أسرة تستطيع أن تزرع ما يكفيها من الغذاء لمدة لا تقل عن ستة أشهر وتبيع الفائض. وإضافة إلى ذلك حصل نحو 50,000 شخص على أدوات صيد.
و في الصومال غيرت الفاو بشكل كامل طريقة توزيع مساعداتها النقدية بحيث يتم تسليمها عبر الهواتف المحمولة، وخلال الستين يوماً الماضية حولت أكثر من 4 ملايين دولار عبر الهواتف النقالة لمساعدة 200 الف صومالي على الحصول على الطعام وغيره من الاحتياجات الأساسية. وسجلت الفاو أكثر من 2.1 مليون شخص على منصتها الخاصة بتحويل المال على الهواتف المحمولة.
بالإضافة إلى ذلك يتسلم 240,000 صومالي قسائم الكترونية عبر الرسائل النصية للحصول على البذور، وأدوات الزراعة، وخدمات الري، وأكياس التخزين من التجار المحليين. وبهذه الطريقة فإن الفاو تعيد ضخ المال في الاقتصاد المحلي وتتجنب تأخيرات سلسلة الإمداد بسبب كوفيد-19.
في سوريا، دعمت الفاو منتجي الخضروات لإنشاء مشاتل يقدر أنها ستجلب للمزارعين دخلاً إضافياً بنحو 2000 دولار سنوياً.
و في باكستان نفذت المنظمة حملة على الانترنت، شارك فيها 160,000 شخص لتعلم منع هدر الطعام، ونشرت الوعي بين المزارعين، من خلال طرق من بينها مدارسها الحقلية، حول كيفية الحفاظ على السلامة من الإصابة بالفيروس المسبب لمرض كوفيد-19.
و في هايتي قامت الفاو بتوزيع البذور وغيرها من المدخلات على نحو 50,000 شخص قبل الحملة الزراعية الرئيسية.
و ذكرت الفاو ان هناك خطورة متزايدة من حدوث مجاعة في بعض الدول، وربما تحدث العديد من المجاعات في نفس الوقت.
فقبل حدوث الجائحة، كان نحو 135 مليون شخص يعانون من مستوى أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم 27 مليون شخص في مستويات “طارئة” من انعدام الأمن الغذائي الحاد – أي على حافة المجاعة. و تعاني الصومال حالياً من صدمات متعددة من بينها الجراد الصحراوي والفيضانات وكوفيد-19. وفي مايو حذرت وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التي تديرها الفاو من أن نحو 3.5 مليون صومالي هم في مستوى “الأزمة” من انعدام الأمن الغذائي الحاد وما فوق حتى سبتمبر 2020- بزيادة ثلاثة أضعاف مقارنة بمطلع 2020، وبنسبة تزيد عن 100 في المائة من ارقام الجوع في أي عام، وأسوأ من العام 2017 عندما كان هناك خطر كبير من المجاعة.
و في أفغانستان من المتوقع أن يعاني أكثر من واحد من بين كل ثلاثة أفغان – حوالى 10.3 مليون شخص – من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الفترة ما بين يونيو ونوفمبر.
• في بنغدلادش يؤدي تعطل أنظمة النقل إلى التخلص من المنتجات الغذائية القابلة للتلف، وإلى انخفاض كبير في الأسعار عند بيع المنتجات في المزارع، وهو ما يؤثر على الأمن الغذائي للمنتجين.
و في سوريا، ومنذ منتصف مارس حدثت زيادات في أسعار الأغذية الأساسية بنسبة 40-50 في المائة.
اما بالنسبة للعديد من الدول العالية المخاطر في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، تتزامن الفترة من ابريل ويونيو مع موسم زراعة المحاصيل الرئيسية.
• البلدان المستوردة الصافية للأغذية (مثل بلدان منطقة البحر الكاريبي والمكسيك وإكوادور وفنزويلا) معرضة للضعف بشكل خاص بسبب انخفاض قيمة العملة والقيود التجارية.
و في شرق أفريقيا والشرق الأدنى، حيث يواجه 42 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، يعد الحد من تفشي الجراد الصحراوي أمراً بالغ الأهمية لحماية سبل العيش والأمن الغذائي.
ورغم وجود احتمال كبير لزيادة كبيرة في انعدام الأمن الغذائي على مستوى الأزمة وما فوق في الأشهر المقبلة، إلا أن ذلك ليس أمراً حتمياً.
و ذكرت الفاو انه اذا دعمنا سبل العيش الآن، نستطيع أن نساعد في خفض الاحتياجات وتجنب تزايد الجوع، وحماية الأكثر ضعفاً من التأثيرات الجانبية للجائحة”.