الأثنين. نوفمبر 25th, 2024

عرضت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، التقرير الـ 33 حول دارفور في إحاطة أمام مجلس الأمن، حيث أشارت إلى أنه رغم وجود الأمل وغيابه في بعض الأحيان لدى الضحايا وأسرهم، إلا أن أهالي دارفور لم يستسلموا.

وقد أحال مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في آذار/مارس عام 2005.

وقالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، خلال إحاطتها الافتراضية أمام مجلس الأمن، إن ذلك بعث الأمل لدى ضحايا الجرائم الفظيعة في دارفور، لكن عبر السنوات، ومنذ الإحالة، كان الأمل يتصاعد وينخفض، “ولكن أهالي دارفور لم يستسلموا”.

وفي إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن، كمدعية عامة للمحكمة الجنائية الدولية، تحدثت السيّدة بنسودا عن عدد المرات التي نشدت فيها المساعدة من المجلس من أجل إجراء تحقيقات في دارفور، ومن أجل تحديد الموارد الكافية للتحقيق بشكل فعّال.

وقالت: “أستذكر عدد المرات التي تعرض فيها مكتبي وأنا للسخرية، ووصمنا بالتحيّز وبأن تحقيقاتنا تستهدف أفرادا معيّنين. كثيرون قالوا لنا مجازيا إن علينا التوقف عن ضرب رؤوسنا في الحائط، وعلينا أن ننسى دارفور ونمضي قدما”.

كما استذكرت التهديدات والدعوات إلى الانسحاب، لكنّها أضافت أن ضحايا دارفور لم يتخلوا عن الأمل، ووقفوا إلى جانب المكتب ووفروا دلائل مهمة حتى خلال التحقيقات.

وأجرت بنسودا زيارة إلى دارفور الأسبوع الماضي، وصفتها بالتاريخية، وقالت إن تلك الزيارة فتحت عينيها أكثر على حقيقة ما تحارب المحكمة الجنائية الدولية وسكان دارفور من أجله.

وقالت بنسودا: “أحيي نساء ورجال وأطفال وضحايا دارفور جميعا على شجاعتهم وصبرهم وصمودهم والمثابرة والإيمان الثابت في مسار العدالة”.

وأضافت أنه خلال زيارتها رأت عددا لا يحصى من النساء والرجال والأطفال جاءوا للترحيب بها، ودعوا لتحقيق العدالة، “كانت هذه واحدة من أكثر التجارب المؤثرة والمتواضعة في حياتي”.

وأشارت إلى أنها استمعت إلى الضحايا وإلى القصص المروعة عن الوحشية التي تحملّوها والظروف غير الإنسانية التي يواصلون العيش فيها.

وأضافت تقول: “هذه الزيارة الأولى من نوعها للمحكمة الجنائية الدولية إلى دارفور منذ أكثر من 15 عاما منذ أن أحال هذا المجلس قضية دارفور إلى مكتبي، وقد أعاد إشعال أمل القرار 1593. لا يمكن أن نسمح لهذا النور المشتعل أن ينطفئ مرة أخرى عبر تقاعسنا أو تصرفات غير فعالة وفاترة”.

وشددت على أن ما يواصل ضحايا دارفور التطلع إليه، هو السلام والأمن والغذاء والماء والصحة والتعليم لأطفالهم والعودة لديارهم، ويريدون نهاية للعنف المميت ونزع سلاح الميليشيات والتعويض على سنوات من المعاناة.

ودعت السيّدة بنسودا إلى استعادة الثقة بين السلطات الحكومية على جميع المستويات وسكان دارفور، وحل الأسباب الجذرية لجميع القضايا “التي أفسدت المنطقة على مدار السنوات”.

وقالت: “لا يزل لدى ضحايا دارفور أمل فينا، يجب أن نستجيب للدعوة الواضحة لتسليم المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة عملية قضائية مستقلة وحيادية وعادلة، تحترم جميع حقوقهم”.

وأوضحت السيّدة بنسودا أن المحكمة الجنائية الدولية فتحت صفحة جديدة من العلاقات مع حكومة السودان. “الأيام الماضية من العداوات وعدم التعاون استُبدلت بحوار بنّاء وروح جيدة من التعاون”.

وقد أبرمت مذكرة تفاهم بين مكتب المدعية العامة وحكومة السودان في 14 شباط/فبراير، بعدها أجرى فريق المحققين أنشطة استقصائية في السودان، وبدأ بالتجهيز للتوجه إلى دارفور قريبا، وقد انخرط الفريق بشكل بنّاء مع وزارات حكومية ذات صلة من بينها مكتب النائب العام.

لكنّها حذرت من أن الانتقال في السودان لا يزال في مهده. وقالت: “لا يزال أهالي دارفور يعانون في مخيمات النزوح وبالنسبة لهم تظل المساءلة مهمة من أجل السلام المستدام في إقليم دارفور”.

وأكدت أنه يقع التزام قانوني على السودان بتسليم المشتبه فيهم بموجب القرار 1593. ودعت السودان إلى أن “يظهر بشكل ملموس” أنه انضم إلى محاربة الإفلات من العقاب وهو ملتزم بشكل كامل بالعدالة وحكم القانون.

وإضافة إلى ذلك، دعت السودان إلى التعاون الكامل مع تحقيقات المكتب بما في ذلك ضمان الوصول بدون عوائق إلى المناطق، وتوفير السجلات والمعلومات والمواد ذات الصلة، وتوفير الحماية للشهود

من جانبه، أكد محمد إبراهيم محمد الباهي، نائب مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة على التزام بلاده “العميق بالعدالة والمساءلة”، لا سيّما في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

وقال: “إن العدالة هي واحدة من أركان ثلاثة قامت عليها ثورة كانون الأول/ديسمبر المجيدة في السودان، وكانت ولا تزال هدفا أساسيا لهذه الثورة المباركة”.

وأكد أن الحكومة الانتقالية في السودان تفعل كل ما في وسعها لتحقيق العدالة في دارفور. وأضاف قائلا: “الحكومة تنتهج مقاربة شاملة تهدف إلى تحسين مجمل حياة مواطنيها في دارفور، ولتحقيق تلك الغاية تم التوقيع على اتفاقية جوبا للسلام في تشرين الأول/أكتوبر 2020 بين الحكومة من جهة والجبهة الثورية وحركة تحرير السودان من جهة أخرى”.

وأعرب عن اعتزام الحكومة الاستمرار في الحوار مع الحركات التي لا تزال خارج نطاق العملية السلمية.
وقد اعتمد مجلس الوزراء السوداني قانونا للعدالة الانتقالية، ويجري العمل حاليا على إجازته بشكل نهائي وفقا للترتيبات التشريعية للفترة الانتقالية. وأكد المسؤول السوداني أن الحكومة الانتقالية فتحت بابا للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف: “أعلن رئيس الوزراء الأسبوع الماضي بأن الحكومة تتدارس مع المحكمة الجنائية الدولية ومع مجتمعات الضحايا أفضل السبل لمثول المتهمين المطلوبين دوليا أمام المحكمة”.

وشدد على عمل الحكومة على تغيير واقع الحياة في دارفور “التي تشهد انتقالا جوهريا من الحرب والنزاع إلى بناء السلام”، وذلك عبر تكوين مفوضية العدالة الانتقالية كوسيلة لتحقيق العدالة للقضايا التي يصعب فيها استخدام وسائل العدالة الحقيقية.

وتابع يقول: “ستعمل المفوضية فور إعلانها على إجراء حوار موسع بما يمكنها من تنفيذ مهامها على الوجه المطلوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *