الخميس. نوفمبر 21st, 2024


“تجاهل قاتل”، عنوان التقرير الذي صدر اليوم عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والذي يتناول التحديات التي تواجه المهاجرين في سياق الحماية في البحر والنواقص التي تشوب عمليات البحث والانقاذ وحماية المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط.

وفي مقدمة التقرير أعربت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، عن قلق بالغ حيال “هذا التجاهل المميت للناس اليائسين”، داعية حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى “المبادرة فورا لإصلاح سياسات وممارسات البحث والإنقاذ المُعتمدة حاليا في وسط البحر الأبيض المتوسط.”

وقالت باشيليت: “المأساة الحقيقية هي أنه بالإمكان منع الكثير من أشكال المعاناة وحالات الموت التي يشهدها وسط البحر الأبيض المتوسط.”


وبحسب البيانات العديدة الصادرة عن وكالات الأمم المتحدة الإنسانية، غالبا ما تسلب هذه الرحلات غير المأمونة عبر البحر الأبيض المتوسط، المهاجرين حياتهم وكرامتهم وتحرمهم من حقوق الإنسان الأساسية.

اقرأ أيضا: غرق قارب قبالة سواحل ليبيا يودي بحياة 130 شخصا على الرغم من نداءات الاستغاثة، وفق المنظمة الدولية للهجرة

وفي هذا السياق أوضحت باشيليت: “كل سنة، يغرق الناس لأن المساعدة تأتي بعد فوات الأوان، أو لا تأتي أبدا حتّى.”

وبحسب بيان صادر عنها، قد يضطر من يتم إنقاذه إلى الانتظار أحيانا لأيام طويلة أو لأسابيع حتى، قبل أن يتم إنزاله بأمان أو، كما هي الحال بشكل متزايد، تتم إعادته إلى ليبيا، “على الرغم من أنه تم التأكيد مرارا وتكرارا، أن ليبيا لا تشكل ملاذا آمنا بسبب دوامات العنف التي تضربها.”

ووفقا للتقرير ، تشير الأدلة إلى أن عدم حماية حقوق الإنسان للمهاجرين في البحر “ليس حالة شاذة مأساوية، بل يأتي نتيجة قرارات وممارسات سياسية عملية اعتمدتها السلطات الليبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، وغيرها من الجهات الفاعلة الأخرى التي تضافرت لتهيئة بيئة تعرّض كرامة المهاجرين وحقوق الإنسان للخطر.”

ويلحظ التقرير، الذي يغطي الفترة الممتدة بين يناير 2019 و ديسمبر 2020، بقلق بالغ أنّ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء قلّصوا بشكل كبير عمليات البحث والإنقاذ البحرية، في حين مُنعت المنظمات الإنسانية غير الحكومية من تنفيذ عمليات الإنقاذ المنقذة للحياة.

بالإضافة إلى ذلك، تتجنب السفن التجارية الخاصة بشكل متزايد مساعدة المهاجرين المعرضين للخطر بسبب الجمود والتأخير في إنزالهم في ميناء آمن في نهاية المطاف.

شجعت وكالة حرس الحدود وخفر السواحل الأوروبية (فرونتكس) والقوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي من أجل البحر الأبيض المتوسط (عملية إيريني) والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خفرَ السواحل الليبي على تولي المزيد من المسؤولية عن عمليات البحث والإنقاذ في المياه الدولية.

“إلاّ أنّ خفر السواحل الليبي لم يبذل العناية الواجبة والضمانات اللازمة لمراعاة حقوق الإنسان”، بحسب التقرير، ما أدى إلى زيادة عمليات الاعتراض والصدّ والإعادة إلى ليبيا، “حيث لا يزال المهاجرون يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

وأعربت المفوضة السامية عن قلقها حيال ما وصفته بـ”التجاهل المميت لأشخاص يغمرهم اليأس”، وأكدت على ضرورة اعتماد المزيد من الإجراءات الحازمة لنشر ما يكفي من عمليات البحث والإنقاذ وسط البحر الأبيض المتوسط. كما دعت إلى دعم عمل المنظمات الإنسانية غير الحكومية، واعتماد ترتيب مشترك قائم على حقوق الإنسان لإنزال جميع الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر في الوقت المناسب.

وفي العام 2020، اعترض خفر السواحل الليبي ما لا يقل عن 10,352 مهاجرا في البحر وأعادهم إلى ليبيا، مقارنة مع 8,403 مهاجرا على الأقل في العام 2019، وفق ما أورده تقرير مفوضية حقوق الإنسان.

ويحث التقرير الصادر اليوم، المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على “ضرورة أن تضمن تماشي جميع الاتفاقات وتدابير التعاون بشأن حوكمة الهجرة مع ليبيا، مع التزامات الدول الأعضاء بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

كما دعا التقرير إلى أن يكون كل تنسيق بين الاتحاد الأوروبي والسلطات الليبية بشأن البحث والإنقاذ “مشروطا بضمانات تؤكد أن المهاجرين الذين يتم إنقاذهم أو اعتراضهم في البحر لن يتم إنزالهم في ليبيا وسيتم تعيين ميناء آمن لهم”.

وفي هذا الصدد أكدت باشيليت أنه يجب ألا يشعر أحد بأنه مجبر على المخاطرة بحياته أو بحياة عائلته على متن قوارب غير صالحة للإبحار بحثا عن الأمان والكرامة، مشيرة إلى أن “ذلك لا يعني منعه بكل بساطة من المغادرة عبر ليبيا أو جعل رحلته أكثر يأسا وخطورة.
بالنسبة إلى من تم إنقاذه، يتسبب التأخير في إنزاله في مكان آمن بمزيد من المعاناة، حيث يُترَك المهاجرون أحيانا لأيام طويلة أو لأسابيع حتى على متن قوارب غير مناسبة للإقامة طويلة الأمد.

ويشير التقرير إلى أن فترات التأخير هذه أصبحت أكثر حدّة خلال العام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، حيث أُجْبِرَ بعض المهاجرين على البقاء في الحجر الصحي على متن قوارب وسط البحر.

وبمجرد نزولهم إلى الميناء، يواجه المهاجرون أيضا سلسلة من التحديات، بما في ذلك ظروف استقبال غير ملائمة، وخطر الاحتجاز الإلزامي أو المطول أو التعسفي.

وفي بيانها أشارت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، إلى أن الناس سيستمرون في محاولة عبور وسط البحر الأبيض المتوسط، بغض النظر عن المخاطر أو العواقب البارزة، “إلى أن تتوفر للجميع قنوات هجرة آمنة وعادية”. وحثت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على “التعبير عن روح تضامن وتشارك المسؤولية والتأكد من عدم إلقائها بشكل غير متناسب على الدول التي تقع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مثل مالطا وإيطاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *