استضاف أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ، مائدة مستديرة حول المناخ جدد فيها النداء إلى وقف دعم الوقود الأحفوري، والاستثمار في الوظائف الخضراء.
في بيانه الافتتاحي أمام المشاركين في المائدة المستديرة، قال الأمين العام إن “العالم يعاني من حمى شديدة وهو يحترق”.
وأشار إلى أن اضطراب المناخ هو “الأخبار اليومية” التي يشاهدها الجميع، مشيرا إلى أن العقد الماضي كان الأكثر سخونة على الإطلاق، إذ شهد ارتفاع غازات الدفيئة وحرائق الغابات المدمرة، إلى جانب فيضانات قياسية قلبت أوضاع الناس والكوكب.
وتطرق السيد جوتيريش في الاجتماع إلى “تقرير متحدون في العلوم” الصادر حديثا عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، قائلا إن نتائجه “لا لبس فيها”، وداعيا إلى “عكس المسار على وجه السرعة”.
أولويات ثلاث
وبناء على هذه الخلفية، حث الأمين العام الجميع على “العمل على أساس ثلاث أولويات عاجلة” بدءا من اليوم:
أولاً، خطط مستدامة للتعافي من فيروس كوفيد-19 تعالج تغير المناخ.
في إطار التعافي من الجائحة، شدد الأمين العام للأمم المتحدة على حاجة الجميع إلى العمل معا لوقف دعم الوقود الأحفوري، ووضع سعر للكربون، والنظر في مخاطر المناخ في جميع القرارات المالية والسياساتية.
قال “والأهم من ذلك، لا تتركوا أحدا يتخلف عن الركب”.
حدد الأمين العام للأمم المتحدة إجراءات خاصة يجب أن تبدأ على الفور، بما في ذلك حزم تعافي من كوفيد-19 تعمل أيضا على إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي، وسياسات متسقة مع الهدف الرئيسي المتمثل في الحد من الانبعاثات إلى 1.5 درجة مئوية.
وقال إن “الانتقال إلى الطاقة المتجددة … سيوفر ثلاثة أضعاف الوظائف التي يوفرها الوقود الأحفوري” مشيرا إلى أن “إمكانات الاقتصاد الأزرق المستدام لا تزال غير مستغلة.
قال الأمين العام للأمم المتحدة للحاضرين في الاجتماع إن العلم يجب أن يوجههم إلى حماية الاقتصادات والمجتمعات – بالتركيز على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 45 في المائة إلى ما دون مستويات عام 1990 بحلول عام 2030.
ووصف الذكرى الخامسة لاتفاق باريس للمناخ في كانون الأول/ديسمبر بأنها “لحظة مهمة لمواصلة رفع الطموح المناخي”.
ثالثا، إعطاء الأولوية للأشخاص والمجتمعات الأكثر ضعفا.
وشدد الأمين العام على أن جميع الحلول يجب أن تعطي الأولوية للدول والمجتمعات الأضعف من خلال سياسات انتقالية عادلة، وتعاون وتضامن دوليين.
وقال إنه بناء على المسار الحالي، فإن “حجم المعاناة في جميع أنحاء العالم بسبب اضطراب المناخ سيكون فوق كل تصوراتنا”، وحث الجميع على الالتزام “الآن” بالعمل المناخي الشامل
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي تبع السيد غوتيريش، في الكلام خلال اجتماع اليوم، أعلن أن المملكة المتحدة ستستضيف قمة المناخ المقبلة للأمم المتحدة، COP26، والتي تم تأجيلها حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
بعد استعراض بعض الطرق التي تحاول بها المملكة المتحدة الوفاء بالتزاماتها المناخية، أعرب السيد جونسون عن رغبته في العمل مع جميع قادة العالم لإنجاح COP26، وتطلع إلى الحدث الافتراضي المقرر استضافته بشكل مشترك بين الأمم المتحدة والمملكة المتحدة في 12 كانون الأول/ديسمبر، الذكرى الخامسة لاتفاق باريس للمناخ.
وقد ركز الجزء التالي من الحدث حول عملية تمويل المناخ. وقد شارك فيه مارك كارني، المبعوث الخاص للأمين العام المعني بالعمل المناخي والتمويل، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيس شيلي سيباستيان بينيرا إشينيك، الذي كان من المقرر أن تستضيف بلاده مؤتمر المناخ هذا العام. وناقش المجتمعون طرق تعزيز تمويل العمل المناخي.
وفي هذا القسم المخصص لتمويل العمل المناخي في المائدة المستديرة اليوم، أكد المشاركون على التزاماتهم بتكثيف الطموح.
المتحدث الأخير مارك كارني، المبعوث الخاص للأمين العام المعني بالعمل المناخي والتمويل، والمحافظ السابق لبنك إنجلترا، أعلن أنه لتحقيق أهداف باريس المناخية، يحتاج الاقتصاد بأكمله إلى التحول، بما في ذلك القطاع المالي، قائلا إنه يجب على كل قطاع مالي أن يأخذ المناخ في الحسبان.
وتابع أن الإفصاح والكشف عن الحقائق ضروري، موضحا أنه من غير المقبول للشركات عدم الكشف عن تأثير قراراتها على المناخ. وقد جعل الاتحاد الأوروبي هذا الأمر إلزاميا، كما تتحرك البنوك في الاتجاه الصحيح.
أعلن السيد كارني أن هذا التحول سيكون له تأثير كبير على خطط الشركات.
وأشار المبعوث الخاص إلى أن القطاعَ الماليَ في نقطة تحول، قائلا لقادة العالم إن الإجراءات المناخية التي سيتخذونها خلال العام المقبل، ستسمح للقطاع الخاص بالتكيف بطريقة تساعدنا على تحقيق أهدافنا المناخية.
وخلال القسم الأخير من المائدة المستديرة الذي كان موضوعه “حماية الناس والكوكب لضمان انتعاش مستدام وعادل”، تحدث اثنان من رؤساء الدول: الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنغلاديش، وجاستون ألفونسو براون، رئيس وزراء أنتيغوا وبربودا.
وقد شارك أيضا فلاديمير كاتسوف، وهو عضو في اللجنة الاستشارية العلمية التابعة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية ولجنة التكيف مع المناخ التابعة للأمم المتحدة (UNFCCC).
أعلن السيد كاتسوف أن العِلم أداة قوية في التكيف مع المناخ. ومستشهدا بما قامت به بلاده روسيا، قال إنه في بلد ضخم به اختلافات شاسعة في المناخ، بدون مراقبة منتظمة، لا يمكن التكيف الفعال مع المناخ.
قال المسؤول الأممي إن تكلفة اتخاذ قرارات خاطئة مرتفعة، داعيا الحكومات إلى الاستثمار في الأبحاث ورأس المال الفكري، وضمان وجود حوار قوي بين العلماء والسياسيين.
الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان يستمع إلى مداخلات رؤساء الدول والمديرين التنفيذيين والخبراء، عاد في نهاية المائدة المستديرة لعرض أفكاره.
كان المغزى الرئيسي المشترك الذي استخلصه السيد جوتيريش هو الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، وحياد الكربون بحلول عام 2050، مع خفض كبير في الانبعاثات بحلول عام 2030.
تحتاج البلدان إلى تقديم خطط عمل مناخية محدثة قبل مؤتمر COP26، في غضون عام، ويجب على جميع الجهات الفاعلة، من المدن إلى الشركات إلى المنظمات غير الحكومية، تقديم خطط إحداث التحول بها.
قال السيد جوتيريش إن المهمة الأساسية للحكومات والمؤسسات العامة الأخرى هي تجنب وضع حواجز أمام هذه الخطط، مشيرا إلى أن ذلك لا يزال يحدث حتى اليوم، في شكل ضرائب ودعم الوقود الأحفوري الذي يعيق بنشاط العمل المناخي.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن فرض ضريبة على الكربون أمر ضروري.
ومسترجعا حديثا مع رئيس وزراء كان يخشى خسارة الانتخابات إذا فرض ضرائب على الكربون، اقترح السيد غوتيريش فرض ضرائب على التلوث بدلاً من الدخل، كخطوة من شأنها إنقاذ الوظائف، وربما حتى الفوز في الانتخابات.
رداً على شكوى رئيس وزراء آخر بأنه لا يمكنهم إلغاء دعم الوقود الأحفوري، لأن الشركات الصغيرة والمواطنين يحتاجون إلى وقود رخيص، قال الأمين العام للأمم المتحدة لهم بدلاً من ذلك اعطوا الأموال مباشرة للفقراء.
حذر السيد جوتيريش من أنه حتى لو تم اتخاذ إجراءات فعالة، فإن تغير المناخ موجود بالفعل، وله تأثير رهيب على الأشخاص المعرضين للخطر. لذلك يجب تعبئة التمويل، ليس فقط من أجل التخفيف من آثار تغير المناخ، ولكن أيضا من أجل التكيف مع المناخ لدعم أولئك الذين يعانون.
واختتم قائلاً: “لنتأكد من التزامنا بما يخبرنا العلم بفعله. خفض الارتفاع في درجة الحرارة كيلا يتعدى 1.5 درجة مئوية، حياد الكربون بحلول عام 2050، وانتقال عادل من أجل المناخ