الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

بالرغم من أن النساء قطعن شوطا طويلا منذ اعتماد منهاج عمل بيجين قبل حوالي 25 عاما، فإنهن ما زلن يتخلفن تقريبا عن أي هدف من أهداف التنمية المستدامة.

في إطار أعمال الدورة 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة عُقدت فعالية رفيعة المستوى تلفت الانتباه إلى أهمية أهداف التنمية المستدامة كخارطة طريق لعالم أكثر صحة ومساواة وسلاما.

الفعالية رفيعة المستوى بعنوان “وقفة مع أهداف التنمية المستدامة” هي الأولى من نوعها هذا العام، وستصبح حدثا سنويا يتزامن مع انطلاق أعمال الجمعية العامة كل سنة، وحثت خلالها الأمم المتحدة العالم على اتخاذ إجراءات جريئة للتعافي من كـوفيد-19 وبناء مستقبل أفضل للجميع.

وفي عرض عن واقع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في جميع مناطق العالم، تبيّن أن المنطقة العربية ليست على المسار لتحقيق تلك الأهداف. وقالت رولا دشتي، المديرة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، إنه قبل جائحة كوفيد-19، شهدت المنطقة العربية بالفعل الزيادة الوحيدة في معدلات الفقر المدقع على مستوى العالم.

وأضافت تقول: “دفعت الجائحة بـ 14 مليون شخص إضافي باتجاه دائرة الفقر، وخلّف الصراع 55 مليونا بحاجة إلى مساعدة إنسانية”.

ورغم أن المنطقة العربية خصصت نحو 100 مليار دولار للتخفيف من آثار كوفيد-19، لكنها بحاجة إلى 70 مليار دولار إضافية من السيولة.

وقالت دشتي “اعتمدت البلدان العربية إطارا لمكافحة الفقر متعدد الأبعاد، لكنها لا تزال بحاجة إلى اعتماد أنظمة حماية اجتماعية شاملة ومستدامة ماليا”.

المنطقة العربية هي واحدة من أكثر المناطق تفاوتا في العالم. إذ يمتلك 37 مليارديرا ما يعادل ما يملكه النصف الأفقر من السكان البالغين. وتابعت دشتي تقول: “إن إنشاء صناديق توفير وطنية تربط الأغنياء بالأكثر فقرا هو إجراء سياسي مبتكر للتخفيف من حدة الفقر والحد من عدم المساواة”.

وتحتل المنطقة الصدارة في أعلى معدلات البطالة بين النساء على مستوى العالم، وأقل المستويات في تمثيلهن السياسي، كما أن العنف القائم على النوع الاجتماعي آخذ في الارتفاع ويكلف المنطقة ما يُقدّر بـ 245 مليار دولار.

تقول رولا دشتي: “يجب على الدول العربية أن تركز أكثر على تمكين النساء اقتصاديا والاستمرار في التخلص من سياسات التمييز الاجتماعي وخلق الفرص لهنّ. إن الاستثمار في النساء أمر بالغ الأهمية لتحقيق مجتمعات عربية مستقرة وعادلة ومزدهرة”.

وفي صورة قاتمة أخرى، سجّلت المنطقة العربية أعلى درجات حرارة على الإطلاق، حيث وصلت إلى 55 درجة مئوية، مع توقع زيادة خمس درجات أخرى بحلول نهاية هذا القرن.

وأردفت المديرة التنفيذية للإسكوا تقول: “إن موارد المياه والأرض مستنفدة حقا، وما يقرب من 87 مليون شخص يفتقرون إلى مياه الشرب”.

وتحتاج المنطقة العربية، بحسب المسؤولة الأممية، إلى اعتماد سياسات متكاملة لإدارة المياه.

شملت الفعالية مشاركات لممثلين عن حكومات ومنظمات مجتمع مدني وسلطات محلية ومنظمات دولية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى الأطراف المعنية الأخرى. وعلى رأس المشاركِات، رسولة الأمم المتحدة للسلام، ملالا يوسفزاي، والتي حثت الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها إزاء تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وقالت: ” أود أن أعرف: متى تعتزمون القيام بالعمل؟ متى ستلتزمون بالتمويل المطلوب لإعطاء كل طفل 12 سنة من تعليم جيّد؟ متى ستضعون السلام وحماية اللاجئين كأولوية؟ متى ستمررون سياسات لتقليص انبعاثات الكربون؟”.

مضت خمسة أعوام منذ أن اتفقت الدول الأعضاء على أهداف التنمية المستدامة، وتمثل هذه الأهداف مستقبل ملايين الأشخاص، من فتيات ونساء وشباب يناضلون من أجل المساواة ومن أجل كوكب آمن.

وأضافت ملالا تقول: “كان كوفيد-19 انتكاسة للأهداف الجماعية. في التعليم وحده، 20 مليون فتاة إضافية قد لا تعود إلى مقاعد الدراسة عندما تنتهي هذه الأزمة.. إن الجائحة انتكاسة لكن لا يجب أن تكون عذرا”.
تهدف الفعالية الافتراضية لتوليد شعور متجدد بالإلحاح والطموح والمساءلة وإمكانية التغيير بينما يشرع العالم في عقد من العمل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 كي لا يتخلف أحد عن الركب.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في كلمته: “إن أهداف التنمية المستدامة هي خطة للتغلب على الفقر والجوع ومواجهة أزمة المناخ، وتحقيق المساواة بين الجنسين وأكثر من ذلك بكثير، في غضون السنوات العشر القادمة”.وقد تسببت جائحة كوفيد-19 في أزمة غير مسبوقة، وتسببت بفقدان الأرواح وسبل العيش وتعميق التفاوتات القائمة التي تجعل التقدم في تحقيق الأهداف أكثر صعوبة مع تأثر أفقر الناس وأكثرهم ضعفا في العالم أكثر من غيرهم.

وأضاف الأمين العام يقول: “في وقت يسود فيه قدر كبير من حالة عدم اليقين، توضح أهداف التنمية المستدامة الطريق إلى الأمام نحو التعافي القوي من كوفيد-19 ومستقبل أفضل للجميع على كوكب آمن وصحي”.

من جانبه أكد رئيس الجمعية العامة، فولكان بوزكير، أن التقدم في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة غير متسق وخرج عن المسار الصحيح حتى قبل أن يهز كوفيد-19 العالم.

وأضاف يقول: “بينما تشرع البلدان في كل العالم في خطط التعافي الاجتماعي والاقتصادي، دعوهم يسترشدون بأهداف التنمية المستدامة. دعونا نختار عالما أكثر مساواة وأكثر خضرة وأكثر مرونة”.

نائبة الأمين العام، السيّدة أمينة محمد، ترى أنه بالإمكان تحقيق أهداف التنمية المستدامة الطموحة: “يمكننا القضاء على الفقر والجوع. يمكن أن تتمتع النساء والفتيات بنفس الحقوق والفرص التي يتمتع بها الرجال والفتيان. يمكننا تجنب أزمة المناخ، ولكن يجب أن نقرر القيام بذلك الآن. ويجب أن نفعل ذلك معا، في مجتمعاتنا وفي تضامن مع المجتمع الدولي”.

وشهد اليوم أيضا تدشين منصة رقمية مخصصة للوقفة وذلك لمواصلة الضغط باتجاه زيادة الاستثمارات في مجال البيانات من أجل التنمية المستدامة.

وقالت السيّدة أمينة محمد: “ينبغي استخدام البيانات والتكنولوجيا حتى لا يتخلف أحد عن الركب ولبناء قدرات الشباب ومهاراتهم.. لجعل العالم الرقمي هو العالم الأساسي”.

ومن بين المشاركين في الحدث الافتراضي، دولتا لبنان والمغرب من المنطقة العربية.

حيث أكد ميشال عون، رئيس لبنان، في كلمة افتراضية، على تجديد بلاده الالتزام بالعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، رغم الظروف الصعبة.

وقال: “مما لا شك فيه أن عالمنا اليوم يواجه تحديات كبيرة انعكست بشكل مباشر على جميع البلدان وكان للبنان نصيب كبير منها، وهو الذي تعرّض لأزمات متلاحقة، من أزمة النزوح السوري الكثيف المستمرة منذ عشرة أعوام والتي فرضت علينا واقعا تنمويا ضاغطا”.

وفي خضم مكافحة جائحة كوفيد-19، وقع انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، وأسفر عن ضحايا بشرية وخسائر مادية كبيرة وآثار سلبية هائلة. وقال عون: “لن يتسبب ذلك في تفاقم الانكماش في النشاط الاقتصادي فحسب، لكنه سيؤدي أيضا إلى تعاظم معدلات الفقر”.

أما رئيس حكومة المملكة المغربية، سعد الدين العثماني، فأشار إلى أن بلاده أعلنت في تموز/يوليو قرار إطلاق خطة للإنعاش الاقتصادي يُضخ بموجبها 12 مليار دولار في الاقتصاد الوطني وإنشاء صندوق استثمار استراتيجي لمواكبة القطاعات الإنتاجية والمشاريع الاستثمارية الكبرى وتأمين التغطية الصحية.

ودعا إلى إيلاء عناية خاصة بأفريقيا لدعمها وتقوية مناعتها في مواجهة الجائحة، ومواصلة جهودها الرامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأضاف: “المغرب يدعو الأمم المتحدة لإنشاء صندوق خاص يدعم تنفيذ تلك الأهداف في أفريقيا”.

بعد مرور خمسة أعوام على تبني أهداف التنمية المستدامة، تحقق تقدم في بعض الجوانب، مثل تحسين صحة الأم والطفل، وتوسيع نطاق تمثيل المرأة في الحكومة. غير أنه وجد قصور في جوانب أخرى مثل تنامي انعدام الأمن الغذائي، وتدهور البيئة الطبيعية واستمرار وانتشار عدم المساواة.

ومع إغلاق المجتمعات وتباطؤ الاقتصادات، ترتفع مستويات الفقر لأول مرة منذ جيل، مما يهدد بمحو كل التقدم الذي تم إحرازه على مدى العقود الماضية.

وعلاوة على ذلك كله، فإن الضرر الذي أحدثه التغيّر في المناخ يتواصل بالازدياد، من حرائق مستعرة إلى فيضانات وعواصف إلى ارتفاع انعدام الأمن الغذائي والخسائر الاقتصادية. كما أن انبعاثات الكربون تعود بسرعة إلى مستويات ما قبل كوفيد-19 وقد وصلت تركيزات الغازات الدفيئة إلى مستويات قياسية جديدة.

وفي خضم الأزمة، تدعو الأمم المتحدة في هذه “الوقفة مع أهداف التنمية المستدامة” التي ستتكرر كل عام حتى سنة 2030 إلى تسليط الضوء على الأفعال والحلول التي تقدمها الدول الأعضاء والأطراف الأخرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *