الجمعة. أبريل 26th, 2024


صنف البنك الدولي لبنان على أنه دولة “هشاشة ونزاع وعنف”، وحذر من بروز عوامل محتملة للاضطرابات الاجتماعية في البلاد التي تعيش أزمة اقتصادية “خانقة” منذ أواخر 2019.

وتحت عنوان “لبنان يغرق في واحدة من أكثر فترات الأزمات العالمية شدة وسط تقاعس متعمد عن العمل”، أكد البنك الدولي في أحدث تقرير نشره ان البلاد تعاني من كساد اقتصادي “حاد وطويل الأمد”، مفيدا بأن الأزمة الاقتصادية والمالية قد تندرج ضمن “المراتب العشر الأول عالميا، وربما الثلاث الأوائل والأكثر حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر”.

انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في 2020 بنسبة 20.3% على خلفية انكماش بنسبة 6.7% في العام الذي سبق. وبحسب التقرير، فإن الناتج المحلي انخفض من 55 مليار دولار في عام 2018 إلى نحو 33 مليار دولار في 2020، وكذلك نصيب الفرد الذي انخفض بنحو 40% بالدولار.

و ربط البنك الدولي الانكماش “الوحشي” بالصراعات أو الحروب. وأشار إلى أنه بالنسبة للأوضاع النقدية والمالية شديدة التقلب، هبط متوسط ​​سعر الصرف بالبنك الدولي بنسبة 129% في 2020.

وصل سعر صرف الليرة في السوق السوداء الموازية إلى 15 ألفا للدولار الواحد في 15 مارس الماضي، في ما يمثل أكبر انخفاض منذ اندلاع الأزمة في أواخر 2019. علماً أنّ سعر الصرف المعتمد رسميا ما زال عند 1515 ليرة لبنانية.

و أطلق مصرف لبنان المركزي الأسبوع الماضي منصة إلكترونية في محاولة لضبط سعر الصرف، يتم من خلالها تداول سعر الدولار الفعلي عند حدود 12 ألف ليرة، فيما تتعامل المصارف التجاريّة مع زبائنها الذين لديهم ودائع بالعملة الأميركية من خلال منصّة أخرى اطلقت العام الماضي وتحدّد سعر صرف الدولار للسحب من ماكينات الصرف الآلي بسعر 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد.

انعكس هبوط سعر الصرف على الأسعار وأدى إلى ارتفاع التضخم الذي بلغ متوسطه 84.3% في عام 2020.

رجح البنك أن يرتفع انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنحو 9.5% في عام 2021، خصوصا “إذا استمر الوضع على ما هو عليه من دون القيام بخطوات.

يواجه لبنان استنزافًا “خطيرًا للموارد” بما في ذلك رأس المال البشري، ومن المرجح بشكل متزايد أن تستغل “العمالة الماهرة العالية الفرص المحتملة في الخارج” ما يشكل خسارة اجتماعية واقتصادية دائمة للبلاد، بحسب المدير الإقليمي للمشرق في البنك الدولي ساروج كومار.

أضاف كومار: “فقط حكومة ذات عقلية إصلاحية والتي تشرع في مسار موثوق نحو التعافي الاقتصادي والمالي بينما تعمل بشكل وثيق مع جميع أصحاب المصلحة، يمكنها عكس المزيد من الغرق في لبنان ومنع المزيد من التشرذم الوطني”.

جاء في التقرير أن الدعم الحالي للعملات الأجنبية “مشوه ومكلف وتراجعي”. بيد أن إلغاءه واستبداله ببرنامج “موجه أكثر فاعلية وكفاءة لصالح الفقراء” من شأنه أن يحسن ميزان المدفوعات ويطيل بشكل هادف الفترة الزمنية حتى استنفاد احتياطيات مصرف لبنان المتبقية.

جاء في التقرير أن أكثر من نصف السكان ربما يعيشون الآن تحت خط الفقر. كما ارتفع معدل البطالة إلى نحو  ‭‭40‬‬% أواخر العام الماضي من ‭‭28‬‬% في فبراير  ‭‭2020‬‬.

ينفق لبنان 6 مليارات دولار تقريبا على الدعم ويعاني من “حالة شلل سياسي ومن دين هائل” ويواجه صعوبات في إدخال العملات الأجنبية أو جذب الاستثمارات من الدول والمؤسسات المانحة، فيما هبطت احتياطيات المصرف المركزي في مارس/آذار إلى 15 مليار دولار بالمقارنة مع أكثر من 30 مليار دولار قبل الأزمة الاقتصادية التي حلت بالبلاد في 2019.

ركز التقرير أيضا على “تأثير الأزمات على أربع خدمات عامة أساسية”، وهي الكهرباء وإمدادات المياه والصرف الصحي والتعليم. وأوضح أن “الكساد المتعمد أدى إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر، مع وجود عدد أكبر من الأسر غير قادرة على تحمل تكاليف البدائل الخاصة، وبالتالي أصبحت أكثر اعتمادًا على الخدمات العامة.

أضاف: سيكون للتدهور الحاد في الخدمات الأساسية آثار طويلة الأجل، مثل الهجرة الجماعية وفقدان التعليم والنتائج الصحية السيئة ونقص شبكات الأمان المناسبة”.

وصف التقرير الدولي استجابة القيادات اللبنانية لهذه التحديات بأنها كانت “غير كافية إلى حد كبير”.

أكد أن التقاعس المستمر وغياب سلطة تنفيذية تعمل بكامل طاقتها، يهدد الظروف الاجتماعية والاقتصادية “السيئة بالفعل” والسلام الاجتماعي “الهش” مع عدم وجود نقطة تحول واضحة في الأفق.

رأى البنك أن الأسباب تكمن في “عدم وجود توافق سياسي حول مبادرات السياسة الفعالة”.

أشار أيضًا إلى “غياب التوافق السياسي في الدفاع عن النظام الاقتصادي المفلس والذي استفاد منه قلة لفترة طويلة”.

قدّر بنك الاستثمار العالمي كريدي سويس Credit Suisse الثروة الصافية المجمّعة في لبنان بنحو 232.2 مليار دولار في نهاية حزيران 2019، أي بارتفاع مقداره 4.6% من 222.1 مليار دولار في نهاية حزيران 2018. ولدى تحليل معدّلات الثروة، تبيّن أن 10% فقط يستحوذون على 70% من إجمالي الثروة الوطنيّة، فيما يستحوذ 1% من السكان، وهم الأكثر ثراءً، على 40% من هذه الثروة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *