الخميس. أبريل 18th, 2024

يشكل تأثير جائحة كوفيد-19 على السلام والأمن مصدر قلق ضاغط، وفقا لوكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، التي أفادت أمام مجلس الأمن الدولي بأن اتجاهات الفيروس التي نبهت إليها قد تفاقمت بالفعل.

وفي اجتماع مجلس الأمن، لمتابعة قرار وقف إطلاق النار 2532 المتعلق بالنداء العالمي لوقف إطلاق النار، قالت ديكارلو إن أكثر من مليوني شخص ماتوا بسبب كوفيد-19. وما يقرب من 100 مليون – أكثر من 1 في المائة من سكان العالم – أصيبوا بالعدوى. وفقد العمال أكثر من 3 تريليونات دولار من الأجور. وتستعد متغيرات جديدة من الفيروس لإطلاق موجات أشد من العدوى في وقت أصبحت فيه الأنظمة الصحية وشبكات الأمان الاجتماعي على حافة الهاوية”.

وأوضحت وكيلة الأمين العام أنه من خلال قلب الحياة والاقتصاد، وتحدي العلاقات المجتمعية، وتقويض الثقة في المؤسسات ذاتها التي تهدف إلى معالجة تداعياتها، “أدت الجائحة إلى تفاقم انعدام المساواة والفساد؛ وأسفرت عن تضليل ووصم وخطاب كراهية؛ وخلقت بؤر توتر جديدة وزادت مخاطر عدم الاستقرار.

وفيما أشارت وكيلة الأمين العام إلى الدعم واسع النطاق لدعوة الأمين العام لوقف إطلاق النار على الصعيد العالمي، والزخم الجديد التي أضافته في بعض الحالات لعمليات السلام المتعثرة، -بما في ذلك توقيع اتفاق وقف إطلاق النار من قبل الأطراف الليبية في 23 أكتوبر الذي يعد إنجازا كبيرا؛ ومفاوضات السلام في أفغانستان التي تعتبر فرصة لإنهاء عقود من عدم الاستقرار والصراع- لفتت ديكارلو الانتباه إلى أنه على الرغم من هذه التطورات الإيجابية، كانت لدعوة وقف إطلاق النار “نتائج متفاوتة في عدد من السياقات الأخرى. في بعض الحالات، للأسف، رأينا تصعيدا خطيرا”.

وأعطت ديكلرلو مثالا على ذلك ما جرى في جنوب القوقاز. فعلى الرغم من دعم كل من أرمينيا وأذربيجان لنداء الأمين العام لوقف إطلاق النار، اندلعت الأعمال العدائية واسعة النطاق في ناغورنو كاراباخ وحولها في أيلول/سبتمبر.

وقد شكلت الاشتباكات خطرا جديا بتصعيد إقليمي. ورحب الأمين العام بوقف إطلاق النار في 9 نوفمبر ودعا جميع الأطراف المعنية إلى التعاون الكامل مع كيانات الأمم المتحدة لضمان الوصول غير المقيد إلى المناطق المتضررة من النزاع.

ونوهت ديكارلو بالموقف الموحد للرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشأن تسوية شاملة ومستدامة للنزاع وأعربت عن أملها في أن يشرع كلا البلدين في مسار الحوار.

من جهته أشار وكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام جان بيير لاكروا، إلى أن الجائحة أجلت تنفيذ عملية السلام في جنوب السودان التي كانت أصلا تعاني من تحديات بسبب غياب الإرادة السياسية والموارد. وساهم هذا التأجيل في تأجيج غياب الثقة بين الأطراف.

وفي لبنان تسببت الجائحة في تفاقم وضع سياسي، اقتصادي واجتماعي صعب، حسب لاكروا الذي أشار أيضا إلى أن البعض في جمهورية أفريقيا الوسطى اتخذ الجائحة عذرا لتأجيل الانتخابات.

وذكر جان بيير لاكروا أن بعثات حفظ السلام ما زالت تضطلع بمهامها بموجب الولايات الموكلة إليها، بالتعاون مع الدول الأعضاء والبلدان المضيفة وتلك المساهمة بقوات، مشيرا إلى أن البعثات الأممية أبدت قدرتها على التكيف والصمود بل والابتكار.

على سبيل المثال قال وكيل الأمين العام إن البعثة المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) قدمت الدعم اللوجستي والاستشاري والفني بما في ذلك تيسير الاجتماعات الافتراضية ومفاوضات السلام. وذلك تمخض عن اتفاق السلام في جوبا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

“والآن، فإن جائحة كوفيد-19 وما يتعلق بها من قيود لا تنفك تشكل تحديات ومخاطر تكتنف اليوناميد”، بحسب لاكروا.

وفي هذا الصدد أوضحت روزماري ديكارلو أن ممثلي الأمم المتحدة الخاصين والمبعوثين والبعثات الأممية كان عليهم التكيف مع الواقع المتغير الذي أحدثته الجائحة، والجمع بين العمل بشكل افتراضي والحضور شخصيا إلى أماكن الاجتماعات، والإقدام على مجازفات محسوبة للوفاء بتفويضهم لتعزيز عمليات السلام، وتخفيف حدة الأزمات ومنع نزاع.

وأعطت مثالا على ذلك ما يقوم به مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن الذي لم يتوان عن بذل الجهود للمساعدة في إنهاء الصراع المدمر. وقد واصل دبلوماسيته المكوكية بالإضافة إلى عقد الاجتماعات الافتراضية. وبدعم من الحكومة السويسرية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، دعا المبعوث الخاص الأطراف بنجاح وأمان إلى الاجتماع في جنيف العام الماضي لإجراء محادثات أدت إلى أكبر عملية تبادل للأسرى منذ بدء النزاع اليمني.

كما يتواصل عمل الأمم المتحدة العاجل لإنهاء المعاناة في سوريا. وذكرت ديكارلو أن اللجنة الدستورية السورية عقدت اجتماعها الخامس في جنيف اليوم، ما اعتبرته دليلا على تصميم الشعب السوري على حل القضايا التي قوضت السلام في بلدهم الذي مزقته الحرب

وقال وكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيير لاكروا، إن جائحة كوفيد-19 سلطت الضوء على أهمية قيادة المرأة، مشيرا إلى أن النساء في الصفوف الأمامية للحد من آثار الجائحة والتخفيف من المخاطر السياسية المرتبطة بها.

وقال لاكروا إن النساء في جمهورية أفريقيا الوسطى دَعَون قادة البلاد إلى احترام نداء الأمين العام لوقف إطلاق النار.

وعلى الرغم من ذلك فقد فاقمت الجائحة من التفاوت الجنساني القائم. وأوضح لاكروا إن حوادث العنف المنزلي التي تتعرض لها المرأة والفتاة تضاعفت بشكل غير متناسب. فتأثرت المرأة بشكل ظالم نتيجة لاضطلاعها بكثير من المهام لا سيما في القطاعين الصحي والمنزلي.

وفي كلمتها أمام أعضاء مجلس الأمن، أعربت روزماري ديكارلو عن قلق خاص من تأثير كوفيد-19 على النساء والشباب وكذلك السكان الآخرين الذين يعانون من التهميش. ويشمل ذلك فقدان العمل والدخل والتصعيد الدراماتيكي للعنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف المنزلي. كما يتعرض الشبان والشابات لخطر التخلف عن الركب في التعليم والفرص الاقتصادية.

وكان مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية قد حذر في جلسة أيلول/سبتمبر من أن الجائحة وآثارها الثانوية ستضرب أكثر بلدان العالم هشاشة وتضررا من النزاعات، مشيرا في كلمته صباح اليوم أمام الهيئة الأممية المؤلفة من خمسة عشر عضوا، إلى أن العواقب الثانوية للفيروس تبدو أكثر فتكا.

وبينما نجح المجتمع الإنساني في الحفاظ على نمط تقديم المساعدة وتوسيع نطاقها إلى مستوى غير مسبوق، فإن هذا الجهد قد تفوق عليه النطاق المتزايد لهذه الأزمة، وفق لوكوك الذي طلب مساعدة المجلس في ثلاثة مجالات، هي:

أولاً، نحن بحاجة إلى تمويل فوري وسخي للنداء الإنساني العالمي الذي أصدرناه الشهر الماضي. في عام 2021، تحتاج منظومة الأمم المتحدة الإنسانية إلى 35 مليار دولار للوصول إلى 160 مليون شخص. ونحتاج إلى تمويل إضافي إذا ما أردنا تجنب أسوأ السيناريوهات المحدقة.

ثانياً، يجب على أصحاب المصلحة بذل المزيد من الجهد لتعزيز الدعم الذي تقدمه المؤسسات المالية الدولية لأعضائها الأكثر ضعفا.

وقال لوكوك “إنه لأمر مذهل بالنسبة لي أن من بين 110 مليار دولار تعهدت بتقديمها المؤسسات المالية الدولية منذ آذار/مارس، فإن 11.7 مليار دولار فقط، أي 10 في المائة فقط، وُجهت للبلدان منخفضة الدخل. ولم يتم توفير إلا 7 مليارات دولار فقط – ما يعادل حوالي 10 دولارات للفرد”.

ثالثاً، نحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات لضمان وصول اللقاحات إلى الأشخاص الأكثر ضعفا في العالم.

وقال لوكوك يجب على البلدان زيادة دعمها لمبادرة تـسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19 (ACT) ومرفق كوفاكس المعني بالإتاحة العادلة للقاحات. وبينما تقع على عاتقها مسؤولية أساسية عن تطعيم مواطنيها، فينبغي على الحكومات أيضا النظر في إعادة توجيه الجرعات الفائضة إلى دول أخرى من خلال كوفاكس. وشدد وكيل الأمين العام على أن هذا الأمر لا يتعلق بالسخاء بل يتعلق بالمصالح الذاتية للبلدان الغنية

واستشهد لوكوك بتحليل جديد نشرته صحيفة نيويورك تايمز يوم أمس يفيد بأن تطعيم البلدان الغنية بحلول منتصف العام ولكن ترك البلدان الفقيرة مغلقة إلى حد كبير، قد يؤدي إلى خسارة 9 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي – ما يقرب من نصف هذه التكاليف تتكبدها الدول الغنية نفسها.

وقال لوكوك هناك أسباب للأمل، إذ إن “السرعة التي تم بها تطوير اللقاحات الفعالة تعد إنجازا تاريخيا للبشرية”. لكنه أشار أيضا إلى الفشل الخطير في اتخاذ الإجراءات المناسبة لمساعدة دول العالم الأكثر ضعفا. وقال: “الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة. ستحدد قرارات اليوم مسارنا في السنوات القادمة”.

وأكد مسؤولو الأمم المتحدة في اجتماعهم صباح اليوم أنه كان من المستحيل التنبؤ بوقوع مثل هذه الجائحة. لكن العديد من عواقبها على السلام والأمن يمكن التنبؤ بها.

وقالت روزماري ديكارلو إنه ليس من المستغرب أن يكون كوفيد-19 أكثر ضرراً في الأماكن الأكثر ضعفاً وبين الأشخاص الأكثر استضعافا. وفي هذا السياق، دعت إلى أن يتضمن “التعافي بشكل أفضل” تعزيز قدرتنا على الوقاية عبر مزيد من الاستثمار السياسي والمالي. وأكدت على أن “دعم المجتمع الدولي في هذا المسعى أمر بالغ الأهمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *