السبت. مايو 4th, 2024

أعلنت منظمة الأغذية و الزراعة للأمم المتحدة أن إجراءات مكافحة جائحة كوفيد-19 تسببت في حالة غير مسبوقة من الضبابية وعدم اليقين بشأن سلاسل الأغذية العالمية، مع احتمال حدوث معوقات في أسواق العمل، وفي الإنتاج الصناعي والزراعي، وعمليات معالجة الأغذية، والنقل، واللوجستيات. كما يتوقع أن تحدث تغيرات في الطلب على الأغذية والخدمات الغذائية. وعلى المدى القصير، فإن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للجائحة تقطع التوقعات الإيجابية بشكل عام بشأن الإنتاج الزراعي العالمي واستهلاك الأغذية على المدى المتوسط. وتواجه الحكومات تحدياً يتمثل في وضع سياسات متوازنة لتلبية الاحتياجات الملحة مثل نقص اليد العاملة، وخلق ظروف متينة للقطاع الزراعي .

و جاء في تقرير فاو ان نمو العرض سيفوق نمو الطلب في السنوات العشر القادمة، مما سيتسبب في بقاء الأسعار الحقيقية لمعظم السلع عند مستوياتها الحالية أو أقل. كما يمكن أن تؤدي تقلبات العوامل المحركة للعرض والطلب إلى تفاوتات كبيرة في الأسعار. وفي الوقت ذاته من المتوقع أن يؤدي انخفاض الدخل المتاح للدول والأسر ذات الدخل المنخفض بسبب كوفيد-19 إلى انخفاض الطلب في السنوات الأولى من فترة هذه التوقعات، ويمكن أن يقوض الأمن الغذائي بشكل أكبر.

وتظل زيادة عدد سكان العالم المحرك الرئيسي لنمو الطلب، رغم أن أنماط الاستهلاك والتوجهات المتوقعة تتفاوت بشكل كبير بين الدول بحسب مستوى دخلها وتطورها. ويتوقع أن يصل معدل توفر الغذاء للشخص إلى نحو 3000 سعر حراري و85 غرام من البروتين يومياً بحلول 2029. وبسبب تحول النظم الغذائية عالميا نحو استهلاك المزيد من المنتجات الحيوانية والدهون وغيرها من الأغذية، فمن المتوقع أن تنخفض حصة الأغذية الأساسية في سلة الغذاء بحلول 2029 لجميع فئات الدخل. وبشكل خاص، يتوقع أن يستخدم المستهلكون في الدول المتوسطة الدخل دخلهم الإضافي لتحويل أغذيتهم بعيداً عن الأغذية الأساسية نحو منتجات أعلى قيمة. وفي هذه الأثناء يتوقع أن تؤدي المخاوف البيئية والصحية في الدول المرتفعة الدخل إلى التحول من البروتين الحيواني إلى مصادر بديلة للبروتين.

وستزداد أهمية الأسواق الدولية المفتوحة والشفافة بالنسبة للأمن الغذائي خاصة الدول التي تمثل فيها الواردات حصة كبيرة من إجمالي استهلاكها من السعرات الحرارية والبروتين. وبهذا الصدد قال المدير العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انجيل غوريا: “إن وجود نظام تجاري عالمي يعمل بشكل جيد ويمكن توقع تحركاته، يساعد في ضمان الأمن الغذائي العالمي ويتيح للمنتجين في الدول المصدرة للأغذية الازدهار. وقد أظهرت التجربة أن القيود على التجارة ليست جيدة للأمن الغذائي”.

بدوره قال المدير العام للفاو شو دونيو: “نحن بحاجة إلى سياسات أفضل وإلى المزيد من الابتكار وزيادة الاستثمارات وإلى قدر أكبر من الشمول لبناء قطاعات زراعية وغذائية ديناميكية ومنتجة ومرنة”.

وخلال العقد المقبل، يتوقع أن يأتي نحو 85 في المائة من النمو في انتاج المحاصيل العالمي من تحسن المحصول الناجم عن ارتفاع استخدام المدخلات، والاستثمارات في تكنولوجيا الانتاج وتحسن ممارسات الزراعة. وستشكل المحاصيل المتعددة كل عام 10 في المائة من نمو انتاج المحصول، ما يترك 5 في المائة فقط لتوسيع الأراضي الزراعية. وبحلول 2024، يتوقع أن يحل انتاج تربية الأحياء المائية محل انتاج المصائد الطبيعية كأهم مصدر للأسماك في العالم.  كما يتوقع أن يزيد الانتاج العالمي من الثروة الحيوانية بنسبة 14 في المائة، أي أسرع من الزيادة المتوقعة في أعداد الحيوانات. وسيزداد استخدام الأعلاف مع زيادة تربية الأحياء المائية والإنتاج الحيواني، إذ أن التحسينات في فعالية الأعلاف سيقابلها زيادة في كثافة الأعلاف بالنظر إلى انخفاض الزراعة المنزلية.

وتؤكد هذه التوقعات الحاجة المستمرة للاستثمار في بناء نظم غذائية منتجة ومرنة ومستدامة في مواجهة حالة الضبابية وعدم اليقين. وإلى جانب جائحة كوفيد-19 يواجه العالم تحديات أخرى من بينها غزو الجراد في شرق أفريقيا وآسيا، واستمرار انتشار حمى الخنازير الأفريقية، والظواهر المناخية المتطرفة التي أصبحت أكثر حدوثاً، والتوترات التجارية بين كبرى القوى التجارية في العالم. ويجب على النظام الغذائي أن يتأقلم مع الأنماط الغذائية المتغيرة وتفضيلات المستهلكين، والاستفادة من الابتكارات الرقمية في سلاسل إمدادا الزراعة والأغذية. وسيظل الابتكار مهماً لتحسين مرونة النظم الغذائية في مواجهة التحديات المتعددة.

وعلى افتراض استمرار السياسات والتقنيات الحالية، يتوقع أن تزداد الانبعاثات الزراعية الضارة بالبيئة بنسبة 0.5 في المائة سنوياً، ما يشير إلى انخفاض في كثافة انبعاثات الكربون من الزراعة. وستسهم الثروة الحيوانية في 80 في المائة من هذه الزيادة العالمية. ولكن ومع ذلك فإنه إذا لم يتم بذل جهود إضافية، فإن هذا التباطؤ سيكون أقل مما يمكن لقطاع الزراعة أن يفعله، بل ويجب أن يفعله، للمساهمة في تحقيق أهداف اتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *