كشف تقرير أممي جديد مدى خطورة العنصرية ضد العمالة الأجنبية في قطر، أعدته المقررة الخاصة للأمم المتحدة للعنصرية تينداي أتشيوم وستقدمه في وقت لاحق من هذا الأسبوع إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي.
وأعرب التقرير، الذي نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقتطفات منه، عن “مخاوف خطيرة بشأن التمييز العنصري الهيكلي ضد غير المواطنين” في قطر التي ستستضيف كأس العالم في 2022.
و ذكرت الجارديان إن التقرير يتميز بلغته التي لا هوادة فيها حيث تحدث عن اعتماد قطر لـ”نظام الطبقات الفعلية القائم على الأصل القومي”، وهو ما أسفر عن تمتع العمال من الدول العربية وأوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا بحماية حقوق الإنسان أكثر من العمال القادمين من دول جنوب آسيا ومن أفريقيا جنوب الصحراء.
ويقدر التقرير أن عدد العمال الأجانب في قطر يبلغ حولي المليونين. ويكشف أن الغالبية العظمى من العمال الذين يحصلون على أجور منخفضة هم من جنوب آسيا وشرق وغرب أفريقيا. ويعمل ما يقارب 18.500 عامل أجنبي حاليا في قطر في مشاريع بناء ملاعب كأس العالم، فيما عشرات الآلاف الآخرين يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة البلاد لكأس العالم مثل قطاعات البناء والضيافة والأمن.
وأكد التقرير الأممي أن العمال الذين يتقاضون أجورا متدنية يعانون من التمييز والاستغلال الشديدين، وأن استعداد قطر لاستضافة كأس العالم بعد حصولها على إذن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لتنظيم هذه المسابقة العالمية منذ حوالي 10 سنوات لم يدفع البلاد لتحسين وضع العمالة الأجنبية في ما يتعلق بحقوق الإنسان.
والغالبية العظمى من العمال الذين يحصلون على أجور منخفضة هم من جنوب آسيا وشرق وغرب أفريقيا
وذكر التقرير تفصيليًا قائمة من الانتهاكات التي يكون العمال الأجانب ضحية لها في قطر وتشمل عدم دفع الأجور وظروف العمل غير الآمنة والتنميط العنصري من قبل الشرطة والحرمان من الوصول إلى بعض الأماكن العامة.
وندد التقرير باستعمال مصطلح “الفرار” للإشارة إلى العمال الذين يفرون من أصحاب العمل المسيئين، وهو ما يعتبره المقرر الخاص للتقرير دليلا على “ظروف العمل المؤجرة أو القسرية التي هي حقيقة الكثير من العمال ذوي الدخل المنخفض في قطر”.
وذكر التقرير الأممي لمصطلح “الفرار” وعلاقة العامل الأجنبي بصاحب عمله القطري الانتقادات الموجهة لنظام الكفالة في البلاد والدعوات المتنامية لضرورة إدخال إصلاحات عليه.
وكانت اللجنة المنظمة لكأس العالم في قطر قد أجرت البعض من الإصلاحات في ما يتعلق بظروف العمل استجابة لشروط تنظيم كأس العالم، لكن ذلك يبقى غير كاف حيث يؤكد التقرير الأممي أنه “لا تزال هناك تحديات خطيرة”.
وكانت الحكومة القطرية قد ألغت في وقت سابق زيارة لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالرق في يناير، بعد وقت قصير من نشر النتائج الأولية للتقرير.
ومن المقرر أن يضاعف التقرير الأممي حول العنصرية تجاه العمالة الأجنبية في قطر الضغوط على الفيفا لاتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل التصدي لهذه الممارسات المشينة ووضع رئيسها جياني إنفانتينو أمام مسؤولياته خاصة أنه قال في يونيو الماضي “يجب علينا جميعا أن نقول لا للعنصرية وأي شكل من أشكال التمييز”.
وقامت منظمة “فير سكوير بروجكتس” التي تنشط في مجال حقوق الإنسان ولديها خبرة في متابعة أوضاع العمال المهاجرين في منطقة الخليج، بمراسلة الفيفا وشركات راعية لها لحثها على التحدث علنا بشأن هذه القضية.
وقالت المنظمة الحقوقية “العديد من العمال الذين تعرضوا لممارسات تمييزية في قطر هناك كنتيجة مباشرة لقرار الفيفا بمنحها تنظيم البطولة”.
وقال نيك ماك جيهان مدير المنظمة إن هذا التقرير الصادر عن أحد الأصوات الرائدة في العالم حول مناهضة العنصرية يجعل قطر تشكل اختبارا محوريا لالتزامات الفيفا ضد العنصرية ويثير أسئلة جدية لمقدميه. وتابع “تقع على عاتق الفيفا المسؤولية والأدوات لإحداث فرق هنا، ولكن للقيام بذلك نحن بحاجة إلى بيانات عامة قوية”.
ولم تعترف الفيفا بوجود ممارسات عنصرية ضد العمال الأجانب في قطر، ما يعني أن الاتحاد الدولي لكرة القدم لا يملك نوايا جدية أو الشجاعة والجرأة الكافيتين في التعامل مع الانتهاكات القطرية لحقوق العمال الأجانب، وهو ما يعيد إلى الأذهان شبهات الفساد التي حامت حول حصول قطر على حق تنظيم كأس العالم.
وكشفت تقارير إعلامية وحقوقية سابقة عن وفاة المئات من العمّال الأجانب في قطر خلال السنوات الماضية بسبب سوء ظروف عملهم في بناء منشآت كأس العالم ومن ضمنها إجبارهم على العمل في ظروف مناخية قاسية تتميّز بالارتفاع الشديد في درجات الحرارة.
وبحسب البعض من المصادر تم تسجيل 1102 إصابة بفايروس كورونا المستجد في أوساط العاملين في مشاريع تابعة للبطولة، بينما لا تزال 121 حالة منها نشطة.