كشف تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، أنّ ما يقارب 690 مليون شخص عانوا من الجوع في عام 2019، أي بزيادة قدرها 10 ملايين نسمة مقارنة بعام 2018، وبنحو 60 مليون نسمة خلال فترة خمس سنوات.
كما أن ارتفاع التكاليف وتراجع القدرة على تحملّها يعني أيضا، وفقا للتقرير، أن مليارات الأشخاص غير قادرين على تناول أغذية صحية أو مغذية.
الأمين العام، وفي تعليقه على تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، قال إن تقرير هذا العام يرسل إشارة ذات بعد واقعي، مفادها بأنه “في معظم أنحاء العالم، لا يزال الجوع راسخا ويتزايد.”
وأضاف أن البلدان تواصل مواجهة سوء التغذية بجميع أشكاله، بما في ذلك العبء المتزايد للسمنة، مشيرا إلى أن “جائحة كوفيد-19 تجعل الأمور أسوأ. قد ينزلق المزيد من الناس في براثن الجوع هذا العام. لا يمكننا السماح بحدوث ذلك.”
وأضاف الأمين العام بالقول: “التقرير واضح: إذا استمر الاتجاه الحالي، فلن نحقق هدف التنمية المستدامة في القضاء على الجوع ، بحلول عام 2030. يمكن أن يبدأ التغيير الآن.”
وشدد السيد أنطونيو غوتيريش على أن هناك حاجة إلى الاستثمارات في برامج الاستجابة لكوفيد-19 والتعافي من آثارها بهدف المساعدة في تحقيق هدفنا على المدى الطويل المتمثل في عالم أكثر شمولا واستدامة.
ودعا الأمين العام إلى جعل النظم الغذائية أكثر استدامة ومرونة وشمولا للناس والكوكب، قائلا إن هذا هو السبب وراء عقد قمة النظم الغذائية العام المقبل.
التقرير الأممي، يُحصى العدد الأكبر من الجياع في آسيا (381 مليون شخص)، تليها أفريقيا، التي تسجّل أسرع معدل زيادة (250 مليون شخص)، ثم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (48 مليون شخص).
وتشير التقديرات الواردة في هذا التقرير إلى أنّ جائحة كوفيد-19 قد تدفع بأكثر من 130 مليون شخص إضافي من جميع أنحاء العالم إلى دائرة الجوع المزمن بحلول نهاية عام 2020.
وحذّر رؤساء الوكالات الأممية الخمس، في مقدمة التقرير، من أنّه و”بعد مضي خمس سنوات على الالتزام العالمي بوضع حدّ للجوع وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية، لم نصل بعد إلى المسار الصحيح لبلوغ هذا الهدف بحلول عام 2030.”
في ظلّ مراوحة التقدم في مكافحة الجوع مكانه، تؤدي جائحة كوفيد 19 إلى تفاقم مواطن الضعف وأوجه القصور في النظم الغذائية العالمية، بما يعني أيضا جميع الأنشطة والعمليات التي تؤثر على إنتاج الأغذية وتوزيعها واستهلاكها.
ومع أنه من السابق لأوانه تقييم التأثير الكامل لعمليات الإغلاق التام وسائر تدابير احتواء الفيروس، تشير التقديرات الواردة في التقرير إلى أنّ 83 مليون شخص آخرين، وقد يصل عددهم إلى 132 مليون شخص، قد يعانون الجوع في عام 2020 نتيجة الركود الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد-19.
لا يقتصر التغلّب على الجوع وسوء التغذية بجميع أشكاله (بما في ذلك نقص التغذية، ونقص المغذيات الدقيقة، والوزن الزائد والسمنة) على تأمين ما يكفي من الغذاء للبقاء على قيد الحياة: فلا بدّ أن تكون الأغذية التي يتناولها السكّان، وخاصة الأطفال، مغذية أيضًا. لكن ثمة عائق رئيسي يتمثل في ارتفاع كلفة الأغذية المغذية وانخفاض قدرة أعداد كبيرة من الأسر على تحمّل تكاليف الأنماط الغذائية الصحية.
ويقدّم التقرير أدلّة تبيّن أنّ كلفة النمط الغذائي الصحي أعلى بكثير من 1.90 دولارا في اليوم، الذي يمثل خط الفقر الدولي. ويحدّد التقرير ثمن النمط الغذائي الصحي الأقل كلفة بخمسة أضعاف ثمن ما يكفي من النشويات فقط لإشباع الفرد الواحد. وتمثل منتجات الألبان الغنية بالمغذيات، والفاكهة والخضار والأغذية الغنية بالبروتينات (النباتية والحيوانية) أغلى مجموعات الأغذية على المستوى العالمي.
ويحثّ التقرير على إحداث تحوّل في النظم الغذائية لتقليص كلفة الأغذية المغذّية وجعل الأنماط الغذائية الصحية ميسورة الكلفة. ورغم اختلاف الحلول المحدّدة من بلد إلى آخر، وحتى ضمن البلد الواحد، تكمن الإجابات عمومًا في التدخلات على طول سلسلة الإمدادات الغذائية، وفي البيئة الغذائية، وفي الاقتصاد السياسي الذي يحدّد أشكال التجارة والنفقات العامة وسياسات الاستثمار.
وتدعو هذه الدراسة الحكومات إلى تعميم التغذية في النُهج التي تتّبعها في مجال الزراعة؛ والسعي إلى تقليص العوامل التي تزيد تكاليف إنتاج الأغذية وتخزينها ونقلها وتوزيعها وتسويقها؛ ودعم صغار المنتجين المحليين لزراعة كميّات أكبر من الأغذية المغذية وبيعها، وضمان وصولهم إلى الأسواق؛ وإسناد الأولوية لتغذية الأطفال باعتبارهم الفئة الأشدّ حاجة إليها؛ والتشجيع على تغيير السلوك من خلال التثقيف والتواصل؛ وترسيخ التغذية في نظم الحماية الاجتماعية واستراتيجيات الاستثمار على المستوى الوطني.