قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن الجماعات الإرهابية في محاولاتها لترويج أيديولوجياتها المتطرفة، تستخدم مجموعة من تقنيات الإعلام الرقمي والتطبيقات الحديثة، حيث تضع تلك الجماعات على رأس أولوياتها عملية تجنيد المتعاطفين مع الأفكار الإرهابية عبر الإنترنت عنصرًا أساسيًّا في استراتيجيتها.
وأضاف المرصد أن تلك الجماعات تعمل على تبني التكنولوجية الحديثة، على الرغم من عدائها للتحديث والعولمة التي تعتبرها أفكارًا وأنظمة كفرية تسعى إلى إزالتها وتدميرها. هذا العداء لا يثني تلك الجماعات عن الاستفادة من منجزات الحداثة الرقمية لترويج أفكارها الظلامية والمتطرفة بغية بناء قاعدة دعمها وتجنيد إرهابيين جدد وجمع التبرعات.
وأوضح المرصد أن التنظيمات الإرهابية توظف كل وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية مثل “فيس بوك وتويتر”، وكذلك التطبيقات مثل “تليجرام” أو تطبيقات الفيديو القصيرة “تيك توك” وتطبيقات مؤتمرات الفيديو المشفرة مثل “زووم”. بالإضافة إلى تلك التطبيقات والمنصات التي تقوم التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة والجماعات النازية واليمينية المتطرفة باستخدامها لترويج أفكارها من خلالها، ولتلقي الدعم والتبرعات وتجنيد أفراد جدد كمنصات شبكة “الديب ويب” مثل “شان-8″، نجد أن تلك التنظيمات تستخدم بين أعضائها تطبيقات حديثة مخصصة للمحادثات الفورية المشفرة والآمنة كتطبيق “Threema” بهدف تنسيق العمليات الإرهابية والتواصل بين أفراد التنظيم.
وبيَّنَ المرصد أن التنظيمات الإرهابية في استخدامها لتلك الوسائل والتطبيقات مرت بعدة مراحل، ففي البداية استخدمت تلك التنظيمات مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك وتويتر” لنشر أفكارها ولتجنيد عناصر جديدة، ونتيجة الضغوط التي تعرضت لها تلك التنظيمات على شبكات التواصل الاجتماعي التقليدية عبر التضييق الحكومي والأممي على الأنشطة السيبرانية لتلك التنظيمات الإرهابية وغلق كثير من حسابات التنظيمات على تويتر وفيس بوك، عززت التنظيمات الإرهابية من حضورها بالمنصات المشفرة كـ “تليجرام” لما يوفره من درجة سرية عالية لصعوبة اختراقه والوصول لمستخدمه أو تتبع رسالته وحذف الحسابات الإرهابية من عليه.
وتقوم التنظيمات الإرهابية عبر تطبيق “تليجرام” وهو تطبيق للمراسلات وإرسال الصور وبث مقاطع الفيديوهات من خلاله، بالإعلان عن عملياتها وترويج إصداراتها المرئية والمسموعة، كما دأب تنظيم داعش على استخدام هذا التطبيق لبث كلمات زعيم التنظيم السابق الإرهابي “أبو بكر البغدادي” والمتحدث الرسمي باسم التنظيم “أبو حمزة القرشي” وغيرهم من قيادات التنظيم، وكذلك في تنسيق عملياته الإرهابية كتفجيرات باريس في نوفمبر 2015، وتفجير ملهى ليلي بإسطنبول في يناير 2017، حيث استخدم مُنفذه التطبيق لتلقي التعليمات من مسئوله بمدينة الرقة السورية، وتفجير “معهد الأورام” في أغسطس 2019.
وكان المرصد قد كشف في نوفمبر 2018 عن قيام تنظيم “القاعدة” بالترويج لأفكاره، عبر شبكة القاعدة على تطبيق “تيليجرام” والتي تضم قنوات بلغات مختلفة (منها العربية والإنجليزية والأُردية والألمانية) وهي بمنزلة أبواق إعلامية متعددة الوجوه للتنظيم المركزي (AQC) وقنواته الرسمية، وكذلك لأفرع التنظيم، مثل حركة الشباب المجاهدين في الصومال أو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي.
وأشار المرصد إلى أن الانتشار السريع والواسع لتطبيقات الفيديو القصيرة مثل “تيك توك”، وعدد ونوعية الأشخاص الذين يتفاعلون عليه تعد من الفئات المستهدفة للجماعات الإرهابية. فالتطبيق في غضون عام واحد فقط من إطلاقه، يحتوي بالفعل على 100 مليون مستخدم و1 مليار مشاهدة فيديو يوميًّا. أدت هذه المزايا إلى قيام التنظيمات الإرهابية بتفعيل العديد من الحسابات التي تروج لأفكار تلك التنظيمات.
وأردف المرصد أن الجماعات الإرهابية تستغل تفشي كورونا وما أتاحه من ازدياد عدد المستخدمين لمواقع التواصل والتطبيقات الرقمية في عملية التجنيد ونشر أفكارها الهدامة، وبث الأيديولوجية المتطرفة مباشرة إلى المنازل، خاصة أن التركيز على التعامل مع الفيروس التاجي حدَّ من قدرة الأجهزة الأمنية على تعقب تلك الحسابات.
وتابع المرصد أنه من بين تلك التطبيقات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية “تطبيق مؤتمرات الفيديو المشفرة Zoom”، حيث نشرت صحيفة “ذا ناشونال” البريطانية، تقريرًا قالت فيه إن هناك زيادة كبيرة في النشاط المتطرف للإخوان عبر الإنترنت في بريطانيا، في ظل استغلالهم لأزمة فيروس كورونا وإجراءات الإغلاق التي تتخذها الحكومة للحد من انتشار الوباء، لافتة إلى أن الجماعة الإرهابية تقوم باستخدام تطبيقات مثل “زووم” لنشر أفكارها المتطرفة وتجنيد أعضاء جدد، وذلك على غرار تطبيق “يورو فتوى” الخاص بالأب الروحي للجماعة يوسف القرضاوي.
واختتم المرصد بيانه بالتأكيد على أنه الضغوط التي تتعرض لها الجماعات الإرهابية، دفعت العناصر الإرهابية إلى استغلال منصات وتطبيقات الفضاء الإلكتروني والمنصات المشفرة، وذلك بغية إيجاد قنوات تجنيد لعناصر جديدة والبحث عن تمويل للأنشطة الإرهابية.