نجح علماء إسبان في عكس مرض ألزهايمر لدى الفئران باستخدام تقنية جديدة تعتمد على جسيمات نانوية تُحقن في الجسم، في إنجاز علمي قد يمهد لعلاج مشابه لدى البشر خلال السنوات المقبلة.
وكشفت الدراسة، التي أجراها فريق من معهد الهندسة الحيوية في كاتالونيا (IBEC) بالتعاون مع علماء من الصين وجامعة كوليدج لندن، أن الجسيمات النانوية تصلح الحاجز الدموي الدماغي — الجدار الخلوي الذي يحمي الدماغ من السموم — وتعيد له وظيفته الحيوية في التخلص من المواد الضارة.
وفي مرض ألزهايمر، يتعرض هذا الحاجز لتدهور يؤدي إلى تراكم بروتين سام يعرف باسم “أميلويد بيتا” داخل أنسجة الدماغ، وهو ما يُعتقد أنه السبب الرئيس لتطور المرض.
ويقول قائد الدراسة، البروفيسور جوزيبي باتاليا، إن التقنية الجديدة “رائعة” لأنها تعالج الخلل من جذوره، عبر إعادة تنشيط قدرة الدماغ على طرد البروتينات السامة واستعادة وظائفه الإدراكية.
وأضاف في تصريحات لـ”ديلي ميل”: “عندما نصلح الحاجز الدموي الدماغي، يتحسن أداء الدماغ في تنظيف نفسه من السموم، وتبدأ وظائفه في العودة إلى طبيعتها”.
وأوضح باتاليا أن الجسيمات النانوية المستخدمة هي كرات مجوفة متناهية الصغر مصنوعة من مواد بوليمرية آمنة طبيا، يبلغ قطرها أقل من 200 نانومتر، أي ما يعادل ربع في المئة من عرض شعرة الإنسان.
وتُحقن هذه الجسيمات في مجرى الدم لتصل إلى الحاجز الدموي الدماغي التالف، حيث تلتصق بالخلايا العصبية وتعيد تنشيطها من خلال تركيبها الكيميائي المعدل بعناية.
وأشار باتاليا إلى أن هذه الجسيمات تعمل على تحفيز بروتين أساسي يعرف باسم LRP1، وهو المسؤول عن نقل بروتين “أميلويد بيتا” من الدماغ إلى مجرى الدم ليتم التخلص منه. وفي حالة ألزهايمر، يتعطل هذا النظام، فيتراكم البروتين ويؤدي إلى تلف خلايا الدماغ.
ولإثبات فعالية العلاج، استخدم العلماء فئرانا معدلة وراثيا لإنتاج كميات كبيرة من بروتين “أميلويد بيتا”، ما تسبب في ضعف إدراكي شبيه بأعراض ألزهايمر.
وبعد 3 جرعات فقط من الجسيمات النانوية، لاحظ الفريق انخفاضا يتراوح بين 50 و60% في كمية البروتين السام داخل الدماغ خلال ساعة واحدة من الحقن.
وفي تجربة أخرى، عولج فأر في عمر 12 شهرا (ما يعادل نحو 60 عاما في عمر الإنسان)، وبعد 6 أشهر من العلاج بدا وكأنه استعاد وظائفه الإدراكية بالكامل، أي ما يشبه الشفاء التام.
ورغم أن التجارب اقتصرت حتى الآن على الفئران، يرى العلماء أن تشابه بنية الحاجز الدموي الدماغي بين الإنسان والحيوان يجعل فرص نجاح التقنية على البشر عالية جدا.
ويؤكد باتاليا أن الخطوة التالية هي إجراء دراسات موسعة حول السلامة والسمّية تمهيدا للانتقال إلى التجارب السريرية.
وقال: “إذا سارت الأمور كما نأمل، فقد تبدأ التجارب البشرية الأولية خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما قد يفتح الباب أمام علاج ثوري لمرض ألزهايمر عبر إصلاح نظام الدفاع الذاتي في الدماغ