أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، دراسة بعنوان “المسار التشريعي للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.. هل قام مجلس النواب بدوره لتحقيق أهداف الاستراتيجية؟”، وذلك بمناسبة اقتراب منتصف المُدة المقررة لتنفيذ الاستراتيجية والتي تنتهي في سبتمبر 2026، حيث توضح الدراسة مدى استجابة مجلس النواب للنتائج المستهدفة في الاستراتيجية والتي تتطلب صياغة أو تعديل قوانين كما وردت في محاور الاستراتيجية الأربعة، وذلك عن طريق حصر أنشطة مجلس النواب وتحديد التدخلات التشريعية التي قام بها منذ إعلان رئيس الجمهورية عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021 وحتى الآن.
وقد استهدفت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان إصدار وتعديل قرابة (33) تشريعًا يخدم تحقيق النتائج المستهدفة في المحاور الأربعة للاستراتيجية، لذلك تعتمد الدراسة على متابعة ما قام به مجلس النواب تجاه هذه التشريعات، سواء في مرحلة الاقتراح أو المناقشة أو الصياغة، وصولًا إلى القوانين التي صُدرت بالفعل، وهو ما يؤدي إلى قياس مدى نجاح مجلس النواب في القيام بالدور المنوط به في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية. كما توضح الدراسة دور الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب في العمل على تنفيذ المسار التشريعي للاستراتيجية، وتتناول الأولويات التشريعية المطروحة للنقاش.
وتشير الدراسة إلى أن مجلس النواب نجح فعليًا في تحقيق 9% فقط من المتوقع تحقيقه على مدار أكثر من عامين، وذلك عن طريق الموافقة على 3 تشريعات، وهو معدل بطيء للغاية، بينما نجح مجلس النواب في إثارة النقاش حول عدد 10 موضوعات أخرى، بما يمثل 30% من إجمالي الموضوعات المستهدفة، في حين لم يتم تسليط الضوء على حوالي 61% من إجمالي التشريعات المستهدفة، وهو ما يعكس في النهاية وجود قصور ملحوظ في أداء مجلس النواب تجاه تحقيق الأهداف المطلوبة.
وتوضح الدراسة أن دور الانعقاد الثالث لمجلس النواب شهد الموافقة على (188) مشروع قانون، ومع ذلك فإن القوانين التي تم إقرارها أو تعديلها المرتبطة بأهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان هي قانون واحد فقط، أي أقل من 1% فقط من إجمالي التشريعات التي أقرها مجلس النواب خلال دور الانعقاد الثالث. كذلك فإنه وبمرور قرابة 4 أشهر من دور الانعقاد الرابع الذي بدأ في أكتوبر 2023، فإن مجلس النواب أقر تشريعًا واحدًا متعلق بالاستراتيجية الوطنية، والمتمثل في تعديل قانون الإجراءات الجنائية، ليتيح استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات من جميع أنواع المحاكم.
كما تشير الدراسة إلى أنه بالرغم من قوة التمثيل الحزبي داخل مجلس النواب، فإن الاهتمام بالمسار التشريعي للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان جاء بعيدًا تمامًا عن اهتمام الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، فبينما استهدف المسار التشريعي للاستراتيجية الوطنية حوالي 33 تشريعًا، نجد أن مشروعات القوانين التي تم مناقشتها، سواء تم إصدارها أو لا زالت قيد المناقشة تبلغ (13 مشروع قانون)، ليتضح أن حزب واحد فقط هو من تقدم بمشروع قانون من القوانين المستهدفة في الاستراتيجية، وهو مشروع قانون تقنين أوضاع العاملين في الخدمة المنزلية، ومقدم من النائبة هالة أبو السعد عضو حزب مصر الحديثة.
فيما تم طرح مشروعي قانون، من جانب نائبة مستقلة، حيث طرحت النائبة نشوى الديب، مشروع قانون لتعزيز حقوق كبار السن، ومشروع قانون شامل لحماية المرأة من العنف يتضمن تعديلات على قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية فيما يخص المواد التمييزية، ويُجرم جميع أشكال العنف ضد المرأة. وفي المقابل، يتضح أن (10) مشروعات وتعديلات على القوانين كانت مقدمة من الحكومة إلى مجلس النواب، وهو ما يشير إلى أن الحكومة هي من كانت أكثر حرصًا على تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بينما لعب مجلس النواب دورًا أقل في تنفيذ المسار التشريعي الوارد في الاستراتيجية.
من جانبه، قال أيمن عقيل الخبير الحقوقي الدولي، ورئيس مؤسسة ماعت، إن متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، هي الضمانة الأساسية لقياس مدى تحقق النتائج المستهدفة منها. وفي الوقت الذي حققت فيه الدولة تقدم ملحوظ في تنفيذ بعض جوانب الاستراتيجية، فإننا لاحظنا وجود قصور في أداء مجلس النواب تجاه القيام بدوره والعمل على تنفيذ الأهداف الواردة بالاستراتيجية وتتعلق بالجانب التشريعي، خاصة القوانين التي تم مناقشتها في جلسات الحوار الوطني، وعلى رأسها قانون حرية تداول المعلومات، والقانون الموحد للقضاء على العنف ضد المرأة، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية.
ويشير إسلام فوقي، مدير وحدة دعم الديمقراطية بمؤسسة ماعت، إلى أن مجلس النواب يسير بخُطى بطيئة تجاه تحقيق أهداف الاستراتيجية، فحينما وافق مجلس النواب أخيرًا على تشريع يتيح استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات من جميع أنواع المحاكم، وهو أحد أولويات الاستراتيجية الوطنية، فإن هذا التحرك جاء في اللحظات الأخيرة، كون هذا التشريع له إلزام دستوري ينص على ضرورة وجوده خلال 10 سنوات من تاريخ العمل بالدستور، وكان ملفتًا أن يتم الموافقة على القانون يوم 16 يناير 2024، في حين أن المُدة الدستورية المحددة تنتهي يوم 17 يناير 2024، أي أن مجلس النواب احتاج 10 سنوات كاملة للموافقة على تشريع منصوص عليه في الدستور.
من جانبه، يدعو أحمد صلاح، نائب مدير وحدة دعم الديمقراطية بمؤسسة ماعت، أن يبادر مجلس النواب ويجعل دور الانعقاد الحالي، هو “دور انعقاد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان” ويضع أمامه كل التشريعات المرتبطة بالاستراتيجية الوطنية حيث أنه يستطيع إنجازها قبل بدء دور الانعقاد الخامس والأخير، والذي سيشهد انشغال الأحزاب والبرلمانيين بالإعداد للانتخابات البرلمانية القادمة، كما يدعو لتكامل الجهود بين البرلمان وأمانة الحوار الوطني ولجنة العفو الرئاسي، لتحقيق الأولويات المتفق عليها وطنيًا.
لقراءة الدراسة، يرجي زيارة الرابط التالي: https://maatpeace.org/?p=41350