خلال فعاليات اليوم الثاني من النسخة الرابعة من المنتدى بحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، شارك عدد الشباب المشاركين في جلسة نقاشية بعنوان “مسارات الطاقة: التوجه نحو مستقبل أكثر أماناً”، بمشاركة قائمة تضم نخبة من المتحدثين تضم كل من، د. محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة، ومحمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، ورنا غنيم، رئيس قسم أنظمة الطاقة والبنية التحتية في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو”.
تناولت الجلسة في بدايتها مناقشة الأزمة التي ضربت العالم خلال العاميين الماضيين في مجال الطاقة، والتي مثلت الفجوة الواضحة بين العرض والطلب، والتي أدت إلى صدمة لدي معظم القطاعات الإنتاجية، فخلق موجة تضخمية هي الأعلى منذ سبعينات القرن الماضي.
استهل وزير الكهرباء والطاقة المتجددة كلمته، موضحًا الآثار التي خلفتها جائحة كورونا وتأثيرها على قطاع الطاقة، مما أدي لإنخفاض الطلب على مصادر الطاقة نتيجة قلة الإنتاج، وأكد “شاكر” عدم تأثر مصر بتلك الأزمة نتيجة وجود فائض في إنتاج الطاقة الكهربائية لديها، وتنوع استثمارات الحكومة في مصادر الطاقة.
وأضاف “شاكر” أن الحكومة المصرية تستهدف توفير ما نسبته 42% من الإنتاج الكهربائي من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2025 بالمقارنة بـ 20% في 2022، بالإضافة لإنخفاض سعر إنتاج الكيلو وات من الطاقة الكهربائية المولدة من الطاقة الشمسية لـ 2 سنت، ولـ 2.85 سنت من طاقة الرياح.
تحدث فرانكلين أوسويتا، العضو المنتدب في شركة “Pacific energy systems limited” عن أسباب أزمة الطاقة العالمية وانعكاساتها على سوق الطاقة الحالي، وذكر أن الاستثمارات العالمية في مجال التنقيب عن الطاقة قد انخفضت خلال العاميين الماضيين في مقابل زيادة الطلب على مصادر الطاقة، مما أحدث مشكلة حقيقية في مجال الطاقة، وهو ما يتطلب حلولاً عالمية، حتى لا تستمر أسعار الطاقة في الارتفاع.
وأشار عماد غالي، العضو المنتدب السابق في شركة سيمنز مصر والمدير التنفيذي الحالي لشركة “SDSmena”، إلى الخيارات والمسارات المختلفة أمام دول العالم، وهل ستتجه نحو تطوير مصادر الطاقة المتجددة، أم ستعمل علي زيادة المعروض من الطاقة التقليدية، وذكر أن الاتجاه الصحيح والذي باتت تسلكه أغلب الدول هو التوجه نحو تطوير مصادر إنتاج الطاقة المتجددة.
وأضاف “غالي” أن انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة في تطور مستمر نتيجة انخفاض أسعار تكلفة معدات التشغيل وتخزين الطاقة، مشيرًا إلى أن التحدي الحقيقي أمام أغلب الدول حاليا هو كيفية تقليل استخدام الطاقة التقليدية بالتدريج، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، خاصًة ضرورة استخدام الهيدروجين الأخضر كمسار استراتيجي في الطاقة المتجددة واستخدامه في صناعات كثيرة مثل النقل والحديد والصلب وتخزين الطاقة وغيرها.
وأوضح محمد أبو العينين، رئيس مجلس إدارة شركة كليوباترا جروب ووكيل مجلس النواب الحالي ورئيس لجنة الصناعة والطاقة السابق بمجلس النواب، تأثير المسارات المتاحة المختلفة على الأنشطة الإنتاجية كافة الصناعية والزراعية والخدمات، بالإضافة لانعكاس ذلك على الأهداف الاقتصادية المتمثلة في دفع معدلات النمو والتشغيل.
ذكر “أبو العينين” أن مُشكلة الطاقة الحالية مُشكلة مركبة، فقد سببت الجائحة الحالية مشكلة في العرض والطلب، ورغم ذلك كان عام 2021 هو الأعلى تلوثاً على مدار التاريخ، وذلك بسبب زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري بشكل كثيف خلال ذلك العام، كما ذكر أن العامل يسعي حالياً نحو الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة المتجددة، لكن تظل المشكلات التقنية الحالية وارتفاع التكلفة هو العائق أمام الاستفادة المثلي منها.
وعرضت رنا غنيم، رئيس أنظمة الطاقة والبنية التحتية في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو”، أن التوجه نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة لم يعد خياراً بل اتجاهاً إجبارياً أمام كافة الدول، فالعالم يواجه مشكلات مناخية حقيقية وتجاهلها قد يؤدي لنتائج كارثية على العالم كافة والدول النامية والأفريقية بشكل خاص، ثم تحدثت د/ غنيم حول دور القارة الأفريقية في الحد من استعمال الطاقات التقليدية، في ضوء ما تمتلكه من مصادر طاقة متجددة، كما دعت لتطوير وحث العالم علي زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة.
وفي نهاية الجلسة أوصي المتحدثون بمجموعة من التوصيات منها، زيادة حجم وفاعلية التمويل الدولي المستدام من قبل مؤسسات التنمية متعددة الأطراف، الموجه للدول النامية لدعم التحول للطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر بشروط ميسرة، والتأكيد على الجهود الدولية الرامية لزيادة فاعلية السياسات الحكومية الداعمة للاستثمار الخاص الموجهة للطاقة النظيفة، وحث منتجي الطاقة التقليدية على حفظ استقرار الأسواق، لتحقيق التعافي الاقتصادي العالمي، والتأكيد على الوفاء الكامل بالالتزامات التمويلية المقررة بموجب اتفاق باريس وتعزيز المسألة المتبادلة بين المانحين والمتلقين لتسريع التحول للطاقة المتجددة، وتبني آلية أممية لرفع تكلفة استخدام الفحم كمصدر للطاقة، وذلك بهدف تسريع وتيرة التحول للطاقة المتجددة، والتأكيد على دور الغاز الطبيعي كمعبر للطاقات المتجددة في عملية التحول طويلة الأمد، وتبني حوافز اقتصادية على المستوي الأممي لخفض تكلفة انتاج المعادن الصناعية المستخدمة في تطوير معدات الطاقة المتجددة.
كما اقترح المتحدثون مجموعة من المبادرات لتفعيل التوصيات السابقة وتشمل، إنشاء صندوق لضمان مخاطر الاستثمارات الخضراء والهيدروجين الأخضر في الدول النامية، يكون هدفه تحفيز الاستثمارات الخضراء في الدول النامية وبصفة خاصة الاستثمار في ذلك المجال، وتكون جهة التنفيذ المقترحة هي الأمم المتحدة، ويمول ذلك الصندوق مؤسسات التنمية متعددة الأطراف، وتمويل المناخ المقرر بموجب اتفاق باريس.
بالإضافة إلى إنشاء صندوق عالمي لتمويل تحرير براءات الاختراع المتعلقة بصناعات الطاقة المتجددة، يكون هدفه خفض تكلفة إنتاج معدات الطاقة المتجددة، وتكون جهة تنفيذه المقترحة هي منظمة الأمم المتحددة للتنمية الصناعية (يونيدو)، ويمول البنك الدولي هذا المشروع.
فضلًا عن عقد اتفاقية دولية لإزالة التعريفات الجمركية أمام المعادن الداخلة في قطاع الطاقة المتجددة لخفض تكلفة إنتاج معدات الطاقة المتجددة على أن تكون تلك الاتفاقية تابعة لمنظمة التجارة العالمية، وإنشاء مركز استشارات الطاقة المتجددة ليكون الهدف منه إنشاء بيت للخبرة لتقديم الاستشارات الفنية والتدريب فيما يتعلق بإنتاج وتطوير واستخدام الطاقة المتجددة في الدول النامية، وتكون الدولة المصرية بالتعاون مع الإتحاد الأفريقي