السبت. نوفمبر 23rd, 2024

بين الربع والنصف، ذلك هو مدى الانخفاض الذي يتعين أن تسجله مستويات ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الاحتباس الحراري على مدار العقد القادم للحفاظ على هدف إبقاء الاحترار العالمي في حدود أقل من درجتين مئويتين. والطريقة الأسرع والأفضل من الناحية العملية هي إنشاء اتفاق دولي يضع حدا أدنى لأسعار الكربون.

وهذا الأمر يهم صندوق النقد الدولي لأن تغير المناخ يفرض مخاطر ضخمة على كفاءة عمل اقتصادات العالم. ومن شأن سياسات المناخ الصحيحة أن تعالج هذه المخاطر وأن تتيح فرصا هائلة أيضا أمام الاستثمارات التحويلية، والنمو الاقتصادي، والوظائف الخضراء – حتى أن مجلسنا التنفيذي وافق مؤخرا على مقترحات لجعل تغير المناخ جزءا من أنشطتنا المنتظمة في إطار الرقابة الاقتصادية على البلدان الأعضاء * وكذلك برنامج تقييم الاستقرار المالي. *

وتسعير الكربون – الذي بات من المقبول على نطاق واسع أنه أهم أداة للسياسات من أجل تحقيق التخفيضات الهائلة التي نحتاج إليها – يحتل موقعا مركزيا في مناقشاتنا بشأن السياسات مع البلدان الأعضاء. فمن خلال جعل مصادر الطاقة الملوِّثة أعلى تكلفة من المصادر النظيفة، يتيح تسعير الكربون حوافز لتحسين كفاءة استخدام الطاقة.

يجب  أن يرتكز على حد أدنى لسعر الكربون: هذه أداة للسياسات كفؤة وملموسة وسهلة الفهم. ومن شأن التحرك المتزامن بين كبار مُصْدِري الانبعاثات لزيادة أسعار الكربون أن يحقق إجراءً جماعيا لمكافحة تغير المناخ ويوفر في الوقت نفسه معالجة حاسمة لقضايا التنافسية. والتركيز على الحد الأدنى لسعر الكربون يأتي موازيا لمناقشة جارية حول تطبيق حد أدنى لمعدل الضريبة في نظام ضرائب الشركات الدولية. وبشكل أعم، فإن لأوروبا تاريخ طويل في التنسيق الدولي من خلال حدود دنيا لمعدلات الضريبة.
و أن أن يُصمَّم على أساس براغماتي: ينبغي أن يكون الاتفاق منصفا ومرنا ويعكس المسؤوليات المتباينة للبلدان في ضوء عوامل من بينها مستويات انبعاثاتها التاريخية ومستوياتها التنموية. ومن السبل الممكنة لتحقيق ذلك، مثلا، أن تتضمن الاتفاقية مستويين أو ثلاثة مستويات مختلفة للأسعار تتغير تبعا لمقاييس مقبولة للتنمية في البلد المعني. ومن الممكن أيضا أن يشمل الاتفاق البلدان التي يتعذر تسعير الكربون فيها حاليا لأسباب سياسية محلية، ما دامت تحقق تخفيضات معادلة في الانبعاثات من خلال أدوات سياسا
وهناك مثال توضيحي يشير إلى أن تعزيز تعهدات اتفاقية باريس بحد أدنى سعري من ثلاثة مستويات لستة مشاركين فقط (كندا والصين والاتحاد الأوروبي والهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) يبلغ 75 دولارا و50 دولارا و25 دولارا للأسواق الصاعدة المتقدمة وذات الدخل المرتفع والمنخفض، على الترتيب؛ ويمكن أن يساعد، بالإضافة إلى السياسات الجارية، على تحقيق خفض في الانبعاثات العالمية بنسبة 23% أقل من الخط الأساسي بحلول عام 2030. وهذا القدر يكفي للوصول بالانبعاثات إلى مستوى يتيح إبقاء الاحترار العالمي أقل من درجتين مئويتين.

ويمثل تطبيق تسعير الكربون عبر مقاطعات كندا نموذجا جيدا لتوضيح كيفية ترجمة الحد الأدنى السعري إلى مستوى دولي. فالحكومة الفيدرالية تُلزم المقاطعات والأقاليم بتطبيق حد أدنى لسعر الكربون يتزايد بصورة تصاعدية من 10 دولارات كندية للطن في عام 2018 إلى 50 دولارا كنديا للطن في عام 2022 و170 دولارا كنديا للطن في عام 2030. وكل منطقة من مناطق الاختصاص هذه لها حرية تحقيق هذا الشرط من خلال ضرائب الكربون أو نظم التداول
وعلى المستوى الدولي، فإن اتفاقات الحد الأدنى لسعر الكربون ذات التصميم الجيد يمكن أن تدر منافع على البلدان المنفردة والمجتمعة أيضا. فكل المشاركين يمكن أن ينتقلوا إلى حال أفضل عند استقرار نظام المناخ العالمي، ومن شأن كل البلدان أن تحقق منافع بيئية محلية * بفضل الحد من احتراق الوقود الأحفوري – وأهمها تراجُع عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء المحلي.

إننا لا نملك من الوقت ما نضيعه قبل أن ننشئ هذا الاتفاق. تخيلوا وضعنا في عام 2030. فلنسع إلى التأكد من أننا لن ننظر حينها إلى عام 2021 ونندم على إهدار فرصة التحرك الفعال. بل دعونا ننظر إلى الوراء وكلنا فخر بما حققه العالم من تقدم نحو إبقاء الاحترار العالمي دون المستوى الحدي البالغ درجتين مئويتين. إننا نحتاج الآن إلى عمل منسق – عمل ينصب تركيزه على حد أدنى دولي لسعر الكربون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *