أصدر صندوق النقد الدولي تقريره عن الاستقرار المالي العالمي، جاء فيه انه في مواجهة أزمة صحية واقتصادية عالمية، اتخذ صناع السياسات إجراءات استثنائية لحماية الأفراد والاقتصاد والنظام المالي. غير أن آفاق التعافي لا تزال محفوفة بقدر كبير من عدم اليقين وستتوقف على توافُر علاجات ولقاحات موثوقة لمرض كوفيد-19. وبالإضافة إلى ذلك، دخلت بلدان كثيرة هذه الأزمة وهي تعاني من مواطن ضعف كبيرة مسبقة في بعض القطاعات – شركات إدارة الأصول، والشركات غير المالية، والكيانات السيادية – ويستمر تراكم مواطن الضعف حاليا ليشكل تيارات معاكسة أمام مسيرة التعافي. لمحة عن عدد أكتوبر 2020 من تقرير الاستقرار المالي العالمي
لا تزال مخاطر المدى القريب على الاستقرار المالي العالمي قيد الاحتواء. فقد كانت أصدرت السياسات استجابة غير مسبوقة وفي حينها تجاه الأزمة، فساهمت في الحفاظ على تدفق الائتمان إلى الاقتصاد وتجنب حلقات الآثار المرتدة السلبية فيما بين الاقتصاد الكلي والقطاع المالي، وهو ما أنشأ بدوره جسرا نحو التعافي.
غير أن مواطن الضعف تتزايد، مما يكثف دواعي القلق بشأن الاستقرار المالي في بعض البلدان. فقد زادت مواطن الضعف في قطاع الشركات غير المالية مع تحمل الشركات مزيدا من الديون لمواكبة نقص السيولة، وفي القطاع السيادي حيث اتسعت عجوزات المالية العامة لدعم الاقتصاد.
ومع تكَشُّف أبعاد الأزمة، قد تتحول ضغوط السيولة التي تعانيها الشركات إلى حالات إعسار، وخاصة إذا تأخر التعافي. ويُلاحَظ أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكثر تعرضا لهذه المخاطر مقارنة بالشركات الكبيرة القادرة على النفاذ إلى أسواق رأس المال. وفي نهاية المطاف، سيتحدد المسار المستقبلي لحالات العجز عن السداد حسب مدى استمرار الدعم الذي تقدمه السياسات وسرعة التقدم نحو التعافي، التي يُتوقع أن تتفاوت عبر القطاعات والبلدان.
ويرغم أن النظام المصرفي العالمي يتمتع بمستوى جيد من الرسملة، فإن هناك طائفة من البنوك الضعيفة، وقد تتعرض بعض النظم المصرفية لنقص في رأس المال الكلي حسب السيناريو المعاكس الوارد في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، حتى مع الإجراءات التخفيفية التي تطبقها السياسات حاليا.
ويواجه بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة والواعدة تحديات تمويلية، مما قد يصل ببعضها إلى حالة المديونية الحرجة أو يقود إلى حالة من عدم الاستقرار المالي أو يتطلب تقديم دعم رسمي.
ومع إعادة فتح الاقتصادات، سيكون من الضروري اتباع سياسات تيسيرية لضمان ترسُّخ التعافي واستدامته – راجع “خارطة طريق السياسات” أدناه. وينبغي أن يركز جدول أعمال الإصلاح المالي فيما بعد الجائحة على تقوية الإطار التنظيمي للقطاع المالي غير المصرفي وإحكام الرقابة الاحترازية لاحتواء تحمل المخاطر المفرط في بيئة يغلب عليها انخفاض أسعار الفائدة لفترة مطولة.
خارطة طريق السياسات النقدية والمالية بعد انتهاء “الإغلاق العام الكبير”
إعادة فتح الاقتصاد بالتدريج في ظل عدم اليقين
السياسة النقدية – الحفاظ على الموقف التيسيري لدعم التعافي
دعم السيولة – مواصلة الدعم مع تعديل التسعير لتحفيز الخروج التدريجي من مرحلة تقديم الدعم
تقديم الائتمان – تشجيع البنوك على استخدام هوامش أمان رأس المال والسيولة لمواصلة الإقراض
القطاع الخاص غير المالي – مد فترة تعليق سداد خدمة الدين فقط في حالة الضرورة لمنع انتشار حالات الإعسار، ودعم الشركات القابلة للاستمرار من خلال إعادة الهيكلة وإعادة التفاوض على الديون بكفاءة خارج إطار التقاضي لتخفيف أعباء الديون، وكذلك من خلال دعم الملاءة المالية (حسب الملائم).
الدعم متعدد الأطراف – تقديم دعم للأسواق الصاعدة والواعدة التي تواجه مصاعب تمويلية
الجائحة قيد السيطرة
السياسة النقدية – الحفاظ على الموقف التيسيري إلى أن تتحقق أهداف السياسة النقدية
دعم السيولة – سحب الدعم بالتدريج
تقديم الائتمان – اشتراط قيام البنوك بإعادة بناء هوامش أمان رأس المال والسيولة تدريجيا، ووضع خطط موثوقة لتقليل الأصول المتعثرة وخلق أسواق لها
القطاع الخاص غير المالي – إعادة رسملة الشركات غير القابلة للاستمرار، أو إعادة هيكلتها أو تصفيتها
التعافي الأخضر – تشجيع اتباع منهج أكثر استباقية في إدارة المخاطر المناخية والاستثمارات الخضراء
الرقمنة – تشجيع زيادة الاستثمار الرقمي لرفع كفاءة القطاع المالي وتعزيز الشمول المالي
جدول أعمال الإصلاح المالي فيما بعد الجائحة
القطاع المالي غير المصرفي – تقوية الإطار التنظيمي لمعالجة مواطن الضعف التي كشفت عنها أزمة مرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)
التحسب لانخفاض مطوَّل – تنفيذ إجراءات احترازية لاحتواء المخاطرة في بيئة يغلب عليها انخفاض أسعار الفائدة لفترة مطولة.