أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، إنه أخذ علما “بقلق” بفرض الولايات المتحدة عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بن سودا ومسؤول كبير آخر، في أحدث سلسلة من التحركات السياسية أحادية الجانب ضد المحكمة.
وقد اتهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو المحكمة الجنائية الدولية بـ “محاولات غير مشروعة لإخضاع الأمريكيين لولايتها القضائية”، وأعلن عن فرض عقوبات على المدعية العامة، فاتو بن سودا ومدير قسم الاختصاص والتعاون والتكميل بمكتب المدعية العامة للمحكمة، فاكيسو موشوشوكو، وفقا لأمر تنفيذي أمريكي أصدره الرئيس دونالد ترامب في أوائل يونيو، بشأن “حظر ممتلكات بعض الأشخاص المرتبطين بالمحكمة الجنائية الدولية” بتاريخ 11 حزيران/يونيو 2020.
وقد ظلت المحكمة تواجه انتقادات من الولايات المتحدة منذ تأسيسها في عام 2004، وما زالت إلى جانب روسيا والصين واحدة من بين عشرات الدول التي رفضت الانضمام إلى ولايتها القضائية.
ويأتي اتهام السيد بومبيو في وقت تحقق فيه المحكمة، التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، فيما إذا كانت القوات الأمريكية قد ارتكبت جرائم حرب مزعومة في أفغانستان.
ووصف وزير الخارجية المحكمة الجنائية الدولية بأنها “مؤسسة محطمة وفاسدة تماما”، وذكَّر بأن الولايات المتحدة لم تصادق أبدا على نظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة، مضيفا “لن نتسامح مع محاولاتها غير المشروعة لإخضاع الأمريكيين لولايتها القضائية”.
وأكد أن الولايات المتحدة اتخذت هذه الخطوة، “لأن المحكمة الجنائية الدولية مستمرة في استهداف الأمريكيين”.
وأشار المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، في المؤتمر الصحفي، إلى أن التعاون بين الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية تأسس على اتفاق العلاقة بينهما، الذي أقرّته الجمعية العامة في 13 أيلول/سبتمبر 2004. وقال: “سنقوم بتحليل أي آثار محتملة قد تترتب على هذا التطور فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقية”.
وأضاف أنه تماشيا مع تصريحات سابقة صدرت عن وزير خارجية الولايات المتحدة، “نحن على ثقة من أن أي قيود تُفرض ضد الأفراد سيتم تنفيذها بما يتوافق مع التزامات البلد المضيف بموجب اتفاقية مقر الأمم المتحدة”.
وتسعى المدعية العامة للمحكمة للتحقيق في ادعاءات بتجاوزات ارتكبها جنود أمريكيون في أفغانستان، بعد تقديم مزاعم بالتعذيب تستهدف وكالة المخابرات المركزية. ورغم أن الولايات المتحدة ليست عضوة في المحكمة، إلا أن أفغانستان عضوة فيها.
وقد أدانت المحكمة الجنائية الدولية العقوبات الاقتصادية التي قررتها اليوم الولايات المتحدة الاميركية ضد المدعية العامة للمحكمة وأحد عناصر مكتبها.
وأشارت المحكمة في بيان إلى أن “هذه الإجراءات الجديدة المتخذة بناء على القرار التنفيذي الاميركي رقم 13928 الصادر بتاريخ 11 حزيران/يونيو 2020، تشكل محاولة إضافية للتدخل في استقلال المحكمة القضائي واستقلال ادعائها العام وللتدخل في عملها الضروري لمواجهة أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي، وفقا لولاية المحكمة المنصوص عليها في نظام روما الدولي.”
وقالت المحكمة إن “هذه الافعال الإكراهية، الموجهة ضد منظمة قضائية دولية وموظفيها، غير مسبوقة وهي اعتداءات خطيرة ضد المحكمة ونظام القانون الجنائي الدولي الذي تشكله اتفاقية روما، وضد دولة القانون بشكل عام.”
وأشارت المحكمة في بيانها إلى أنها تقف “بصلابة الى جانب موظفيها ومهمتها المستقلة والمحايدة في محاربة الإفلات من العقاب على أسوأ وأخطر الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي. وفي ذلك، تعتمد المحكمة على الدعم القوي والتزام ثلثي دول العالم المنضمة الى نظام روما الأساسي.”
من جانبه، أعرب رئيس جمعية الدول الأطراف، أوـ جون كوون، عن رفض اجراءات الولايات المتحدة الأميركية ضد المحكمة الجنائية الدولية. وقال في بيان:
“أرفض بشدة هذه الاجراءات غير المسبوقة وغير المقبولة ضد منظمة دولية مبنية على أساس اتفاقية دولية. هذه الإجراءات لا تفعل سوى إضعاف جهودنا المشتركة لمكافحة الإفلات من العقاب على ارتكاب الجرائم الأكثر فظاعة.