الثلاثاء. مايو 14th, 2024

بالنسبة إلى أشخاص عديدين، تُعدّ بيرة الزنجبيل أو شاي الزنجبيل أو بسكويت الزنجبيل الجامايكي منتجات أساسية. فهذه الجزيرة الواقعة في منطقة الكاريبي تشتهر منذ فترة طويلة في مختلف أرجاء العالم بزنجبيلها الممتاز، المعروف بقوته وحدته- غير أن هذا القطاع مهدّد في الوقت الحالي.

فمرض تعفن جذمور الزنجبيل أسفر لسنوات عن تدمير الإنتاج في مختلف ربوع الجزيرة بل وتسبّب في توقف الكثير من المزارعين عن إنتاج الزنجبيل تمامًا. وقد تفشى هذا المرض كثيرًا إلى درجة أن إنتاج الزنجبيل في جامايكا تراجع بمقدار النصف تقريبًا خلال الفترة الممتدة بين عامي 2015 و2018.

ولكن مجموعة من أبطال الأغذية من القطاعين العام والخاص، تعرف بمجموعة العمل المعنية بالزنجبيل، ظلت تعمل يدًا بيد لكي تنشِّط هذا القطاع ويستعيد زنجبيل جامايكا المكانة البارزة التي يتبوأها في السوق العالمية.
بادرت مجموعة العمل المعنية بالزنجبيل، بفضل مساعدة المنظمة، إلى وضع استراتيجية طويلة الأجل لإنعاش القطاع. وقد تمثل أكبر نجاح حقّقته المجموعة حتى اليوم في اعتماد برنامج لإصدار الشهادات التجارية الذي يساعد على ضمان كمية منتجات زنجبيل جامايكا وجودتها وتنوعها ويتيح للمشترين المحليين والدوليين أمانًا وحوافز.

وينطوي هذا البرنامج على فائدتين رئيسيتين. أولاً، فهو يقتضي من مزارعي الزنجبيل استخدام مواد زرع نظيفة وخالية من الأمراض وممارسات جيدة في المزارع للتقليل إلى أدنى حد ممكن من خطر إصابة النباتات بالمرض خلال فترة نموها. فقد اتسعت رقعة المرض على نطاق واسع نظرًا إلى أن عددًا كبيرًا من المزارعين في جامايكا كانوا يزرعون زنجبيلًا مصابًا بالمرض في مزارعهم دون درايتهم بذلك. ويحرص برنامج إصدار الشهادات الجديد على كفالة أن مواد الزرع خالية من الأمراض وأن المشاتل والمزارع المشاركة التي تنتج منتجات معتمدة تتبع بروتوكولات السلامة لضمان تقليل ظهور المرض في كل خطوة من الخطوات المتبعة. ثانيًا، يعمل البرنامج على ضمان جودة ومنشأ الزنجبيل، بما يؤدي إلى زيادة ثقة المشترين وقيمة المنتج في السوق العالمية.

واليوم بات البرنامج يعمل على دمج نظام للتتبع في الشهادات تعزيزًا للثقة.

وتعرب السيدة Michelle Sherwood، رئيسة مجموعة العمل المعنية بالزنجبيل، قائلة “من خلال وضع برنامج، مشفوع بنظام تتبع، لإصدار الشهادات بشأن الزنجبيل، سنعرف الجهة التي تشتري منتجنا، وسيكون بمستطاعنا أن نضع بشكل رسمي علامة تجارية على زنجبيل جامايكا، وخلق سوق متخصّصة ووضع أسعار جيدة لمنتج أصيل. وهو ما سيعود بالمنفعة على الجميع على طول سلسلة القيمة”.

بفضل برنامج إصدار الشهادات الجديد، يتم تقليل مخاطر تعفن جذمور الزنجبيل إلى أدنى حد ممكن، ويجتذب قطاع الزنجبيل في جامايكا المشترين مجددًا.

و تقدم منظمة الاغذية و الزراعة ، في إطار الخطوات التالية التي ينطوي عليها البرنامج، المساعدة إلى وزارة الزراعة ومصايد الأسماك في جامايكا على إنتاج زنجبيل خالٍ من الأمراض انطلاقًا من زراعة الأنسجة. وقامت المنظمة بتجديد دفيئة تهيئ الظروف اللازمة لهذه العملية، ممّا يسمح بتطوير نبتات جديدة خالية من مرض تعفن جذمور الزنجبيل في المشاتل قبل أن يشتريها المزارعون لزرعها. كما اعتمدت تكنولوجيات جديدة ستؤدي إلى خفض كلفة مواد الزرع التي على المزارعين شراءها كل سنة بنسبة تصل إلى 75 في المائة.

كما أتاحت المنظمة، على مدى السنتين المنصرمتين، للوكالات الحكومية والعاملين في المشاتل والمزارعين دورات تدريبية على الممارسات الزراعية الجيدة لزيادة إنتاج زنجبيل نظيف وخالٍ من الأمراض. وقامت المنظمة حتى الآن بتدريب وكالتين حكوميتين تابعتين لوزارة الزراعة ومصايد الأسماك من أجل توفير الدعم الفني أيضًا. وسيتولى الموظفون المدربون التابعون لهاتين الوكالتين الآن تدريب العاملين في المشاتل والمزارعين على اتباع البروتوكولات الصحيحة لاتقاء شرّ هذا المرض.

دعمت المنظمة اعتماد تكنولوجيات جديدة تسمح بتطوير نبتات زنجبيل جديدة خالية من مرض تعفن جذمور الزنجبيل في المشاتل.

ظلت الوزارة، إلى جانب الفريق التابع للمنظمة، تعرض نموذج إصدار الشهادات التجارية ليس فقط على منتجي ومزارعي الزنجبيل، ولكن أيضًا على المصنعين المحليين. ونظرًا إلى أن الاستثمار في نموذج إصدار الشهادات ينطوي على تكلفة أكبر بالنسبة إلى المزارعين، بدأ المشروع، سعيًا منه إلى تشجيعهم على المشاركة، في إشراك المشترين المحتملين للزنجبيل الطازج. وعلى هذا النحو، يعرف المزارعون الجهة التي سيبيعون لها منتجهم حتى قبل زرعه، وهو ما يقنعهم بأن الأمر يستحق الاستثمار في ممارسات إنتاج محسّنة. ويعود هذا الأمر بالفائدة على المصنعين المحليين أيضًا، لأنهم يدركون أن المزارعين الذين يزرعون الزنجبيل المعتمد سيحصلون على عائد أفضل، ويشعرون بالثقة لأنهم سيستطيعون شراء كمية كافية من المنتج حتى يتسنّى لأعمالهم أن تسير بشكل سلسل. وبحلول نهاية مايو نجحوا في إثارة اهتمام المزارعين والقطاع الخاص، من خلال عدة صفقات تلوح في الأفق.

ويصرّح السيد Gusland McCook، المدير العام بالإنابة لإحدى الوزارات الحكومية المعنية، قائلًا “لقد أدى تزايد التعاون عبر وكالات القطاع العام إلى تمكين القطاع الخاص من الشعور بمستوى أكبر من الثقة والرغبة في الاستثمار في هذا القطاع”.

غير أن أنشطة التسويق عُلِّقت منذ ظهور جائحة كوفيد-19، وحدثت اضطرابات في أنشطة المشاتل والمزارع جراء القيود المفروضة على الحركة، وهو ما يهدّد تقدّم المشروع. ولكن فريقًا متنوعًا ومتزايد العدد من الشركاء من القطاعين العام والخاص استمر، حتى في خضم هذه الاضطرابات، في العمل يدًا بيد بشكل افتراضي لزيادة إنتاج الزنجبيل في جامايكا.

وبعد مضي ستة أشهر، أثبت جائحة كوفيد-19 أنها الاختبار الأساسي لجامايكا لإدارة مخاطر مختلفة وغير متوقعة على طول سلسلة القيمة، مع العمل في الوقت ذاته على كفالة استمرار التطوير- وهو اختبار اجتازته بامتياز. فقد ارتفع الإنتاج الفعلي للزنجبيل بفضل الدورات التدريبة الفنية، وهو ما شجّع المنتجين على الاستثمار في إنتاج الزنجبيل المعتمد على نطاق واسع والتنسيق الرائع بين جميع الشركاء من القطاع العام. واليوم، باتت خمس وكالات مختلفة من القطاع العام تعمل معًا بفضل هذا البرنامج المشترك لإصدار الشهادات.

ولن يتسنّى استئصال مرض تعفن جذمور الزنجبيل في جامايكا بين عشية وضحاها، ولكن مكاسب كبيرة تحقّقت فعلا من خلال العمل يدًا بيد في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص. ويتوقع، بفضل برنامج إصدار الشهادات الجديد، أن يتضاعف معدل العائد الوطني من 12 إلى 24 طنًا متريًا لكل هكتار واحد، ممّا يؤدي إلى ارتفاع العائد إلى المستويات المسجّلة قبل تفشي المرض.

وأضحى من الجلي أن التعاون هو المفتاح إذا ما أردنا ضمان نظم غذائية أكثر استدامة في مختلف أنحاء العالم. وإن الشراكة القائمة بين المنظمة ومجموعة العمل المعنية بالزنجبيل على مدى السنتين المنصرمتين تعني أن محاصيل الزنجبيل في جامايكا تدار الآن بطريقة سليمة ومستدامة بدرجة أكبر: مساعدة قطاع الزنجبيل في جامايكا على إعادة البناء بشكل أفضل ووضعه على مسار النجاح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *