الخميس. نوفمبر 21st, 2024


أجرت الأمم المتحدة مؤخرا استقصاء شارك فيه ما يزيد على مليون شخص لسماع أصواتهم بشأن ’’المستقبل الذي نصبو إليه‘‘. وأعرب الناس بأغلبية ساحقة عن ضرورة بناء عالم ينعم بقدر أكبر من السلام والعدل، ودعوا إلى التعاون الدولي لتحقيق هذه الأهداف.

 من المؤسسات التي تجسد هذا التعاون المحكمة الجنائية الدولية، التي تحقق بشأن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان وتحاكم الأشخاص عليها، وتضع الهـدف 16 من أهـداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة – السلام والعدالة – موضع التنفيذ في عملها اليومي.

موقع ’’أخبار الأمم المتحدة‘‘ أجرى حوارا مع القاضي إيبو-أوسوجي رئيس المحكمة، وسأله عما إذا كان السلام الدائم والعدالة هدفين واقعيين في عالم اليوم. 

1 – كيف يدعم عمل المحكمة الجنائية الدولية الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة؟ وكيف تعمل المحكمة على بناء ’’المستقبل الذي نصبو إليه‘‘؟ 

تساهم المحكمة الجنائية الدولية في بناء ’’المستقبل الذي نصبو إليه‘‘ من خلال التصدي للجرائم التي تهدد السلم والأمن والرفاهية في العالم وهي: الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان. ونسعى جاهدين إلى بلوغ عالم لا يسمح فيه بارتكاب هذه الجرائم الوحشية التي تقع دون أن يطال مرتكبيها عقاب.

وبالعمل على ردع مرتكبي الجرائم الوحشية، تساهم المحكمة الجنائية الدولية في الحد من العنف والوفيات المرتبطة به، وهو الغاية الأولى للهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة. والمحكمة الجنائية الدولية، بسعيها إلى المساءلة عندما تكون نظم العدالة الوطنية غير قادرة على القيام بذلك، تعزز مبدأ سيادة القانون وتتيح للمجني عليهم الوصول إلى العدالة، وهي غايات رئيسية في إطار الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة. ويشجع نظام المحكمة الجنائية الدولية بناء قدرات المؤسسات القضائية الوطنية – وهي غاية أخرى من غايات الهدف 16 .

2 – ما مدى أهمية العدالة للسلام والتنمية المستدامة؟ وما صلة العدالة بالسلام والتنمية؟ 

تضيف المحكمة الجنائية الدولية قيمة مباشرة للغاية على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لأنها تهدف إلى ردع النزاعات المسلحة والأعمال الوحشية التي تولدها. وبدون عدالة، ستسود النزاعات والأعمال الوحشية والخوف.

 وبعبارات ملموسة: كيف يمكننا تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية ناجحة، إذا كان المزارعون لا يستطيعون الذهاب إلى مزارعهم بسبب العمليات العسكرية أو الألغام الأرضية؟ وعندما لا يستطيع أرباب الأعمال القيام بأعمال تجارية بسبب تدمير البنى التحتية الاقتصادية؟ وعندما لا يستطيع الأطفال الذهاب إلى المدرسة؟ وعندما تُهدر الموارد الثمينة على الأسلحة بدلاً من صرفها في التعليم والرعاية الصحية؟ وعندما يخشى المستثمرون النزاعات وعدم الاستقرار؟ وعندما يُقتَل الناس ويصابون بصدمات مدى الحياة؟ وعندما تضطر أفضل الأدمغة في البلد إلى الفرار بحثًا عن حياة أكثر أمانًا في مكان آخر؟ وعندما تعاني البلدان الأمرين في سعيها إلى التصدي لتدفقات اللاجئين من الدول المجاورة التي تعيش حالة حرب؟

وليس من المبالغة في شيء التأكيد على التأثير المدمر للحروب على التنمية الاقتصادية. فاستنادا إلى دراسة نشرها البنك الدولي عام 2011، فإن متوسط تكلفة الحرب الأهلية يفوق ما يُحقق على مدى 30 عاما من نمو الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد نام متوسط الحجم، كما يستغرق تعافي مستويات التجارة بعد وقوع حوادث عنف كبرى 20 عاما.

3 – ما أثر المحكمة على حياة الناس؟ وما أثرها على نطاق عالمي أوسع؟ 

للمحكمة أبرز الأثر في المجتمعات المحلية المتضررة. وقد أتاحت المحكمة الجنائية الدولية للمجني عليهم فرصًا لم يسبق لها مثيل للوصول إلى العدالة – وهو أحد العناصر الرئيسية في الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة. ويتلقى المجني عليهم مساعدة قانونية مجانية ولهم الحق في طلب جبر الضرر الذي لحق بهم. وهذا التركيز على عدالة جبر الأضرار سمة مميزة لإجراءات المحكمة الجنائية الدولية. ويقوم الصندوق الاستئماني للمجني عليهم التابع للمحكمة الجنائية الدولية بتنفيذ أولى الأوامر القضائية للمحكمة بشأن جبر الأضرار في الوقت الراهن. وبالإضافة إلى ذلك، أتاح الصندوق إعادة التأهيل البدني والنفسي وكذلك الدعم الاجتماعي والاقتصادي لحوالي نصف مليون من المجني عليهم من خلال برامج المساعدة التي يقدمها.

خففت المحكمة الجنائية الدولية من قبضة الطغيان في عصرنا هذا. ولم يعد بإمكان الطغاة الاطمئنان إلى أنهم سيكونون في مأمن تام ومطلق من أن يساءلوا عن قسوتهم. رئيس المحكمة الجنائية الدولية

وعلى الصعيد العالمي، خففت المحكمة الجنائية الدولية من قبضة الطغيان في عصرنا هذا. ولم يعد بإمكان الطغاة الاطمئنان إلى أنهم سيكونون في مأمن تام ومطلق من أن يساءلوا عن قسوتهم. وللمجني عليهم في الوقت الراهن مكان يمكنهم أن يتطلعوا إليه آملين في إنصافهم. وسيتعين على الطغاة دائمًا أن يقلقوا لِما قد تفعله المحكمة الجنائية الدولية، عاجلاً أم آجلاً.

وثمة تأثير هام آخر هو أثر المحكمة الجنائية الدولية على النظم القانونية الوطنية. فقد قامت عشرات الدول الأطراف في نظام روما الأساسي (المؤسس للمحكمة) بتحديث قوانينها الوطنية للسماح لمحاكمها بالملاحقة القضائية على جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

4 – ما أكبر التحديات التي تواجه المحكمة؟

من أكبر التحديات أن الدول ليست كلها أطرافا فيها.  حوالي ثلثي الدول ذات السيادة في العالم أطراف في المحكمة الجنائية الدولية، ولكن نحو 70 دولة عضوا في الأمم المتحدة لم تنضم بعد إلى نظام روما الأساسي ولم تتعهد بالتعاون مع المحكمة. لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن بعض الدول تقوض فعلا عمل المحكمة الجنائية الدولية، وآخرها الولايات المتحدة، التي استخدمت تدابير صارمة ضد المحكمة وموظفيها، بما في ذلك الإكراه الاقتصادي، بهدف التأثير على إجراءات المحكمة. وهذا غير مقبول على الإطلاق ويجب أن ينتهي. وأنا ممتن للدعم القوي الذي نتلقاه من دولنا الأطراف والمنظمات الإقليمية والجمعيات المهنية والمجتمع المدني والمواطنين (بما في ذلك المواطنون الأمريكيون) في مواجهة هذه الهجمات.

5 – ماذا يمكن للناس العاديين أن يقوموا به لدعم المحكمة الجنائية الدولية والهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة؟ وكيف يمكننا أن نتصرف ونحدث أثرا حقيقيا؟ 

يمكن لكل فرد دعم المحكمة بممارسة الضغط الديمقراطي على حكومته لدفعها لدعم المحكمة. فإذا كان بلدك بلدا لم ينضم بعد إلى نظام روما الأساسي، يمكنك التعبئة لحث حكومتك على الانضمام، وبالتالي تعزيز العدالة الدولية. ويمكن للناس أيضا المساعدة في التوعية بشأن المحكمة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي على سبيل المثال. ويمكنك أيضا التبرع للصندوق الاستئماني للمجني عليهم التابع للمحكمة الجنائية الدولية. 
ويمكننا جميعا بناء عالم أكثر عدلا بالاتحاد ضد الإفلات من العقاب على الجرائم الوحشية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *