الخميس. نوفمبر 21st, 2024

 تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن يسجّل الكوكب درجات حرارة قياسية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ورجّحت (بنسبة 70%) أن يشهد شهر واحد أو أكثر خلال السنوات الخمس المقبلة زيادة بمقدار 1.5 درجة مئوية على الأقل، قياسا بمستويات ما قبل العصر الصناعي.

جاء ذلك خلال إطلاق تقرير “متحدون في مجال العلوم 2020” صادر عن وكالات متعددة من المنظمات العلمية الرائدة، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي قال إن العالم لا يزال بعيدا عن المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية.

وقال الأمين العام: “يدق التقرير أيضا ناقوس الخطر بأن هناك فرصة كبيرة ومتنامية للوصول مؤقتا إلى عتبة 1.5 درجة في السنوات الخمس المقبلة”، مع وجود موجات حرّ قياسية. حرائق غابات مدمرة وفيضانات وجفاف، متوقعا أن تزداد هذه التحديات سوءا.

وبحسب التقرير، فقد وصلت تركيزات غازات الاحتباس الحراري إلى مستويات قياسية جديدة في عام 2020، وكانت آخر مرة فيها المستويات بهذا الارتفاع بين 2.6 و5.3 مليون سنة مضت عندما كانت هناك أشجار في القطب الجنوبي وكانت مستويات سطح البحر أعلى بحوالي 20 مترا.

وقال الأمين العام محذرا إن العمل المناخي هو الطريقة الوحيدة لضمان كوكب صالح للعيش لهذه الأجيال والأجيال القادمة: “ستكون فترة السنوات الخمسة منذ توقيع اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ هي الأكثر حرارة على الإطلاق في تاريخ البشرية – مع متوسط درجات حرارة عالمية تبلغ 1.1 درجة مئوية، وهي فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي”.

سلط التقرير الضوء على آثار تغير المناخ المتزايدة، التي لا يمكن عكسها، وتضر بالأنهار الجليدية، والمحيطات، والطبيعة، والاقتصادات، والأوضاع المعيشية للإنسان، والتي غالباً ما تتجلى في الأخطار المرتبطة بالمياه، من قبيل الجفاف أو الفيضانات. كما يوثق التقرير كيف أعاقت الجائحة القدرة على مراقبة هذه التغيرات من خلال النظام العالمي للرصد.

وتظهر أحدث البيانات الخاصة بجرينلاند وحدها متوسط فقدان كتلة الجليد بـ 278 مليار طن سنويا – أي أكثر من 110 مليون حوض سباحة أولمبي. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، من المتوقع أن يستمر القطب الشمالي في الاحترار بأكثر من ضعف المعدل العالمي الإجمالي.

وقال الأمين العام: “لدينا خيار – إما العمل كالمعتاد، مما يؤدي إلى مزيد من الكوارث؛ أو يمكننا استخدام التعافي من كـوفيد-19 لتوفير فرصة حقيقية لوضع العالم على مسار مستدام”.

ودعا السيّد غوتيريش إلى ستة إجراءات متعلقة بالمناخ:

  • أولا، نظرا لإنفاق مبالغ ضخمة للتعافي من فيروس كورونا، يجب توفير وظائف وأعمال جديدة من خلال انتقال نظيف وصديق للبيئة.
  • ثانيا، استخدام أموال دافعي الضرائب لإنقاذ الأعمال، وربطها بتحقيق وظائف خضراء ونمو مستدام.
  • ثالثا، يجب أن تؤدي القوة النارية المالية إلى التحول من الاقتصاد الرمادي إلى الاقتصاد الأخضر وجعل المجتمعات والأفراد أكثر مرونة.
  • رابعا، يجب استخدام الأموال العامة للاستثمار في المستقبل وليس في الماضي، والتدفق إلى القطاعات والمشاريع المستدامة التي تساعد البيئة والمناخ.
  • خامسا، يجب دمج مخاطر المناخ والفرص في النظام المالي، فضلا عن جميع جوانب صنع السياسات العامة والبنية التحتية.
  • سادسا، الحاجة إلى العمل معا كمجتمع دولي

ووصف الأمين العام تقرير “متحدون في مجال العلوم 2020” بأنه بمثالة “كتالوج” لأزمة المناخ التي “تزداد سوءا كل ساعة”.

واستعرض البروفيسور بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الذي شارك افتراضيا في المؤتمر، بعضا مما ذُكر في التقرير، وقال إن الانبعاثات بدأت بالعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة بعد الانخفاض الناجم عن التباطؤ الاقتصادي

وصرّح بأن تركيزات غازات الاحتباس الحراري – التي هي بالفعل في أعلى مستوى لها منذ ثلاثة ملايين سنة، وتواصل ارتفاعها. وفي الوقت نفسه، شهدت مساحات شاسعة من سيبيريا موجة حر ممتدة وكبرى خلال النصف الأول من 2020، وكان مستبعدا بدرجة كبيرة أن تحدث لولا مساهمة الإنسان في تغير المناخ.

وأضاف يقول: “إن الجليد البحري في القطب الشمالي آخذ في الانخفاض، ويساهم ذوبان الأنهار الجليدية في تسريع ارتفاع مستوى سطح البحر. وتذهب أكثر من 90% من الحرارة الزائدة إلى المحيط، مما يعزز الطاقة المتاحة للأعاصير المدارية ويتسبب بالمزيد من الرطوبة في الجو ويزيد من مشكلات الفيضانات”.

من جانبه أكد السيّد غوتيريش ألا وقت للتأخير إذا أردنا إبطاء التوجه والحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية: “سواء كنا نتصدى لجائحة أو أزمة مناخ، من الواضح أننا بحاجة إلى العلم والتضامن والحلول الحاسمة”.

وحثّ غوتيريش القادة على التنبه إلى الحقائق الواردة في هذا التقرير، والاتحاد وراء العلم واتخاذ إجراءات مناخية عاجلة، ودعا الحكومات إلى إعداد خطط مناخية وطنية جديدة وطموحة، ومساهمات محددة وطنيا، قبل مؤتمر المناخ COP26.

وقال: “هذه الطريقة التي سنبني بها مستقبلا أكثر أمنا واستدامة.

يُذكر أن 120 دولة قبلت بخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050، وهي تمثل 25% من الانبعاثات.

وردّا على أسئلة الصحفيين، أكد الأمين العام على أن السؤال الأكبر يتعلق بالدول صاحبة أكبر انبعاثات في العالم وهي الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي واليابان وروسيا والهند.

وقال: “لقد انخرطت بشكل فعّال مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني. وشاركت في مؤتمرات مع جامعة صينية وجامعة هندية تهدف لإقناع الدول ذات الانبعاثات الكبيرة، جميعها، أن من الضروري الالتزام بخفض الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050، والالتزام بتخفيض مستوى الانبعاثات بحلول 2030، بنسبة 45%“.

وأشار إلى أنه من دون إشراك الدول المتسببة بأكبر انبعاثات، فإن كل الجهود التي تُبذل لن تكون كافية. “هناك تحركات كبيرة في منظمات المجتمع المدني والمدن والولايات والتزام كبير من الشباب. كل هذه الأسباب تجعلني أؤمن أن الضغط على حكومات الدول المتسببة بالانبعاثات ستحقق نتائج وسيكون من الممكن أن نحصل على التزام دولي”.

فيما يتعلق بانتشار حرائق الغابات، قال الأمين العام إن ذلك يحمل تأثيرا مزدوجا؛ فمن ناحية تحدث هذه الحرائق بسبب التغير المناخي ومن الناحية الأخرى فهي تساهم في مشكلة التغيّر المناخي بسبب انبعاث ثاني أكسيد الكربون وتدمير الغابات.

وقال: “نحتاج بسرعة إلى عكس هذا التوجه وإنشاء دائرة فاضلة، لا حلقة مفرغة. هذا سبب آخر لنا لنشعر بالحاجة الملحة للتحرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *