الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

نشر صندوق النقد الدولي دراسة قام فيها بدراسة التقدم في 52 من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. ونخلص إلى أن الرقمنة زادت من الشمول المالي بين عامي 2014 و 2017، حتى في الحالات التي كانت تشهد تراجعا في الشمول المالي من خلال الخدمات المصرفية التقليدية. ومن المرجح أن مزيدا من التقدم حدث منذ ذلك الحين.    

وتقود قارتا إفريقيا وآسيا مسيرة الشمول المالي الرقمي، ولكن مع تفاوت كبير بين البلدان. ففي إفريقيا، تأتي في الصدارة غانا وكينيا وأوغندا. وبالمقارنة، يُلاحَظ أن استخدام الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية للخدمات المالية الرقمية أكثر محدودية. ويرجع ذلك في بعض البلدان إلى الارتفاع النسبي في مستوى تغلغل البنوك، مثلما هو الحال في شيلي وبنما.

وفي معظم البلدان، تتطور خدمات الدفع الرقمي فتنشأ عنها عمليات إقراض رقمي، حيث تُجَمِّع الشركات بيانات المستخدمين وتخرج بأساليب جديدة لاستخدام تحليل الجدارة الائتمانية. ومن عام 2015 إلى 2017، تضاعفت قيمة الإقراض المباشر من السوق الإلكترونية، وهو الذي يوصل المقرضين بالمقترضين مباشرةً باستخدام منصات رقمية. ورغم أنه لا يزال مركزا حتى الآن في الصين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، يبدو أنه في ازدياد عبر أنحاء العالم الأخرى، كما هو الحال في كينيا والهند

يعود الشمول المالي بالنفع على الاقتصادات والمجتمعات ككل. وقد خلصت دراسات سابقة إلى أن تقديم الخدمات المالية التقليدية للأسر منخفضة الدخل والشركات الصغيرة تصاحبه زيادة في النمو الاقتصادي مع انخفاض عدم المساواه في توزيع الدخل ،ويجد تحليلنا أن الشمول المالي الرقمي يصاحبه أيضا ارتفاع في نمو إجمالي الناتج المحلي.

وأثناء الإغلاقات العامة المترتبة على جائحة كوفيد-19، اتاخت الخدمات المالية الرقمية للحكومات تقديم دعم مالي امن و سريع  لمن يصعب الوصول إليهم من الأفراد ومؤسسات الأعمال، كما حدث في ناميبيا وبيرو وزامبيا وأوغندا. وسيساعد هذا على تخفيف التداعيات الاقتصادية وقد يعزز التعافي الاقتصادي

للاستفادة من الإمكانات الكبيرة للخدمات المالية الرقمية في فترة ما بعد جائحة كوفيد-19، ينبغي مراعاة عوامل عديدة. فمن أجل تحقيق تعاف اشمل للجميع، يتعين زيادة المساواة في فرص الاستفادة من البنية التحتية الرقمية (الوصول إلى الكهرباء، وتغطية الكهرباء وشبكة الإنترنت، وتعريف الهوية الرقمي)؛ وتعزيز المعرفة المالية والرقمية؛ وتجنب تحيزات البيانات.

وقد كشف مسح عالمي أجريناه مع أكثر من 70 طرفا معنيا – من شركات التكنولوجيا المالية، والبنوك المركزية، والأجهزة التنظيمية، والبنوك – أن الأجهزة التنظيمية ينبغي أن تواكب سرعة التغيرات التكنولوجيا في مجال التكنولوجيا المالية لضمان حماية المستهلكين والبيانات، والأمن السيبراني، وإمكانية التشغيل البيني عبر المستخدمين والحدود الوطنية. كذلك أشارت شركات التكنولوجيا المالية إلى وجود نقص عالمي في “واضعي الأكواد” – أي مطوري البرمجيات ومبرمجيها. 

وفي الوقت نفسه، من المهم ضمان استمرار التنافسية الكافية في مجال التكنولوجيا المالية لتعظيم مكتسبات الخدمات المالية الرقمية. فأزمة كوفيد-19 طرحت منافع محتملة لهذا القطاع ولكنها تفرض تحديات أمام الشركات الأصغر في مجال التكنولوجيا المالية: من نقص التمويل، إلى تزايد القروض المتعثرة، وانخفاض المعاملات، والطلب على الائتمان. وقد قام البعض بتعليق أنشطة الإقراض الجديدة منذ بداية الإغلاقات العامة. ومع انتشار عمليات الدمج والتقليص للشركات البادئة، يمكن أن يزداد التركز في هذا القطاع وقد يصاب بانتكاسة في درجة الشمول. ولتحقيق الصالح العام، يشير هذا إلى ضرورة التعجيل بإنشاء أطر للحوكمة تلتزم بها شركات التكنولوجيا المالية الكبيرة.

وتوضح الجائحة أن زيادة رقمنة الخدمات المالية هي اتجاه عام سيستمر. ولبناء مجتمعات احتوائية ومعالجة أوجه عدم المساواة المتزايدة أثناء الأزمة الجارية وبعد انتهائها، يجب على القادة العالميين والوطنيين أن يسدوا الفارق الرقمي داخل البلدان وفيما بينها لحصد مكاسب الخدمات المالية الرقمية. ويعني هذا إيجاد التوازن الصحيح بين تمكين الابتكار المالي ومعالجة عدة مخاطر، وهي قصور حماية المستهلك، ونقص المعرفة المالية والرقمية، وعدم المساواة في فرص الاستفادة من البنية التحتية الرقمية، وتحيزات البيانات التي تحتاج إلى تحرك على المستوى الوطني؛ وكذلك معالجة مخاطر غسل الأموال والمخاطر السيبرانية من خلال الاتفاقات الدولية وتبادل المعلومات، بما في ذلك ما يتعلق بقوانين مكافحة الاحتكار لضمان المنافسة الملائمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *