الجمعة. مايو 3rd, 2024

د.محيي الدين: من لن يكون جزء من الحلول الرقمية فلن يكون جزء من العالم

د. محمود محيي الدين اقتصادي مصري عالمي له خبرة واسعة في الاقتصاد الدولي، نايلز ميديا أجرت حوارا مع د. محيي الدين حول تداعيات الأزمات التي يمر بها العالم الآن وعلى رأسها تفشي فيروس كورونا، وسوف ننشر الحوار على ثلاثة أجزاء.

د. محمود بعد فشل النظام العالمي الواضح في مواجهة تفشي فيروس كورونا ، هل تعتقد أن هناك نظام عالمي جديد سينتج عن الأزمة وهل هناك مجال لعودة الإشتراكية كنظام بديل، أجاب د.محمود : ان الأزمة الحالية هي أزمة عالمية مركبة و لها أبعاد مختلفة عن اي أزمة شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، ومسألة ان تعود نظم اشتراكية أو يمينية متطرفة في توجهاتها وارده لكن لا يمكن التكهن بما سيحدث، ولكن يهمني أن أؤكد أن الأزمة الحالية المركبة بأبعادها الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية و المالية وهي بهذا الترتيب من حيث أهميتها، هي أزمة كاشفة وأزمة منشئة.

د.محمود محيي الدين

أزمة كاشفة لمدى قدرة المؤسسات المحلية والإقليمية والعالمية على الاستعداد ومعاونة الناس عند الحاجة إليها، وكذلك التجاوب مع الأزمات والتنسيق فيما بينها وكذلك قدرتها على توضيح ما إذا كانت استخدمت ما لديها من قدرات وصلاحيات لصالح الناس، ومعنى ذلك أن هناك جهات ستخرج من الأزمة أكثر صلابة وقدرة على مواجهة الأزمات وجهات أخرى لين يكون لديها مثل هذا الحظ، وانا اريد التعامل مع هذه الأزمة كمثلث ضلعه الأول الصحة و هو الاهم الان والثاني الاقتصاد والثالث التمويل و هذا الأخير أخذ نصيب كبير من الاهتمام في أزمة 2008 لذلك فهو أكثر استعدادا من الضلعين الآخرين لمواجهة الأزمات.

االطب الوقائي والرعاية الصحية لم تأخذ حظها من الاهتمام في دول غنية و متقدمة

بالنسبة للقطاع الصحي يجب ان تتوفر الخدمات الصحية للعامة بغض النظر عن الدخول، والناس سوف تتساءل عن حجم الاهتمام الذي أعطي للصحة وقد قلت من قبل أن العالم في خطر و لم يستفد من تجاربه المريرة السابقة، حيث كانت هناك أزمات انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير والايبولا والسارس، وكان واضحا وقتها ان العالم يحتاج إلى إعادة ترتيب اولوياته واستعداداته في مجال الصحة، ولكن الدول اكتفت وقتها بإيجاد حلول جزئية لان الطب الوقائي والرعاية الصحية لم تأخذ حظها من الاهتمام في دول كثيرة منها دول غنية و متقدمة.

ثم تحدث الدكتور محيي الدين عن الضلع الثاني من الأزمة وهو اقتصاد الدول وقال إن هناك قطاعات ستصعد وتستفيد مثل الحلول الرقمية فمثلا المؤامرات والاجتماعات سوف تستخدم الحلول الرقمية فهي اسرع واقل تكلفة، أنظمة التعليم ستستخدم بشكل أوسع الحلول الرقمية والتي يمكن فيها ضبط الحضور بشكل أكبر من التعليم التقليدي، وانا حاليا ادرس دورة حول استخدام التقنيات الحديثة في عملي من خلال الحلول الرقمية وتتطلب الحضور أمام شاشة الكمبيوتر، قطاع آخر سيتوسع استخدام الحلول الرقمية فيه وهو الإعلام، ورغم أن دولا مثل انجلترا ستستمر فيها الصحف الورقية بسبب عادات وتقاليد الشعب البريطاني وأيضا وجود نسبة كبيرة من كبار السن، و لكن دولا أخرى كثيرة سيستخدم فيها الإعلام الحلول الرقمية لانها اسرع و اسهل، واقول ان هذا سيحدث في اي نشاط اقتصادي زراعي أو صناعي أو غيره، و من لم يصبح جزء من الحلول الرقمية فلن يكون جزءا من العالم.

الخالق وحده يعلم كيف تفكر الناس التي قادتها الضرورة إلى ترك العمل والتزام المنازل

اما موضوع العودة إلى نظم نشأت في القرون السابقة استجابة لمتطلبات العصر حينها فيمكن الاستعانة ببعضها و لكن الآن لدينا تحديات جديدة، والحل الأمثل والاكثر سلما واعتدالا، بعد أن ظلم العالم نفسه لفترة طويلة، هو أن يتم علاج هذه المعضلة القديمة بين الكفاءة والعدالة، الناس تريد حلولا وستكون الحلول متباينة بعضها يسارية وبعضها يمينية متطرفة، فالعالم كبير ومتنوع، والخالق وحده يعلم كيف تفكر الناس التي قادتها الضرورة إلى ترك العمل والتزام المنازل.

جانب كبير من مشكلات العالم الآن بسبب انه لم يعط الاهتمام الكافي للموضوعات المتعلقة بالتنمية لان الهدف الثالث من أهداف التنمية الشاملة هو الرعاية الصحية، و لو كان العالم أخذ بجدية تلك الأهداف واعطاها أولوية كانت المشكله ستكون اخف ، ولا أقول انها ما كانت تحدث، لأنه لا أحد يستطيع منع الصدمات ولا ان يحاسب عليها اذا لم يكن سييا فيها، و اقول ان التنمية المستدامة هي الاستثمار الواقي من الصدمات عند حدوثها وعلى سبيل المثال فإن هناك دولا تتبناها مثل سنغافورة.

اجرى الحوار محمد الحسيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *