الجمعة. أغسطس 22nd, 2025

نشرت صحيفةيسرائيل هايومالإسرائيلية، والمقربة من نتنياهو، تقريرا هاجمت فيه مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي بسبب سياسته تجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرافضة لتهجير سكان غزة.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي جاء تحت عنوان “مصر تحدث تغييرا جذريا”: “لقد تجاوزنا أسوأ مراحل العقد الماضي، والرئيس السيسي لا يخشى مواجهة ترامب، وأصبحت القاهرة لاعبا رئيسيا في مفاوضات صفقة الأسرى ولكن ماذا عن إسرائيل؟ لا يزال الحوار الأمني براغماتيا وبالتالي فهناك مجال للقلق تجاه نوايا مصر”.

وأضاف التقرير: “كانت التطورات الأخيرة في مفاوضات إطلاق سراح الأسرى مؤشرًا آخر على صعود مكانة مصر، فقد قام رئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني بزيارة إلى القاهرة، ورافقه رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد مصطفى إلى معبر رفح، وحتى في إسرائيل والولايات المتحدة، رحّب بالتطور في المحادثات”.

وتابع: “يكاد يكون من المستحيل نسيان أسوأ لحظات العقد الماضي، عندما اضطرت مصر لبيع جزر للسعودية، وفي السنوات الأخيرة، وفي ظل اتفاقيات إبراهيم، هُمّشت قيادتها عن قيادة العالم العربي لصالح الإمارات والسعودية، وقد طغى حضور الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على حضور حاكم مصر”.

وأضاف: “أراد الجميع تصديق وعود دول الخليج بعهد جديد ومشرق في الشرق الأوسط، لكن أحداث 7 أكتوبر فجرت هذه الوعود دفعة واحدة، وفي وقت لاحق، أعادت سلسلة من التطورات مصر إلى صدارة المشهد السياسي، مؤكدةً دورها القديم كقائدة للعالم العربي وليس دول الخليج كمان كانت تريد”.

وأضاف التقرير: “جعلت الحروب في غزة والسودان مصر الوسيط الطبيعي في محادثات وقف إطلاق النار، ووقعت حركة الإخوان المسلمين، الخصم الرئيسي للنظام، في انقسام وأزمة، مما عزز استقرارها، وتشابكت مصالح القطريين، وظهرت بوادر استقرار في الاقتصاد المحلي، وتعزز الجيش المصري من قوتها الضخمة، وتبنت جامعة الدول العربية الخطة المصرية لإعادة إعمار القطاع، رغم تكلفتها الباهظة (حوالي 50 مليار دولار)، والتي لم يتضح بعد من سيمولها”.

و قال بوراك كين كليك، الباحث في العلاقات الخارجية للشرق الأوسط والمقيم في اسطنبول، لصحيفة “إسرائيل اليوم”: “تدخل العلاقات الأمريكية المصرية مرحلة جديدة، تتمتع القاهرة بتوازن طويل الأمد بين واشنطن والقوى الأخرى، لكن التطورات في السنوات الأخيرة – وخاصة الضغط الأمريكي على حقوق الإنسان، وديناميكيات الأمن الإقليمي، والعلاقات الاقتصادية لمصر مع روسيا والصين – دفعت إدارة السيسي إلى تبني موقف حازم، وأحيانًا تصادمي، تجاه واشنطن”.

وأضاف المحلل السياسي الإسرائيلي: “ما نشهده الآن ليس فك ارتباط كامل، بل إشارة من مصر بأنها لن تكون لاعبًا سلبيًا بعد الآن”.

ويلاحظ كليك، مؤكدًا: “لا يزال إطار المساعدات العسكرية والمالية يربط القاهرة بواشنطن، لكن دائرة الخلاف تتسع، لا سيما بشأن قضايا غزة والسودان والتعاون في مجال الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط. لذا، نعم، بدأت مصر باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه السياسة الأمريكية الحالية، لكن هذا أيضًا جزء من استراتيجية مدروسة – لاستنفاد التنازلات، وتنويع التحالفات، وإثبات للرأي العام المحلي أنها لا تقبل الإملاءات الأمريكية”.

وأضاف: “يبدو أن المرحلة الجديدة جزء من عملية استخلاص الدروس التي أُجريت في القاهرة بعد الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين في العقد الماضي. منذ تولي السيسي السلطة عام 2013، تقرر تعزيز الجيش المصري وتنويع مصادر المشتريات العسكرية”.

وفي مقال نشره معهد أبحاث الأمن القومي، كتبت السفيرة السابقة لدى مصر أميرة أورين أن هذا كان نتيجة لوقف المساعدات الأمريكية خلال إدارة أوباما. وبحسب قولها، اتُخذ القرار عقب ثورة 2013 الذي ألزم الإدارة قانونيًا بتجميد المساعدات مؤقتًا.

ونتيجةً لذلك، أدرك المصريون، وفق التقرير ، أنه لا يمكنهم الاعتماد كليًا على الولايات المتحدة. وبالفعل، اشتروا في السنوات الأخيرة طائرات مقاتلة من فرنسا، وسفنًا من ألمانيا، وحاملة طائرات من روسيا، وأنظمة أسلحة من إيطاليا.

وفي الوقت نفسه، أجريت مناورات عسكرية مع الصين وروسيا، وتجلّى هذا التعزيز العسكري في تواجد متزايد على الحدود: ليس فقط في سيناء – حيث تتفشى التهديدات الإرهابية – بل أيضًا على طول الحدود مع ليبيا والسودان، اللتين تشهدان فوضى حكومية أو حربًا أهلية.

ويُقدّر الباحث كليك أن “مكانة مصر في العالم العربي قد تحسّنت في السنوات الأخيرة، تحديدًا لأنها نجحت في تنويع تحالفاتها وإعادة تموضعها. ففي حين همّشت اتفاقيات إبرهام القاهرة، حوّلت مصر اليوم هذه اللحظة إلى فرصة، فقد وطّدت علاقاتها مع دول الخليج، وحافظت على حوار أمني براغماتي مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه، بنت قنوات اتصال مع روسيا والصين، وحتى إيران”.

ووفقا له فقد سمحت هذه الدبلوماسية لمصر بتجديد مكانتها كـ لاعبٌ حيوي، لا سيما في قضايا مثل غزة والسودان وشرق البحر الأبيض المتوسط. وعلى عكس فترة اتفاقيات إبراهيم، تُقدّم مصر نفسها كلاعبٍ مُوازن لا يُمكن للجهات الفاعلة الأخرى في العالم العربي تجاهله.

وقال تقرير الصحيفة ، إنه على سبيل المثال، أعلن كبار المسؤولين المصريين مؤخرًا “استعدادهم للتعامل مع أي تهديد” في السياق الإسرائيلي.

وقال التقرير : “تمر العلاقات المصرية الأمريكية بمرحلة حرجة، إذ تتبنى القاهرة خطابًا دبلوماسيًا ناعمًا من جهة، ومواقف حازمة في قضايا أخرى من جهة أخرى. وقد تجلى هذا التناقض بوضوح في أوائل أغسطس الجاري عندما صرّح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في واشنطن بأن مصر فخورة بدور الرئيس ترامب في محاولة حل النزاعات سلميًا. ولكن بدلًا من دعم نهج ترامب، بعد أن أنهى تجميد المساعدات العسكرية، بل ووافق في يوليو على صفقة محتملة لبيع أنظمة دفاع جوي متطورة لمصر، شرعت القاهرة في جولة مفاوضات اخرى.