الأحد. نوفمبر 24th, 2024

لم يسفر الانخفاض المؤقت في انبعاثات الكربون، من جراء عمليات الإغلاق العالمية- التي تم فرضها لوقف انتشار فيروس كورونا- إلى إبطاء التقدم المستمر في تغير المناخ. 
 

وقد حذر تقرير مناخي، من أن تركيزات غازات الاحتباس الحراري وصلت إلى مستويات قياسية، وأن الكوكب في طريقه نحو ارتفاع في درجة الحرارة، بشكل خطير.

وفقا للتقرير التاريخي “متحدون في العلوم” لعام 2021، والذي شاركت في إعداده وكالات متعددة*، “لا توجد أي علامة على أن العالم سيصبح أكثر اخضرارا”، حيث تتسارع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بعد التحسن المؤقت الذي حدث في عام 2020، بسبب انتشار فيروس كـوفيد-19.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، لقد وصلنا إلى نقطة اللا عودة فيما يتعلق بالحاجة إلى العمل المناخي. إن الاضطراب الذي يلحق بمناخنا وكوكبنا أسوأ بالفعل مما كنا نظن، وهو يتحرك بشكل أسرع مما كنا نتوقع. وأضاف أن “هذا التقرير يظهر مدى بعدنا عن المسار الصحيح”، الذي حدده اتفاق باريس للمناخ.

وفقا للعلماء، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية، بالفعل، إلى تأجيج الظواهر المناخية المتطرفة، والمدمرة، في جميع أنحاء العالم، مصحوب بتأثيرات متصاعدة على الاقتصادات والمجتمعات. على سبيل المثال، فقد ضاعت المليارات من ساعات العمل بسبب الحرارة المفرطة.

وقال الأمين العام: “كوارث الطقس التي تحدث الآن أكثر بخمسة أضعاف من عدد الكوارث التي كانت تحدث في عام 1970، وهي أكثر تكلفة بسبع مرات، حتى أكثر البلدان المتقدمة أصبحت معرضة للخطر”.

واستشهد السيد جوتيريش بإعصار إيدا، الذي ضرب مدينة نيو أورلينز الأمريكية، مؤخرا، وأسفر عن قطع الكهرباء عن أكثر من مليون شخص في المدينة، وأحدث شللا في مدينة نيويورك، بسبب الأمطار الغزيرة، التي حطمت الرقم القياسي، وأودت بحياة 50 شخصا، على الأقل، في المنطقة.

“لم يكن من الممكن حدوث هذه الكوارث لولا تغير المناخ الذي يسببه الإنسان. تتزايد الحرائق، ذات التكلفة الباهظة، والفيضانات، والظواهر الجوية المتطرفة في كل مكان”. 

وقد حذر الأمين العام من أن هذه التغييرات هي مجرد بداية لمخاطر أسوأ تأتي في المستقبل

يعكس التقرير بعض بيانات وتحذيرات الخبراء في العام الماضي: كان متوسط درجة الحرارة العالمية، على مدى السنوات الخمس الماضية، من بين أعلى المعدلات المسجلة، وهناك احتمال متزايد بأن درجات الحرارة ستتجاوز مؤقتا، خلال السنوات الخمس المقبلة، عتبة 1.5 درجة مئوية، المتفق عليها دوليا.

وقد رسم تقرير “متحدون في العلوم” صورة قاتمة: فحتى مع العمل الطموح لإبطاء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ستستمر مستويات سطح البحر في الارتفاع، الأمر الذي يشكل تهديدا للجزر المنخفضة وسكان السواحل، في جميع أنحاء العالم.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن الوقت ينفد وأضاف قائلا:

“يتعين علينا أن نتحرك الآن لمنع حدوث المزيد من الضرر الذي لا يمكن إصلاحه. يجب أن يمثل مؤتمر الأطراف 26، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، نقطة التحول التي ننشدها. بحلول ذلك الوقت، يتعين على جميع البلدان الالتزام بتحقيق هدف الوصول بالانبعاثات إلى مستوى الصفر، بحلول منتصف القرن الحالي، وتقديم استراتيجيات طويلة الأجل، واضحة المعالم، وذات مصداقية لتحقيق ذلك الهدف”.

من المقرر عقد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2021، المعروف أيضا باسم COP26، في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، في الفترة بين 31 اكتوبر و12 نوفمبر 2021. ومن المتوقع أن يحدد الاجتماع المحوري مسار العمل المناخي للعقد القادم

وقال السيد أنطونيو جوتيريش: “يجب أن نؤمّن، بشكل عاجل، حدوث نقلة نوعية بشأن التكيف والمرونة، حتى تتمكن المجتمعات الضعيفة من إدارة هذه المخاطر (المناخية) المتزايدة … أتوقع أن تتم معالجة كل هذه القضايا وحلها في COP26. إن مستقبلنا على المحك”.

وقال البروفيسور بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: “سمعنا طوال فترة الجائحة أنه يتحتم علينا إعادة البناء بشكل أفضل، بهدف وضع البشرية على مسار أكثر استدامة، ولتجنب أسوأ آثار تغير المناخ على المجتمعات والاقتصادات. إن هذا التقرير يظهر أننا، حتى الآن في عام 2021، لا نسير في الاتجاه الصحيح”.

ويستشهد تقرير “متحدون في العلوم” أيضا باستنتاجات أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي يفيد بأن حجم التغيرات الأخيرة، عبر النظام المناخي ككل، غير مسبوق، على مدار فترة من عدة قرون إلى عدة آلاف من السنين. ومن الواضح أن التأثير البشري أدى إلى تدفئة الغلاف الجوي والمحيطات والأرض

استمرت تركيزات غازات الدفيئة الرئيسية – ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز في الزيادة في عام 2020 والنصف الأول من عام 2021.

وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن تقليل غاز الميثان في الغلاف الجوي، على المدى القصير، يمكن أن يدعم تعهدات 193 دولة عضوة في اتفاق باريس. لا يقلل هذا الإجراء من الحاجة إلى إجراء تخفيضات قوية وسريعة ومستدامة في ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة.

وفي الوقت نفسه، يحذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أنه بعد خمس سنوات من اعتماد اتفاق باريس، فإن فجوة الانبعاثات (الفرق بين الحجم الذي تتجه إلى أن تكون فيه، والحجم الذي يشير العلم إلى أنه ينبغي أن تكون فيه، بحلول عام 2030) كبيرة كما كانت دائما.

على الرغم من أن العدد المتزايد من البلدان التي تلتزم بأهداف صافي الانبعاثات الصفرية يعد أمرا مشجعا، ولكي تظل قابلة للتنفيذ وذات مصداقية، فإن هذه الأهداف تحتاج، بشكل عاجل، إلى أن يتم عكسها في السياسة، على المدى القريب، وفي إجراءات أكثر طموحا، بشكل ملحوظ، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة

ورجح التقرير أن يكون متوسط درجة الحرارة العالمية السنوية أكثر دفئا بنسبة 1 درجة مئوية، على الأقل، من مستويات ما قبل الصناعة (الفترة بين 1850-1900)، خلال السنوات الخمس المقبلة، ومن المرجح جدا أن تكون في نطاق 0.9 إلى 1.8 درجة مئوية.

هناك أيضا احتمال بنسبة 40% أن يكون متوسط درجة الحرارة، في إحدى السنوات الخمس المقبلة، أكثر دفئا، بمقدار 1.5 درجة مئوية، على الأقل، من مستويات ما قبل العصر الصناعي. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة لمدة 5 سنوات (الفترة 2021-2025) عتبة 1.5 درجة مئوية.

كما يحذر التقرير من أن المناطق المرتفعة، والساحل، من المرجح أن تكون أكثر رطوبة في السنوات الخمس المقبلة

ارتفعت مستويات البحار العالمية 20 سم في الفترة بين عامي 1900 -2018، وتسارع معدل ارتفاعها في الفترة بين عامي 2006 – 2018.

حتى إذا تم تقليل الانبعاثات اللازمة للحد من الاحترار إلى أقل من 2 درجة مئوية، فمن المرجح أن يرتفع متوسط مستوى سطح البحر العالمي بمقدار 0.3 – 0.6 متر بحلول عام 2100، ويمكن أن يرتفع بمعدل 0.3 – 3.1 متر بحلول عام 2300.

تشير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن التكيف مع الارتفاع سيكون ضروريا، لا سيما على طول السواحل المنخفضة والجزر الصغيرة والدلتا والمدن الساحلية

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن ارتفاع درجات الحرارة مرتبط بزيادة الوفيات الناجمة عن الحرارة والعجز المرتبط بالعمل، مع فقدان ما يزيد عن 103 مليارات ساعة عمل محتملة، على مستوى العالم، في عام 2019، مقارنة مع الساعات المفقودة في عام 2000.

علاوة على ذلك، فإن عدوى كوفيد-19 والمخاطر المناخية مثل موجات الحر وحرائق الغابات وسوء نوعية الهواء، تتضافر كلها لتهدد صحة الإنسان في جميع أنحاء العالم، مما يعرض الفئات الضعيفة من السكان للخطر، بشكل خاص.

وفقا لوكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة، يجب أن تتماشى جهود التعافي من فيروس كوفيد-19 مع الاستراتيجيات الوطنية بشأن تغير المناخ وجودة الهواء، للتقليل من المخاطر الناجمة عن الأخطار المناخية المتواترة، واكتساب الفوائد الصحية المشتركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *