أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقرير بعنوان “لا أحد بمنأى عن الخطر.. علي العالم ألا يتهاون في تقرير مصيره.. حقوق الإنسان في فوهة جائحة المناخ”، والذي ركز على الأثر الذي يخلفه تغير المناخ على مجموعة كاملة من حقوق الإنسان الأساسية، كالحق في الحياة، والحق في السكن اللائق، والحق في الحصول على مياه شرب مأمونة، والحق في التنمية، ناهيك عن تأثير تجاوز المستويات الحالية للاحترار العالمي التي اتفق عليها في اتفاق باريس لعام 2015 على أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الهدف رقم 13 القاضي باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ والحد من آثاره.
خلص التقرير إلي أنه من شأن الاستمرار في السياسات الحالية للدول الكبرى المتمثلة في مشاركة 25 مدينة كبري معظمهم في الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند بنحو 52% من انبعاثات الغازات الدفيئة المسٌبب الأول للتغير المناخي أن تؤدي إلى ازهاق مزيد من الأرواح حيث بلغت نسبة الوفيات الناجمة عن تغير المناخ نحو 8.3% من إجمالي حالات الوفاة السنوية وهي ارقام مُرشحة للارتفاع حال لم تتخذ تدابير كافية لإيقاف متوسط الاحترار العالمي عند الحدود المتفق عليها دوليا، ومن شأن تغير المناخ أن يؤدي إلي نفوق الحيوانات واتلاف المحاصيل ما يهدد الأمن الغذائي، بالإضافة إلى اندثار مدن بأكملها، وتواري دول جزرية ونامية من على الخريطة كأن لم تكن، بالإضافة إلي انهيار التنوع البيولوجي الذي يحافظ على دورة الحياة على الأرض، ما يهدد على نحو غير مسبوق بمحو مجتمعات وشعوب بأكملها.
في هذه السياق، قال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت إن تغيير المناخ يٌزيد من الهوة السحيقة بين الدول، ففي الوقت الذي تساهم فيه الدول الصناعية الكبرى بالنسبة الأكبر من انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن أنشطة بشرية، ومن ثم زيادة متوسط الاحترار العالمي، فإن الدول النامية منخفضة الدخل تتحمل بشكل غير متكافئ تبعات هذه الانبعاثات، فتؤثر على المجتمعات الفقيرة كونها مجتمعات هشة، ليس لديها قابلية للتكيف أو التخفيف من آثار تغير المناخ، وهم الاستراتيجيتين الرئيستين في مجال التصدي لتغيير المناخ.
وأضاف عقيل إن تبعات تغير المناخ يهدد طيف واسع من حقوق الإنسان في هذه المجتمعات الضعيفة.
وطالب عقيل الدول الكبرى الموقعة على اتفاق باريس والدول المشاركة في مؤتمر المناخ (COP26) المحدد اقامته في نوفمبر 2021، باتباع نهج قائم على حقوق الإنسان لدعم السياسات الرامية للتخفيف من تغير من المناخ والتكيف معه، من خلال دعم المبادرات المحلية في الدول النامية والفقيرة التي تسعي إلى مكافحة تغير المناخ والحد من آثاره.
واتباع نهج تشاركي مع كافة أصحاب المصلحة المعنيين من أجل مناقشة تبعات التغير المناخي على هذه الدول وكيفية التخفيف من آثار هذه التغير والتكيف معه.
من جانبه قال علي محمد الباحث بمؤسسة ماعت إن تغير المناخ سيخُفض كميات الموارد المائية السطحية، التي تتميز بالندرة في الأصل، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، فمن شأن انخفاض ذوبان مياه الجليد الناجم عن تغير المناخ، التأثير على حوض نهر دجلة والفرات، بالإضافة إلى انخفاض التدفق اليومي لفروع نهر الأردن بنحو 17% في حالة زيادة تقدر بنحو درجتين مئويتين في متوسط الاحترار العالمي.
كما إن تغير المناخ سيٌخلف آثار سلبية على كمية المياه الجوفية المتجددة وهو ما يهدد الإنتاج الزراعي على نحو غير مسبوق ما يقوض الأمن الغذائي لملايين من السكان في مناطق مختلفة من العالم.
وطالب محمد حكومات الدول الكبرى بتزويد المجتمعات المحلية الفقيرة، والسكان الأصليون بالإمكانيات اللازمة لبناء القدرات والاستجابة السريعة للتأهب للكوارث بما في ذلك الكوارث الناجمة عن تغير المناخ بما قد يساعد من الحد من آثار هذه الكوارث ويدعم قدرة هذه المجتمعات على الصمود.