كتير بينا ناس فكرتهم عن الرسم إنه موهبة موجودة عند بعض الأشخاص ، ودول اللي بيعرفوا يرسموا ، ولما بينموا موهبتهم بعد كده بنلاقيهم فنانين ورسامين ، احنا نحب نتفرج على أعمالهم ونستمتع بيها ، نشتريها ، نقتنيها أو نهاديها .
دي الفكرة التقليدية عن الرسم عند معظم الناس ، لكن تعالوا نشوفها من زاوية تانية .
الرسم عبارة عن شكل ولون . الرسم مش لازم أكون بعرف أرسم وش أو منظر طبيعي أو أي حاجة شايفاها عنينا .. لأ
الرسم أشكال موجودة جوانا بنطلعها على الورق والحيطان والرمل ، والناس بتشوفها وكل واحد فينا بيشوفها حسب برضه اللي جواه .
كل خط وشكل ولون طالع من جوه الشخص اللي بيرسم محملين بطاقة ، بطاقته هو ، وبتلمس عند الآخر المتلقي بدرجات مختلفة من متلقي لآخر برضه حسب الطاقة اللي جوه كل واحد فينا .
يعني الرسم طاقة جوانية رايحة جاية
وبم إن الرسم بيطلع اللي جوانا ، ما تتخضوش لما بناتكم وولادكم بيرسموا على الحيطان ، وبدل ما تأنبوهم لأنهم بيخرجوا اللي جواهم حتى لو شخبطة ، الزقوا ورق كبير على الحيطان ، وسيبوهم يعبروا بحرية ، وشاركوهم الشخبطة والرسم ، ومافيش حاجة اسمها ما بعرفش أرسم ، إنت ما حاولتش ترسم ، ما حاولتش تطلع اللي جواك .
إنت مش متخيل الإحساس بالمتعة لما تشخبط أو ترسم أو تلخبط ألوان على بعضها ، وتعبر عن اللي جواك .. الإحساس الجميل ده اللي بيحسه بنتك وابنك ، ورغم غضبك وعقابك ، بتلاقيهم بيشخبطوا تاني ويرسموا على الحيطان أو أي حاجة في البيت ..
خدوا فالكم من عيالكم ، اللي عيون قلوبهم نقية حرة شوافة ، بتعبر بطلاقة من غير خوف ، أيوا ، عيون القلب اللي بتشوف كل الوجود والأكوان المرئي واللامرئي ، الخلق كله بكل تفاصيله موجود جوانا .
ما تستغربوش الكلام ده عن تجربة شخصية ، أيوا ..
لما كنت طفلة كنت بحب أرسم الفراش والأسماك في قاع البحار والزهور وأوراق الشجر بأشكال وألوان وتكوينات مختلفة ومتنوعة ، عمر ما عين وشي ما شافتها لكنها كانت زي ما بيقولوا من وحي خيالي ، وكنت باستمتع جدا وانا برسمها ، ولما كبرت شوية واتفرجت على التليفزيون وعالم البحار والطبيعة ، لقيت نفس الأشكال ونفس تكوينات الألوان اللي كنت وانا طفلة برسمها ، ومرة روحت أصور برنامج جميلة يا بلدي في قصر الأمير محمد علي في المنيل ، وكان محمد علي غاوي صيد ، وعامل في القصر جناح كامل محنط ومصبر فيه أنواع وأشكال من الكائنات الحية ، واللي لفت نظري فيه جزء الفراشات ، وقفت مذهولة من شكل الفراشات وتكوينات ألوانهم اللي كانوا طبق الأصل من رسوماتي وأنا طفلة ، ساعتها عرفت إن الكون كله جوانا ، وإن الرسم أجمل نعمة ، وأرقى وسيلة لطرح جمال الكون اللي جوانا وبيه بنتغلب على الصعب اللي بنعيشه في الحياة .
الرسم بيخلينا نسمع أصوات ونحس إشارات الكون اللي جوانا واللي في نفس ذات الوقت موجودة حوالينا ، بس عين الوش مش شايفاها .
انطلقوا ارسموا شخبطوا لونوا اكتبوا اللي جواكم ، ما تخافوش وما تستنوش رأي حد ، حلو أو وحش .
اسمعوا نفسكم وعبروا عنها حترتاحوا ، حتحرروا كل اللي مخنوق ومستخبي ومزنوق جواكم ، حتكتشفوا نفسكم من أول وجديد ، وتتعرفوا عليها وعلى اللي حواليكم من جديد ، حتى طريقة تفكيركم في حياتكم حتتغير حبة حبة لطريق جديد ، الكلام ده مش خيال أو وهم ، ده واقع جربته مع ناس كتير من كل الأعمار والأجناس والطبقات الاجتماعية .
وعلى رأي المثل : ” إسأل مجرب ولا تسأل طبيب ” . فتكم بعافيه.
د. هاله فهمي يونيو 2021