كشفت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية العالمية غير المسبوقة التي سببتها جائحة كوفيد-19 هشاشة عالمنا وترابطه، مما أثر على كل بلد ومجتمع وعائلة.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في ذروة الجائحة، أغلقت المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى في أكثر من 190 دولة، مما أدى إلى إعاقة تعليم 1.6 مليار طالب، فيما أصبح مئات ملايين الأطفال والشباب غير قادرين على مواصلة تعلمهم.
ولمعالجة هذه الأزمة العالمية، عقدت جلسة استثنائية عبر الإنترنت للاجتماع العالمي للتعليم المعروف باسم جام أوGEM، استضافتها حكومات غانا والنرويج والمملكة المتحدة.
والهدف من عقد هذه الجلسة الاستثنائية، هو تأمين الالتزامات من القادة السياسيين لوضع التعليم في صلب الجهود الوطنية والدولية للتعافي بسرعة وبشكل شامل ومستدام من جائحة كوفيد-19″.
وفي هذا السياق، اعتمد المجتمعون خلال هذا الاجتماع العالمي الاستثنائي للتعليم إعلانا يؤكد التزام الدول بضمان دعم الحزم التحفيزية التدابير التي من شأنها التخفيف من الخسائر في التعلّم وإعادة أشد الفئات ضعفاً إلى المدرسة، وتوجيه المعونة إلى البلدان والشعوب الأحوج إليها، بما فيهم الفئات التي لا تصل إليها البرامج الحكومية. كما أدان هذا الإعلان أيضاً الاعتداءات التي ارتُكبت مؤخراً بحق معلمين وطلاب ومدارس، وأكد مجدداً دور التعليم والمعلمين
المديرة العامة للمنظمة الأممية المعنية بالتربية والتعليم والثقافة، أودري أزولاي، بدأت كلمتها بتقديم تحية إجلال لروح صامويل باتي، المعلم الفرنسي الذي تم اغتياله في فرنسا مؤخرا، منوهة “بجميع المعلمين في العالم الذين يخاطرون بأنفسهم من أجل تعليم أبنائنا”.
وقالت إن اجتماع اليوم يأتي “لمواجهة وضع استثنائي يهدد مستقبل أطفالنا وشبابنا – أي مستقبلنا المشترك”، مؤكدة أن تعبئة اليوم على أعلى مستوى للتعليم العالمي أمر بالغ الأهمية.
وفيما أشارت إلى قلب جائحة كوفيد-19 لمنظومة التعليم بين عشية وضحاها، وحرمان ما يصل إلى 1.6 مليار طالب من المدارس في جميع أنحاء العالم، بشكل مفاجئ في الربيع الماضي، أكدت أنه “في خضم الأزمة، أدركنا أكثر من أي وقت مضى أن التعليم هو منفعة عامة عالمية”.
وشددت على أهمية مواجهة هذه الحالة الطارئة والنظر في نفس الوقت إلى المدى البعيد “لأن التعليم أولاً وقبل كل شيء هو الذي يبني مستقبلنا”.
وكانت اليونسكو قد وحدت، من خلال التحالف العالمي للتعليم وشركائها الـ 150، جهود الجميع، ولا سيما في اتجاه الفئات الأكثر ضعفاً.
على الرغم من هذه الجهود، قالت أزولاي فإن ثلث طلاب العالم لم يتمكنوا من بلوغ هذه الحلول. “وهكذا، فقد أدت الأزمة التعليمية إلى تفاقم التفاوتات”.
وفي هذا السياق دعت إلى العمل على إعادة فتح المدارس مع “ضمان اتخاذ جميع تدابير السلامة”، وتخصيص التمويل للتعليم والتدريب في حزم تدابير التحفيز الوطنية، قائلة
وفي رسالة مصورة إلى الاجتماع، كرر الأمين العام أنطونيو جوتيريش، ما حذر منه في موجزه سياساتي حول التعليم وكوفيد-19 قائلا إن هناك كارثة قد تمس جيلا كاملا، فيما لا تنفك جائحة كوفيد -19 في إحداث دمار في تعليم الطلاب على مستوى العالم.
وذكّر الأمين العام المشاركين في الاجتماع بأن الجائحة كان لها “تأثير غير متناسب على الأطفال والشباب الأكثر ضعفاً وتهميشا”.
وقال: “إن التقدم الذي أحرزناه، وخاصة بالنسبة للفتيات والشابات، أصبح مهددا”.
ودعا في هذا السياق إلى “دعم تعافي التعلم في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل – وإدراج التعليم في كل حزمة تحفيز”.
لتفادي الأزمة بنجاح، أكد السيد غوتيريش أهمية الاعتراف بالتعليم باعتباره “منفعة عالمية مشتركة”، وإلى الاستثمار بشكل أكبر في المعلمين، في مدارس آمنة وفي أولئك الأكثر عرضة للتخلف عن الركب، قائلا:
“سننجح من خلال الاستثمار في الاتصالات والتقنيات الرقمية لإعادة تصور التعليم”.
والاجتماع الذي عقد عبر الإنترنت جمع حشدا كبيرا من رؤساء الدول والحكومات والمسؤولين الأمميين وممثلي المنظمات المعنية بالتعليم بالإضافة إلى ضيوف مميزين، منهم غوردون براون، مبعوث الأمم المتحدة الخاص للتعليم العالمي؛ و تارمان شانموجاراتنان، الوزير الأول في سنغافورة والرئيس المشارك لمنتدى التعليم العالمي؛ السيدة أنجلينا جولي، المبعوثة الخاصة لمفوضية شؤون اللاجئين.
واعتمد رؤساء الدول والحكومات والوزراء من أكثر من 10 بلداً، إلى جانب عدد من الشركاء الدوليين، الذين شاركوا في الاجتماع العالمي الاستثنائي للتعليم عبر الإنترنت، إعلانا تعهّدوا بموجبه بالذود عن التمويل المخصّص لقطاع التعليم وتحديد تدابير كي تُعتمد خلال العام المقبل من أجل حماية التعليم من الآثار المدمّرة التي أسفر عنها الاضطراب الناتج عن كوفيد-19.
ويحدد الإعلان الذي أُقر في الاجتماع، الإجراءات ذات الأولوية الأساسية لتحقيق انتعاش التعليم في الأشهر الخمسة عشر المقبلة، وهي كالتالي:
اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإعادة فتح المدارس بأمان وبطريقة تشمل الجميع.
دعم جميع المعلمين بصفتهم يعملون في الميدان، وإيلاء عناية أكبر لتدريبهم وتطورهم المهني.
الاستثمار في تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية بغية اكتساب الكفاءات اللازمة لإيجاد عمل جديد.
تقليص الفجوة الرقمية التي تسببت في استبعاد ثلث طلاب العالم من التعليم.
ويقتضي تطبيق هذه الإجراءات ذات الأولوية على الأقل حماية الميزانيات المخصصة للتعليم، وذلك في حال عدم زيادتها