في ظل الفيضانات المتكررة التي اجتاحت المدن الصينية، برز مهندس المدن الإسفنجية، كونغجيان يو، مقدمًا ابتكارًا فريدًا في مواجهة الكوارث. حيث قدّم حلولًا مبتكرة حولت المساحات الحضرية لتصبح أكثر قدرة على امتصاص مياه الأمطار وإعادة تدويرها، ما يقلل من تأثير الفيضانات ويحمي البيئة المحلية في الوقت نفسه.
ومفهوم “المدينة الإسفنجية” يقوم ببساطة على توظيف المساحات الخضراء—من حدائق ومتنزهات وأحواض نباتية وبحيرات صناعية—لكي تعمل كما لو كانت إسفنجة طبيعية تمتص مياه الأمطار وتحتجزها، ثم تعيد تدويرها أو تصريفها بشكل تدريجي وآمن.
هذا النهج يمثل ثورة في التخطيط الحضري، لأنه لا يتعامل مع الماء كعدو يجب صده بالجدران، بل كعنصر طبيعي يجب استيعابه والتعايش معه.
وراء هذا المفهوم الرائد يقف المهندس كونغجيان يو، البالغ من العمر 62 عامًا، وهو مؤسس شركة التصميم العالمي Turenscape والمتخصصة في هندسة المناظر الطبيعية.
هذا التحول الجذري في التفكير لا يقتصر فقط على تقليل مخاطر السيول، بل يفتح المجال لفوائد أخرى بالغة الأهمية. إذ تسهم المساحات الخضراء التي يقترحها يو في تبريد المدن التي تعاني عادة من ارتفاع درجات الحرارة بسبب كثرة الإسفلت والخرسانة—وهي الظاهرة المعروفة عالميًا باسم “الجزيرة الحرارية الحضرية”.
كما تساعد هذه المساحات على إعادة تدوير مياه الأمطار لاستخدامها محليًا، مثل ري الحدائق أو تغذية المياه الجوفية.
و تبنت أكثر من 70 مدينة صينية المبادرة، رغم أن التحديات المتعلقة بالتمويل والتنفيذ لا تزال تحول دون وصولها إلى مستوى يجعلها قادرة وحدها على منع الفيضانات الكبرى.
ويُعتبر يو من أبرز العقول التي أعادت تعريف دور المدن في مواجهة التغيرات المناخية، واضعًا أسسًا عملية لدمج الاستدامة مع التصميم العمراني.