الخميس. سبتمبر 18th, 2025

كشفت التحريات التي أجرتها الجهات الأمنية المصرية، ملابسات اختفاء إسورة ذهبية نادرة تعود للعصر المتأخر من داخل خزينة حديدية بمعمل الترميم في المتحف المصري بالتحرير.

وأسفرت التحقيقات عن أن مرتكبة الواقعة هي أخصائية ترميم تعمل داخل المتحف المصري، حيث تمكّنت من سرقة القطعة الأثرية يوم 9 من الشهر الجاري، مستغلة تواجدها أثناء أداء عملها، وبأسلوب “المغافلة” — أي دون أن ينتبه لها زملاؤها أو أنظمة المراقبة — حيث كانت على دراية تامة بإجراءات العمل ونظام التأمين الداخلي.

وبعد تنفيذ السرقة، تواصلت الأخصائية مع أحد معارفها، وهو تاجر فضيات يمتلك محلاً في منطقة السيدة زينب بالقاهرة، والذي بدوره باع الإسورة لمالك ورشة ذهب في منطقة الصاغة مقابل مبلغ 180 ألف جنيه. ثم قام مالك الورشة بإعادة بيع القطعة لـعامل بمسبك ذهب مقابل 194 ألف جنيه، حيث قام الأخير بصهر الإسورة فوراً ضمن مصوغات ذهبية أخرى لإعادة تشكيلها، في محاولة لإخفاء معالمها الأثرية.

وعقب تقنين الإجراءات القانونية، تمكّنت الأجهزة الأمنية من ضبط جميع المتورطين الأربعة: الأخصائية، والتاجر، ومالك الورشة، وعامل المسبك. وعند مواجهتهم، أقروا جميعاً بارتكاب الواقعة، كما تم ضبط المبالغ المالية كاملة — وهي حصيلة بيع الإسورة — بحوزتهم.

وتشير التفاصيل إلى أن السرقة لم تكن عفوية، بل نُفذت ببرودة دم ودراية داخلية، ما يُعيد طرح تساؤلات جوهرية حول منظومة التأمين والرقابة في المتاحف المصرية، خصوصاً في الأقسام الحساسة مثل معمل الترميم، حيث يُفترض أن تكون القطع الأثرية الأكثر عُرضة للخطر تحت رقابة مشددة.

وبالرغم من استرداد المبلغ المالي، فإن القطعة الأثرية ذاتها فُقدت إلى الأبد بعد صهرها، وهو ما يُعد خسارة لا تعوّض للتراث المصري، ويُفاقم من خطورة الحادث، لا سيما في ظل التحضيرات الجارية لافتتاح المتحف المصري الكبير، وفي وقت تترشح فيه شخصية مصرية لمنصب دولي رفيع في اليونسكو.

ويُتوقع أن تواجه المتهمة والعاملين معها عقوبات قانونية مشددة، في ظل تجريم قانون الآثار المصري لسرقة القطع الأثرية، حتى لو لم تكن معروضة للجمهور، خاصة إذا أدت إلى تلفها أو تدميرها. كما من المرجح أن تُتخذ إجراءات عاجلة لإعادة هيكلة أنظمة التأمين والمراقبة داخل المتحف، لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل