تحوّلت درجات الحرارة القياسية من ظاهرة موسمية عابرة إلى تهديد حقيقي يعصف بالبطولات الكبرى ويضع صحة الرياضيين والجماهير على المحك.
ففي بطولة كأس العالم للأندية، اضطر اللاعبون لمغادرة الملعب والاحتماء بغرف تبديل الملابس هربًا من الشمس الحارقة. وفي سانت لويس، انهار نجم البيسبول إيللي دي لا كروز بعد أن تقيأ أثناء المباراة نتيجة الحرارة الخانقة.
أما في بطولة ويمبلدون، فقد توقفت المباريات 16 دقيقة لإنقاذ مشجع فقد وعيه في أكثر الأيام حرارة بتاريخ البطولة.
وقد لخّص نجم اتليتكو مدريد ، ماركوس يورينتي، معاناة الرياضيين قائلًا بعد مباراة في كاليفورنيا: “الحرارة كانت مرتفعة للغاية، حتى أظافر قدمي كانت تؤلمني”.
يحذّر خبراء الأرصاد الجوية من أن ما نشهده ليس مجرد موجة عابرة، بل مؤشر واضح على مسار مناخي آخذ في التصاعد. ففي يونيو/ حزيران الماضي، سجّلت نيويورك ثلاث أيام متتالية تجاوزت فيها الحرارة 35 درجة مئوية، وهو رقم لم يُسجَّل في مثل هذا الشهر منذ عام 1988، بينما ظلّت درجات الحرارة في فيلادلفيا ليلًا فوق 26.6 درجة، في سابقة لافتة.
ومع اقتراب انطلاق بطولة كأس العالم يتعرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لضغوط متزايدة لتعديل توقيت المباريات، وتجنّب تنظيمها خلال ساعات النهار شديدة الحرارة، إلى جانب توسيع فترات حصول اللاعبين على راحة لتناول المشروبات.
وقد أطلقت دراسة حديثة تحذيرًا من أن إقامة المباريات بعد الظهر قد تعرّض اللاعبين والجماهير لمستويات حرارة “خطيرة ومهددة للصحة”.
لم تعد درجات الحرارة المرتفعة تهدد أداء اللاعبين فحسب، بل باتت تمثل خطرًا مباشرًا على سلامتهم وسلامة الجماهير. فالإجهاد الحراري قد يبدأ بتعب بسيط أو تقلصات عضلية، لكنه سرعان ما قد يتطور إلى جفاف حاد أو ضربة شمس قد تكون قاتلة إذا لم تُعالج بسرعة.
وفي مواجهة هذا الواقع، بدأت الفرق الرياضية تعتمد استراتيجيات علمية للتكيّف مع الحرارة، مثل إجراء تحاليل دقيقة للعرق لتحديد اللاعبين الأكثر عرضة لفقدان السوائل، وتطبيق برامج ترطيب مخصصة، واستخدام أجهزة تبريد موضعية، كتلك التي يستعين بها بعض لاعبي البيسبول لتخفيض حرارة اليدين.
بالتوازي، يشهد تصميم الملاعب تغييرات واضحة، حيث يتم توسعة مناطق الظل، وزيادة محطات المياه، وبناء منشآت مرنة قادرة على الاستجابة للظروف المناخية القاسية، بما في ذلك تحويلها إلى مراكز إغاثة في حالات الطوارئ المناخية.