لَقَدْ وَصَلْتُ إِلَى الْأَرْضِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ الْمُحْتَلَّةِ يَوْمَ الْأَحَدِ، بِهَدَفِ الْوُقُوفِ بِنَفْسِي وَمُبَاشَرَةً عَلَى حَجْمِ الْأَزْمَةِ الصِّحِّيَّةِ – الَّتِي بَلَغَتْ ذُرْوَتَهَا فِي غَزَّةَ وَهِيَ آخِذَةٌ فِي التَّصَاعُدِ فِي الضَّفَّةِ الْغَرْبِيَّةِ.
عِنْدَمَا تَوَلَّيْتُ مَنْصِبَ الْمُدِيرِ الْإِقْلِيمِيِّ فِي شُبَاطَ/فِبْرَايِرَ مِنْ هَذَا الْعَامِ، كَانَتِ الْأَزْمَةُ فِي غَزَّةَ قَدْ وَصَلَتْ بِالْفِعْلِ إِلَى مُسْتَوَيَاتٍ كَارِثِيَّةٍ. وَلَكِنَّهُ مِنَ الْمُؤْسِفِ وَالْمُقْلِقِ بِشِدَّةٍ أَنَّ الْوَضْعَ مَا زَالَ يَتَدَهْوَرُ بِسُرْعَةٍ شَدِيدَةٍ حَتَّى الْيَوْمِ.
فِي اجْتِمَاعَاتِي مَعَ الشُّرَكَاءِ وَكِبَارِ مَسْؤُولِي الْأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ يَوْمَ الْأَحَدِ وَأَمْسِ، كَانَتْ ثَمَّةَ رِسَالَةٌ وَاضِحَةٌ:
إِنَّ مُنَظَّمَةَ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةَ وَشُرَكَاءَهَا فِي الْمَجَالِ الْإِنْسَانِيِّ مُلْتَزِمُونَ بِالْبَقَاءِ فِي غَزَّةَ وَتَقْدِيمِ الْخِدْمَاتِ. وَفِي حِينِ أَنَّ لَدَيْنَا الْقُدْرَةَ وَالْمَوَارِدَ اللَّازِمَةَ لِلتَّخْفِيفِ مِنَ الْمُعَانَاةِ الْكَارِثِيَّةِ الَّتِي يُوَاجِهُهَا سُكَّانُ غَزَّةَ، فَإِنَّنَا نَفْتَقِرُ إِلَى بِيئَةٍ مُوَاتِيَةٍ لِتَوْسِيعِ نِطَاقِ عَمَلِيَّاتِنَا؛ لِذَا فَإِنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى السَّلَامِ وَإِلَى ضَمَانِ وُصُولٍ مُسْتَدَامٍ لِلْمُسَاعَدَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ.
وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ كُلِّ الصِّعَابِ، تَعْمَلُ فِرَقُ مُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ بِلَا كَلَلٍ لِإِنْقَاذِ الْأَرْوَاحِ وَإِنْعَاشِ النِّظَامِ الصِّحِّيِّ فِي غَزَّةَ وَاسْتِعَادَةِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ.
وَحَتَّى الْآنَ اشْتَرَتْ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةُ أَدْوِيَةً وَمُسْتَلْزَمَاتٍ طِبِّيَّةً بِقِيمَةِ ثَلَاثِينَ مِلْيُونَ دُولَارٍ أَمْرِيكِيٍّ، وَقَدْ تَمَّ تَسْلِيمُ تِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ في الْمِئَةِ مِنْهَا إِلَى قِطَاعِ غَزَّةَ. وَعَلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، قَدَّمْنَا الْوَقُودَ لِلْمُسْتَشْفَيَاتِ الَّتِي هِيَ فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَنُوَاصِلُ الْجُهُودَ لِتَوْفِيرِهِ. وَفِي عَامِ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، قَدَّمَتِ الْفِرَقُ الطِّبِّيَّةُ الدَّوْلِيَّةُ لِلطَّوَارِئِ، بِتَنْسِيقٍ مِنْ مُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ، حَوَالَيْ تِسْعِمِائَةِ أَلْفِ اسْتِشَارَةٍ طِبِّيَّةٍ وَأَجْرَتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ. وَقَدْ دَعَّمَتْ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةُ وَشُرَكَاؤُهَا عَمَلِيَّاتِ الْإِجْلَاءِ الطِّبِّيِّ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَتِسْعِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ مَرِيضًا إِلَى خَارِجِ غَزَّةَ. وَبِالتَّعَاوُنِ مع الشُّرَكَاءِ ، عَمِلْنَا أَيْضًا عَلَى إِعَادَةِ تَشْغِيلِ مُجَمَّعِ نَاصِرٍ الطِّبِّيِّ وَمُسْتَشْفَى الشِّفَاءِ وَاسْتِعَادَةِ تَقْدِيمِ الْخِدْمَاتِ الْمُتَخَصِّصَةِ – مِثْلِ غَسِيلِ الْكُلَى، وَالرِّعَايَةِ الطَّارِئَةِ، وَالْجِرَاحَةِ وَجِرَاحَةِ الْعِظَامِ، وَرِعَايَةِ الْحُرُوقِ، وَخِدْمَاتِ الْمُخْتَبَرَاتِ، وَرِعَايَةِ الْأُمُومَةِ وَالْأَطْفَالِ.
لَكِنَّ هَذِهِ الْجُهُودَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ بَدِيلًا لِنِظَامٍ صِحِّيٍّ فَعَّالٍ، وَهُوَ مَا تَشْتَدُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فِي غَزَّةَ الْيَوْمَ، خَاصَّةً فِي ظِلِّ مَا يُجَابِهُ تِلْكَ الْجُهُودَ مِنْ عَقَبَاتٍ وَحَالَاتِ الرَّفْضِ وَالتَّأْخِيرَاتِ وَالْمَخَاطِرِ الْكَبِيرَةِ الَّتِي تُهَدِّدُ سَلَامَةَ فِرَقِنَا.
وَإِلَى حِينِ التَّوَصُّلِ إِلَى حَلٍّ مُسْتَدَامٍ لِهَذِهِ الْأَزْمَةِ، سَيَظَلُّ عَمَلُنَا يُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتٍ جَمَّةً.
وَأَحَدُ التَّحَدِّيَاتِ الرَّئِيسِيَّةِ هُوَ نَقْصُ الْوَقُودِ، ذلك العنصر الضَّرُورِيِّ لِاسْتِمْرَارِ جَمِيعِ الْعَمَلِيَّاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ بِالْمُسْتَوَى الْمَنْشُودِ، وَخَاصَّةً الْعَمَلِيَّاتِ الصِّحِّيَّةَ. وَلَقَدْ تَعَرَّضَتْ عَمَلِيَّاتُنَا الصِّحِّيَّةُ لِلْخَطَرِ مُنْذُ إِغْلَاقِ مَعْبَرِ رَفَحَ، الَّذِي كَانَ الْمَنْفَذَ الرَّئِيسِيَّ لِدُخُولِ الْوَقُودِ إِلَى غَزَّةَ.
وَفِيمَا بَيْنَ 25 إِلَى 27 حَزِيرَانَ/يُونيُو، لَمْ يَدْخُلْ غَزَّةَ سِوَى مائة وخمسة وتسعين ألفًا ومائتي لِتْرٍ مِنَ الْوَقُودِ عَبْرَ مَعْبَرِ كَرَمِ أَبُو سَالِمٍ، لِيَجْرِيَ تَوْزِيعُهَا عَلَى جَمِيعِ الْقِطَاعَاتِ، بِمَا فِي ذَلِكَ الصِّحَّةُ، وَخِدْمَاتُ الْمِيَاهِ وَالصَّرْفِ الصِّحِّيِّ وَالنَّظَافَةِ الصِّحِّيَّةِ، وَالتَّغْذِيَةُ، وَغَيْرُهَا. وَمُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ، لَمْ يَدْخُلْ أَيُّ وَقُودٍ إِلَى غَزَّةَ.
وَبِالْمُقَابِلِ، يَحْتَاجُ قِطَاعُ الصِّحَّةِ وَحْدَهُ إِلَى ثمانين ألف لِتْرٍ مِنَ الْوَقُودِ يَوْمِيًّا لِلْإِبْقَاءِ عَلَى مُوَاصَلَةِ عَمَلِهِ بِكَامِلِ طَاقَتِهِ. وَيَحْتَاجُ قِطَاعُ الْمِيَاهِ وَالصَّرْفِ الصِّحِّيِّ وَحْدَهُ إِلَى سبعين ألف لِتْرٍ مِنَ الْوَقُودِ يَوْمِيًّا لِتَشْغِيلِ الْخِدْمَاتِ الْحَيَوِيَّةِ الْمُتَبَقِّيَةِ.
وَنَتِيجَةً لِذَلِكَ، تُعَانِي الْمُسْتَشْفَيَاتُ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ نَقْصِ الْوَقُودِ، الْأَمْرُ الَّذِي يُهَدِّدُ بِتَعْطِيلِ الْخِدْمَاتِ الْحَيَوِيَّةِ. بَلْ إِنَّ الْجَرْحَى وَالْمُصَابِينَ يَفْقِدُونَ أَرْوَاحَهُمْ لِأَنَّ خِدْمَاتِ الْإِسْعَافِ تُوَاجِهُ تَأْخِيرَاتٍ بِسَبَبِ نَقْصِ الْوَقُودِ.
وَيُؤَثِّرُ نَقْصُ الْوَقُودِ أَيْضًا عَلَى الخِدْمَاتِ الْأَسَاسِيَّةِ للْمِيَاهِ وَالصَّرْفِ الصِّحِّيِّ مِثْلَ تَوْصِيلِ الْمِيَاهِ، وَضَخِّ مِيَاهِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ، وَجَمْعِ الْقُمَامَةِ. وَمِنْ 15 إِلَى 23 حَزِيرَانَ/ يُونيُو، تَلَقَّى قِطَاعُ الْمِيَاهِ وَالصَّرْفِ الصِّحِّيِّ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ فِي الْمِائَةِ مِنَ الْوَقُودِ اللَّازِمِ يَوْمِيًّا لِتَشْغِيلِ هَذِهِ الْخِدْمَاتِ. وَنَتِيجَةً لِذَلِكَ، اُضْطُرَّ مُقَدِّمُو خِدْمَاتِ الْمِيَاهِ إِلَى فَرْضِ قُيُودٍ شَدِيدَةٍ عَلَى فَتْرَاتِ تَشْغِيلِ آبَارِ الْمِيَاهِ الْجَوْفِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ وَمَحَطَّتَيْ تَحْلِيَةِ الْمِيَاهِ الْعَامِلَتَيْنِ، الْأَمْرُ الَّذِي أَدَّى إِلَى خَفْضِ إِنْتَاجِ الْمِيَاهِ بِصُورَةٍ أَكْبَرَ.
إِنَّ نَقْصَ الْمِيَاهِ الْمَأْمُونَةِ وَعَدَمَ تَوَفُّرِ خِدْمَاتِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ يُسْهِمانِ إِسْهَامًا كَبِيرًا فِي انْتِشَارِ الْأَمْرَاضِ. وَيَتَّضِحُ هَذَا الْأَمْرُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمُقْلِقَةِ فِي عَدَدِ الْبَالِغِينَ وَالْأَطْفَالِ الَّذِينَ يُعَانُونَ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْمَنْقُولَةِ بِالْمِيَاهِ مِثْلَ الْتِهَابِ الْكَبِدِ A، وَأَمْرَاضِ الْإِسْهَالِ، وَالْأَمْرَاضِ الْجِلْدِيَّةِ. وَلَا بُدَّ مِنَ الْحَيْلُولَةِ دُونَ تَفَاقُمِ ذَلِكَ الْوَضْعِ، لِمَا قَدْ يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ عَوَاقِبَ وَخِيمَةٍ.
إِنَّ إِغْلَاقَ مَعْبَرِ رَفَحَ الْحُدُودِيِّ يَحُولُ دُونَ حُصُولِ مَرْضَى الْحَالَاتِ الْحَرِجَةِ عَلَى الرِّعَايَةِ الطِّبِّيَّةِ الْمُتَخَصِّصَةِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا فِي خَارِجِ غَزَّةَ. وَفِي حِينِ جَرَى إِجْلَاءُ عَدَدٍ قَلِيلٍ مِنَ الْمَرْضَى مُؤَخَّرًا عَبْرَ مَعْبَرِ كَرَمِ أَبُو سَالِمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ مَرِيضٍ عَالِقِينَ دَاخِلَ الْقِطَاعِ بِانْتِظَارِ إِجْلَائِهِمْ. وَلِذَا، يَجِبُ إِنْشَاءُ مَمَرَّاتٍ آمِنَةٍ لِلْإِجْلَاءِ الطِّبِّيِّ عَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ، مِنْ أَجْلِ ضَمَانِ الْمُرُورِ الْمُسْتَدَامِ وَالْمُنَظَّمِ وَالْآمِنِ وَفِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ لِلْمَرْضَى ذَوِي الْحَالَاتِ الْحَرِجَةِ مِنْ غَزَّةَ، وَذَلِكَ عَبْرَ جَمِيعِ الطُّرُقِ الْمُمْكِنَةِ. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْمُرُورَ عَبْرَ مَعْبَرَيْ رَفَحَ وَكَرَمِ أَبُو سَالِمٍ إِلَى مِصْرَ، وَكَذَلِكَ عَبْرَ الضَّفَّةِ الْغَرْبِيَّةِ وَالْقُدْسِ الشَّرْقِيَّةِ إِلَى بُلْدَانٍ أُخْرَى مَتَى اقْتَضَتِ الْحَاجَةُ.
وَبِالْأَمْسِ، قَالَ لِي مُدِيرُ مُسْتَشْفَى الْمَقَاصِدِ فِي الْقُدْسِ الشَّرْقِيَّةِ إِنَّ الْمَرْفِقَ جَاهِزٌ لِاسْتِقْبَالِ مَا يَصِلُ إِلَى مِائَةِ مَرِيضٍ مِنْ غَزَّةَ بِمُجَرَّدِ إِجْلَائِهِمْ طِبِّيًّا. وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَشْفَى قَادِرٌ عَلَى تَقْدِيمِ الخِدْمَاتِ التَّخَصُّصِيَّةِ لِأَكْثَرِ الْحَالَاتِ حَرِجًا وَخُطُورَةً. وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ الْمَرْضَى فِي غَزَّةَ عَلَى الرِّعَايَةِ الطِّبِّيَّةِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ، خَاصَّةً أَنَّهَا تَتَوَفَّرُ بِالْفِعْلِ عَلَى بُعْدِ أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ.
فِي الْمُسْتَشْفَى، رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ تَوَائِمَ، يَبْلُغُونَ مِنَ الْعُمْرِ قُرَابَةَ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ، كَانُوا قَدْ وُلِدُوا خُدَّجًا، قَبْلَ انْدِلَاعِ الْحَرْبِ فِي غَزَّةَ. وَلَقَدِ اُضْطُرَّتْ وَالِدَتُهُمْ لِلسَّفَرِ إِلَى غَزَّةَ لِرِعَايَةِ أَطْفَالِهَا الْآخَرِينَ حَيْثُ احْتَاجَ الرُّضَّعُ الثَّلَاثَةُ إِلَى رِعَايَةٍ مُطَوَّلَةٍ فِي الْحَضَّانَاتِ. وَلَكِنَّ الْأُمَّ لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنَ الْعَوْدَةِ إِلَى مُسْتَشْفَى الْمَقَاصِدِ مُنْذُ بَدْءِ الْحَرْبِ، وَلَمْ تَرَ أَطْفَالَهَا مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ.
وَرَأَيْتُ أَيْضًا طِفْلًا مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنْ يَخْضَعَ لِعَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ لِاسْتِسْقَاءِ الدِّمَاغِ، فِي حِينِ أَنَّ وَالِدَيْهِ وَإِخْوَتَهُ لَا يَزَالُونَ فِي غَزَّةَ، غَيْرَ قَادِرِينَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا إِلَى جِوَارِهِ. وَمَا هَذِهِ إِلَّا بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ وَالْحَقَائِقِ لِمَا يُعَانِيهِ سُكَّانُ غَزَّةَ – دُونَ دَاعٍ – مِنْ تَقْيِيدٍ لِإِمْكَانِيَّةِ الْحُصُولِ عَلَى الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ.
وَآمُلُ أَنْ أَزُورَ الضَّفَّةَ الْغَرْبِيَّةَ فِي الْأَيَّامِ الْمُقْبِلَةِ، حَيْثُ الْوَضْعُ آخِذٌ فِي الِاشْتِدَادِ وَالِاحْتِدَامِ. وَقَدْ وَصَلَتِ الْهَجَمَاتُ عَلَى مَرَافِقِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ وَالْعَامِلِينَ فِيهَا إِلَى مُسْتَوَيَاتٍ مُقْلِقَةٍ تُنْذِرُ بِالْخَطَرِ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ صُعُوبَةَ الْحُصُولِ عَلَى الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ تُؤَثِّرُ بِشِدَّةٍ عَلَى تَقْدِيمِ الْخَدَمَاتِ الصِّحِّيَّةِ.
إِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى حَلٍّ مُسْتَدَامٍ فِي الْأَرَاضِي الْفِلَسْطِينِيَّةِ الْمُحْتَلَّةِ صَارَتْ أَكْثَرَ إِلْحَاحًا مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنَ التَّحَدِّيَاتِ، فَإِنَّ مُنَظَّمَةَ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةَ وَشُرَكَاءَهَا لَدَيْهِمِ الْتِزَامٌ ثَابِتٌ لَا يَتَزَعْزَعُ بِتَقْدِيمِ الْخِدْمَاتِ الصِّحِّيَّةِ الْحَيَوِيَّةِ. وَلَكِنَّ التَّوَصُّلَ إِلَى حَلٍّ طَوِيلِ الْأَجَلِ لِهَذِهِ الْأَزْمَةِ يَتَطَلَّبُ جُهُودًا مُتَضَافِرَةً مِنَ الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ لِاسْتِئْنَافِ الْمُفَاوَضَاتِ السِّيَاسِيَّةِ وَمُعَالَجَةِ الْأَسْبَابِ الْجَذْرِيَّةِ لِلصِّرَاعِ. وَيَجِبُ الِانْتِبَاهُ إِلَى أَنَّ تَدَاعِيَاتِ هَذِهِ الْأَزْمَةِ تَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ غَزَّةَ وَالضَّفَّةِ الْغَرْبِيَّةِ، إِذْ إِنَّهَا تُؤَثِّرُ عَلَى الْأَمْنِ الصِّحِّيِّ الْإِقْلِيمِيِّ فِي ظِلِّ تَصَاعُدِ الْأَعْمَالِ الْعَدَائِيَّةِ أَيْضًا فِي لُبْنَانَ وَسُورِيَا. وَسَيَظَلُّ الْعَمَلُ الْجَمَاعِيُّ هُوَ السَّبِيلُ الْوَحِيدُ لِضَمَانِ حُصُولِ النَّاسِ عَلَى الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا وَيَسْتَحِقُّونَهَا.
وَخِتَامًا، أُقَدِّمُ إِلَيْكُمْ جَزِيلَ الشُّكْرِ عَلَى دَعْمِكُمُ الْمُتَوَاصِلِ وَتَفَانِيكُمْ فِي الْعَمَلِ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ