تمثل الانتخابات العمود الفقري للديمقراطية، فهي الوسيلة الأكثر إقناعًا وفاعلية للتعبير عن إرادة الشعوب في اختيار من يمثلهم لإدارة شئونهم، ولكي تكون تلك الانتخابات ذات مصداقية، لابد أن تتمتع بمعايير عالية قبل الإدلاء بالأصوات وأثناءه وبعده. ولابد من توافر بيئة آمنة وحرة لمختلف أشكال المعارضة لخوص الانتخابات دون خوف، وأن يكون ميدان المنافسة مفتوحًا أمام الجميع دون تمييز، وينبغي أن يشعر الناخبون في أيام الاقتراع بالأمن والثقة في سرية الاقتراع ونزاهته، كذلك وحتى أثناء عملية فرز الأصوات ينبغي أن يتم قبول النتائج بغض النظر عن خيبة الأمل التي قد يشعر بها المرشحون الخاسرون.
وقد أكدت العديد من الصكوك والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان على هذه المعايير، إذ تشير المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن إرادة الشعب هي مناطُ سلطة الحكم، ويجب أن تتجلّى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تُجرى بشكلٍ دوري بالاقتراع العام وعلى قدر المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.كما تنص المادة 25من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية على ضرورة إقامة انتخابات حرة ونزيهة تضمن حق المواطنين في اختيار من يمثلهم.
تُعرف الانتخابات النزيهة على أنها أية انتخابات تقوم على المبادئ الديمقراطية في حق الاقتراع العام والمساواة السياسية، وتعكسها المعايير والاتفاقيات الدولية، كما تتحلى بالحيادية والمهنية والشفافية سواء في مرحلة الإعداد لها أو إدارتها عبر جميع مراحل الدورة الانتخابية. ولضمان نزاهة العملية الانتخابية، ينبغي أن تُجرى بشفافية وكفاءة وبطريقة مهنية غير منحازة حزبيًا، ويجب أن يثق الناخبون في طريقة إجرائها، لذلك يتطلب إجراء الانتخابات وجود هيئة مستقلة مسؤولة عن ضمان تحقيق الثقة في الانتخابات من الناحية الفنية. وهي الهيئة المنوطة بإدارة العملية الانتخابية بجميع مراحلها، بما في ذلك تحديد أهلية الناخبين للتصويت وعملية تسجيل الناخبين الذين يحق لهم التصويت، وتثقيف الناخبين وغيرها من الإجراءات.
تُعتبر الانتخابات الرئاسية المصرية 2024 هي خامس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر، وثالث انتخابات رئاسية بعد ثورة 30 يونيو 2013. وانطلقت رسميًا أولى مراحل العملية الانتخابية يوم 25 سبتمبر 2023 بإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن الجدول الزمني للعملية الانتخابية. وتحظى هذه الانتخابات بأهمية كبيرة في ضوء ظروف اقتصادية صعبة، وتحديات دولية وإقليمية فرضت نفسها على المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكذلك الأمني والعسكري، لا سيما الحرب الوحشية والحصار الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الفلسطيني والذي أصبح محور اهتمام الشعب المصري كغيره من شعوب دول العالم التي تأثرت بشكل كبير من هذه الأحداث.
وبذلك تأتي الانتخابات الرئاسية المصرية في ظروف استثنائية كان لها تأثير مباشر على مختلف جوانب العملية الانتخابية، بداية من مرحلة جمع التأييدات والترشح التي تخللها تحوّل الضوء تجاه الأحداث المتصاعدة في غزة، وتراجع الاهتمام الشعبي بهوية المترشحين وبرامجهم الانتخابية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الزخم المتعلق بالعملية الانتخابية بشكل ملحوظ، غير أن مرحلة تصويت المصريين في الخارج كانت نُقطة تحوّل في عودة الاهتمام الداخلي بملف الإعلام، لا سيما مع وجود حملات إعلامية كبيرة ومُلفتة تسلّط الضوء على أهمية المشاركة في الانتخابات، وتتناول مقتطفات من ملامح البرامج الانتخابية للمرشحين.
وفي ضوء أعمال “ائتلاف نزاهة الدولي” لمتابعة الانتخابات الرئاسية المصرية 2024، يتناول هذا التقرير رؤية مبدأية لنتيجة عملية المتابعة التي تستهدف الوقوف على مدى تمتع العملية الانتخابية بمعايير النزاهة والشفافية.
تشكيل ائتلاف نزاهة لمتابعة الانتخابات الرئاسية
تشكّل “ائتلاف نزاهة الدولي” لمتابعة الانتخابات الرئاسية المصرية 2024 من خلال تعاون يجمع 5 منظمات أجنبية ومنظمتين محليتين، هم: “منظمة إيكو -اليونان، منظمة إليزكا- غانا، هيومان أكت- رومانيا، المنتدى الوطني للمنظمات غير الحكومية في أوغندا، منتدى جالس الدولي- أوغندا، مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان- مصر، شركاء من أجل الشفافية- مصر”. ويضم الائتلاف 54 متابعًا أجنبيًا من 34 دولة حول العالم،
وتوافق الائتلاف على قيام المنظمات المصرية بمتابعة العملية الانتخابية منذ مرحلة فتح باب التسجيل والترشح وصولًا إلى إعلان النتائج الرسمية، وتحقيقًا لهذا الهدف، تم التوافق على المنهجية التالية:
تشكيل غُرفة عمليات مركزية بداية من شهر سبتمبر 2023، تضم مجموعة مميزة من الباحثين وخبراء النُظم الانتخابية والقانونية، يعلمون على متابعة البيئة التشريعية والتنظيمية للعملية الانتخابية، ومدى توافق قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بمواد الدستور وقوانين الانتخابات الرئاسية ومباشرة الحقوق السياسية، ومتابعة الإجراءات وما يتصل بجميع مراحل العملية الانتخابية. كما تُعد غُرفة العمليات هي المسؤول عن عملية الرصد والتوثيق وإعداد التقارير ذات الصلة.
أطلقت غُرفة العمليات خطًا ساخنًا يعمل على مدار الساعة على تلقي الإفادات والاسفسارات من قبل المواطنين، والتفاعل معهم من قبل فريق عمل غرفة العمليات.
المتابعة الميدانية لتصويت المصريين في الخارج عبر سفارات وقنصليات مصر في نحو 34 دولة تمثل جنسيات فريق المتابعين الأجانب الذي يتكون من 54 متابعًا أجنبيًا.
المتابعة الميدانية لتصويت المصريين في الداخل، تم التوافق على خطة متابعة ميدانية تشمل زيارة 2400 لجنة انتخابية فرعية، من إجمالي عدد اللجان على مستوى الجمهورية والبالغ عددها 11631 لجنة فرعية.
التوافق على متابعة الانتخابات ميدانيًا في 10 محافظات مصرية تراعي التنوع الجغرافي للأقاليم المصرية، وهي: “القاهرة، الإسكندرية، الجيزة، القليوبية، بورسعيد، الشرقية، الغربية، بني سويف، الفيوم، المنيا”.
إطلاق استمارة متابعة اليكترونية عبر تطبيق “جوجل” لتمكين المتابعين الدوليين من تدوين ملاحظاتهم أول بأول خلال عملية التصويت من داخل اللجان الانتخابية، حتى يمكن بسهولة تقييم سير العملية الانتخابية وقياس مدى تمتعها بمعايير النزاهة.
الإطار الإجرائي والتنظيمي
تنظم الانتخابات الرئاسية في مصر الدستور المصري، والقانون رقم (22) لسنة 2014 بتنظيم الانتخابات الرئاسية وتعديلاته، والقانون رقم (45) لسنة 2014 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته، والقانون رقم 198 لسنة 2017 في شأن الهيئة الوطنية للانتخابات وتعديلاته. وتتولى الهيئة الوطنية للانتخابات دون غيرها إدارة الاستفتاءات، والانتخابات الرئاسية، والنيابية، والمحلية، بداية من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وتحديثها، واقتراح تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط الدعاية والتمويل، والإنفاق الانتخابي، والإعلان عنه، والرقابة عليها، وتيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين في الخارج، وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة. وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.
وقد أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، خلال مؤتمر صحفي انعقد بتاريخ 25 سبتمبر 2023، عن الجدول الزمنى للانتخابات الرئاسية 2024، ووجهت الدعوة للناخبين للاقتراع والتصويت بداية من يوم 1 ديسمبر بالنسبة للمصريين في الخارج، ويوم 10 ديسمبر للمصريين في الداخل، على أن يُجرى التصويت على ثلاثة أيام. وتقرر فتح باب تلقى طلبات الترشح لمدة 10 أيام بداية من يوم 5 أكتوبر وحتّى يوم 14 أكتوبر وذلك بمقر الهيئة الوطنية للانتخابات.
ووفقًا للمادة 142 من الدستور المصري، يُشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكى المترشح عشرون عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها. وبموجب ذلك، أصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات مجموعة من القرارات من بينها القرار رقم (7) لسنة 2023، بشأن الإجراءات المنظمة لتأييد المواطنين لراغبي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وقرارًا آخر حمل رقم (8) لسنة 2023، بشأن تحديد مقار مكاتب التوثيق المكلفة بالتأييدات لانتخابات رئاسة الجمهورية. كما أصدرت قرارات متتالية خاصة بالسماح لمنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية ووسائل الإعلام بمتابعة الانتخابات.
ووفقًا للجدول الزمني للانتخابات الرئاسية 2024، فقد حددت الهيئة عشرة أيام لتلقي طلبات الترشح، تبدأ صباح يوم 5 أكتوبر وتنتهي ظُهر يوم 14 أكتوبر 2023، على أن يتم الإعلان عن القائمة المبدئية لأسماء طالبي الترشح يوم 16 أكتوبر 2023، تعقبها مرحلة الاعتراضات والطعون وصولًا إلى الإعلان عن القائمة النهائية لأسماء المرشحين يوم 9 نوفمبر 2023، وهو الموعد المحدد لانطلاق الحملة الانتخابية.
ويشترط فيمن يترشح رئيسًا للجمهورية توافر الشروط الآتية:1-أن يكون مصريًا من أبوين مصريين. 2- ألا يكون قد حمل أو أي من والديه أو زوجته جنسية دولة أخرى. 3-أن يكون حاصلًا على مؤهل عال. 4-أن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية. 5- ألا يكون قد حُكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو كان قد رد إليه اعتباره. 6-أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها قانونًا. 7-ألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية. 8- ألا يكون مصابًا بمرضٍ بدنى أو ذهنى يؤثر على أدائه لمهام رئيس الجمهورية.
وينبغي لقبول طلب الترشح أن يزكي المترشح عشرون عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها. ويعد الحصول على طلبات تزكية أعضاء مجلس النواب أو طلب تأييد المواطنين أمرًا مهمًا وتحدي رئيسي لراغبي الترشح، والهدف من وضع هذا الشرط هو ضمان وجود مرشحين يتمتعون بقدر معقول من الشعبية والقبول السياسي، حتى تكون هناك منافسة انتخابية.
متابعة مرحلة التأييد والترشح
مع توافد المواطنين على مكاتب توثيق الشهر العقاري التي حددتها الهيئة الوطنية للانتخابات، لاحظنا وجود زحام شديد أمام مقار الشهر العقاري من قبل أنصار المرشحين المحتملين بغرض توثيق طلبات التأييد اللازمة للترشح .
جانب من الملاحظات
بمراجعة قرار الهيئة الوطنية للانتخابات الصادر برقم 11 لسنة 2018، بشأن المواعيد المقررة لتأييد المواطنين لراغبى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات السابقة عام 2018، يكون طلب التأييد من خلال جميع مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق، غير أن القرار الصادر لانتخابات الرئاسة 2024 حدد عدد قليل من المكاتب في كل محافظة، مما أدى إلى وجود زحام شديد أمام مكاتب التوثيق، أدى بالضرورة إلى ظهور أعطال وبطء شديد في تحرير التوكيلات.
و اعترضت الحركة المدنية الديمقراطية -وهو تيار سياسي محسوب على تيار المعارضة- أن فترة جمع نماذج التأييد قصيرة للغاية، وهي محاولة لتعجيز المرشحين ومنعهم من جمع نماذج التأييد الشعبية المقرر عددها ب 25 ألف توكيل من 15 محافظة، بحد أدنى ألف توكيل من كل محافظة .
كما اعترض السيد أحمد الفضالي المرشح المحتمل للرئاسة ورئيس تيار الاستقلال على قرار الهيئة الوطنية، مؤكدًا أن مكاتب الشهر العقاري لم تستطيع عمل التوكيلات المطلوبة من كافة المرشحين في المدة المطلوبة، معلقًا حملته الانتخابية اعتراضًا على المدة المتاحة لجمع التوكيلات، بحسب تعبيره.
وردًا على هذه الشكاوى، أصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات بيانًا بتاريخ 1 أكتوبر 2023، ردًا على الاستفسارات و الشكاوي التي وصلت إليها عبر القنوات المعلنة عن شكاوي المواطنين والاستفسارات بخصوص عمل نماذج تأييد للمرشحين، والتي تفيد بوجود زحام كبير أمام مكاتب التوثيق التابعة للشهر العقاري المخصصة لإصدار نماذج التأييد لطالبي الترشح في الانتخابات، مع تعطل عدد من هذه المواقع عن العمل مما يعيق المواطنين من عمل نماذج التأييد، وعليه تدخلت الهيئة بتزويد مكاتب التوثيق بآعداد إضافية من الموظفين لتلبية احتياجات المواطنين، وكذلك بالأجهزة الإلكترونية المخصصة لإصدار نماذج التأييد، مع الإشراف على الإصلاحات الفنية في المكاتب المٌعطلة، وتوجيه تعليمات بالعمل حتي بعد أوقات العمل الرسمية، وذلك لضمان عمل نماذج التأييد لكافة المواطنين.
قائمة المرشحين
أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات بتاريخ 16 أكتوبر 2023، القائمة المبدئية بأسماء من تقدموا بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية 2024، وهو القرار الذي نُشر بالجريدة الرسمية في الموعد المحدد بالجدول الزمني المُعلن عنه سلفًا. وجاءت القائمة المبدئية بترتيب أسبقية التقدم للجنة تلقي طلبات الترشح، على النحو التالي:
1. عبد الفتاح السيسي، والذي قدم 424 تزكية من أعضاء مجلس النواب، إلى جانب مليون و130 ألفًا و105 نماذج تأييد من المواطنين.
2. فريد زهران، والذي قدم 30 تزكية نيابية.
3. عبد السند يمامه، والذي قدم 27 تزكية نيابية.
4. السيد حازم عمر، والذي قدم 46 تزكية نيابية بالإضافة إلى 68 ألفًا و71 نموذج تأييد.
في ذات السياق، أعلنت المرشحة المحتملة جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور عن انسحابها من سباق الانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى “قبول الإرادة السياسية بعقد انتخابات حرة ونزيهة”، على حد تعبيرها، بينما يأتي قرار انسحابها استجابة لقرار الجمعية العمومية لحزب الدستور بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
وبعد الإعلان عن القائمة المبدئية لأسماء طالبي الترشح، أعلنت الهيئة الوطنية عن فترة تلقي اعتراضات طالب الترشح، ثم فترة التظلمات والبت فيها، ثم تلقي الطعون على مدار يومي 27- 28 أكتوبر، لتقوم المحكمة الإدارية العليا بالفصل في هذه الطعون خلال الفترة بين 29 أكتوبر وحتى 7 نوفمبر. وشهدت هذه المرحلة، تقدم مجدي حمدان عضو الهيئة العليا بحزب المحافظين، بطعن أمام مجلس الدولة طالب فيه بإلغاء قرار الهيئة الوطنية للانتخابات، فيما تضمنه من قبول أوراق المرشح الرئاسي المحتمل فريد زهران على مقعد رئاسة الجمهورية، وطلب ببطلان ترشحه لفقده أحد شروط الترشح، وحمل الطعن رقم 1579 لسنة 70 قضائية عليا.
غير أن حمدان تراجع عن الطعن في اللحظات الأخيرة، ليعلن تنازله عن الخصومة في طعنه المقدم لاستبعاد زهران، حيث أنه حضر جلسة نظر الطعن بالمحكمة الإدارية العُليا، وحضر بشخصه وقدم ما يفيد التنازل وترك الخصومة. وبهذه الخطوة، نجد أن فترة الطعون لم تشهد تقديم أية طعون على المرشحين المحتملين، ليظل هناك 4 مرشحين محتملين لخوض الانتخابات الرئاسية.
وبعد انتهاء مرحلة الطعون، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية، وتضم أربعة أسماء، وهم: “الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ورمزه الانتخابي النجمة، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي، ورمزه الشمس، وعبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، ورمزه النخلة، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، ورمزه السلم.
مرحلة الدعاية الانتخابية
بحسب الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية، فإن مرحلة الدعاية الانتخابية بدأت يوم 9 نوفمبر 2023، في حين أن الصمت الانتخابي وتوقف الحملة الانتخابية لانتخابات المصريين في الخارج، بدأت يوم 29 نوفمبر 2023 قبل يومين من تاريخ الاقتراع بالتوقيت المحلي لكل دولة، بيد أن الصمت الانتخابي داخل جمهورية مصر العربية بدأ الساعة 12 صباح الجمعة 8 ديسمبر 2023 قبل يومين من تاريخ الاقتراع.
وشهدت مرحلة الدعاية الانتخابية داخل مصر نشاط واضح من حملات المرشحين الأربعة في مختلف محافظات مصر، وتابعنا الظهور الإعلامي لحملات المرشحين الأربعة، خاصة بعد قيام الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بالإعلان عن دعم العملية الانتخابية، من خلال منح كل مرشح رئاسي “100 دقيقة إعلانية” مجانية بالتساوي بكافة وسائلها،فيما أفردت الصحف والمواقع الإخبارية صفحاتها، للحملات الأربعة للتعبير بحرية عن برامجها الانتخابية. واتسمت هذه المرحبة بظواهر إيجابية، مثل عدالة الظهور الإعلامي بين جميع المرشحين في مختلف وسائل الإعلام، وحياد المؤسسات الإعلامية والصحفية تجاه المرشحين، وأيضًا غياب الظواهر السلبية أثناء الظهور الإعلامي للمرشحين مثل الخوض في السمعة الشخصية أو التشويه أو التسفيه.
حرص ائتلاف “نزاهة” على زيارة مقار الحملات الانتخابية للمرشحين الأربعة، ودار النقاش حول محاور البرامج الانتخابية للمرشحين، وماهية الإجراءات التي تمت خلال مرحلة الدعاية الانتخابية، واستعدادات كل حملة انتخابية لمرحلة التصويت. ولم يتلق الائتلاف أية شكاوى من حملات المرشحين الأربعة طوال مرحلة الدعاية الانتخابية التي اتسمت بهدوء شديد ومظاهر إيجابية.
متابعة تصويت المصريين في الخارج
قام متابعي ائتلاف نزاهة بزيارة مقار تصويت المصريين في الخارج في نحو 34 دولة مختلفة، بما يعادل 25% من إجمالي مراكز التصويت بسفارات وقنصليات مصر بالخارج والمخصصة للتصويت، وذلك على مدار الثلاثة أيام “1، 2، 3 ديسمبر 2023”. ونسّق المتابعون الدوليون مع غُرفة العمليات المركزية للائتلاف بالقاهرة، بغرض استقبال الإفادات والملاحظات والصور من المتابعين الدولين بشأن عملية المتابعة في سفارات وقنصليات مصر بالخارج.
وقد أطلق “نزاهة” خط ساخن لتلقي الشكاوى والاستفسارات من المواطنين على مدار الساعة.
وتضم النقاط التالية أبرز مشاهدات ائتلاف نزاهة على مدار أيام التصويت الثلاثة:
تمكنت السفارات والقنصليات المصرية في الخارج، من إدارة عملية التصويت بشكل سلس بدون شكاوى من المواطنين الذي توجهوا للإدلاء بأصواتهم، مع توافر كافة الإمكانيات اللوجستية اللازمة، والمتمثلة في صناديق الاقتراع الشفافة، وتوفير ساتر يقوم الناخب باختيار مرشحه من خلفه، بالإضافة لتوفر أوراق الاقتراع المعتمدة من الهيئة الوطنية للانتخابات.
تم السماح للمصريين في الخارج بالتصويت، حتّى في حال انتهاء بطاقة الرقم القومي وهو ما يضمن تمكين كل الراغبين في التصويت من ممارسة حقهم الانتخابي، خاصة بعد تزويد اللجان الانتخابية في الخارج بأجهزة تابلت حديثة يتم الاعتماد عليها للتأكد من بيانات الناخب.
تم ملاحظة تفاوت في معدلات المشاركة في تصويت المصريين في الخارج، حيث شهدت بعض الدول العربية إقبالًا كثيفًا خاصة يوم الجُمعة الذي كان عُطلة رسمية، بينما شهدت بعض الدول الأوروبية تراجع نسبي في معدلات المشاركة، لا سيما في ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة وهطول الأمطار والثلوج.
رغم وجود كُتلة تصويتية كبيرة للمصريين المقيمين خارج مصر، فإن مقار السفارات والقنصليات المصرية لم تكن كافية لاستيعاب عدد الناخبين، خاصة في الدول الكبرى التي يستغرق التنقل فيها من ولاية إلى ولاية أو من مدينة إلى مدينة ساعات طويلة، ما يجعل المشاركة في التصويت أمرًا شاقًا.
تم ملاحظة وجود مبادرات لنقل الناخبين بالمجان في عدد من الدول بغرض التشجيع على المشاركة، خاصة بسبب عائق بُعد المسافة، ورصدنا هذه المبادرات في إيطاليا وعدد من الدول العربية.
تم ملاحظة تجمعات للناخبين أمام مقار الاقتراع في عدد من الدول الأوروبية والعربية والأفريقية، يحملون أعلام مصر وصور لأحد المرشحين، وقد أوضحت الهيئة الوطنية للانتخابات أن الأمر اقتصر على بعض المظاهر الاحتفالية للمواطنين المصريين، والتي لم تنطو على إخلال بسير العملية الانتخابية أو تعرقلها.
لاحظنا وبشكل متكرر توفير وسائل خاصة لنقل ذوي الإعاقة وكبار السن من أمام مقار الاقتراع لتسهيل عملية مشاركتهم في التصويت.
تلقى ائتلاف نزاهة عددًا من التساؤلات المتعلقة بأماكن التصويت خارج مصر، دون وجود شكاوى تتعلق بسير عملية التصويت.
التصويت بالداخل
يضم ائتلاف نزاهة “100 شخص”، ما بين متابعين دوليين ومترجمين ومنسقين محليين وإداريين، إضافة إلى غرفة عمليات الائتلاف التي تعمل على مدار الساعة لمتابعة سير العملية الانتخابية لحطة بلحظة.
وتضمنت خطة المتابعة الميدانية لتصويت المصريين في الداخل القيام بزيارة (2400) لجنة انتخابية فرعية في نطاق 10 محافظات تم اختيارها بمراعاة التنوع الجغرافي للأقاليم المصرية، وهي: “القاهرة، الإسكندرية، الجيزة، القليوبية، بورسعيد، الشرقية، الغربية، بني سويف، الفيوم، المنيا”.
غير أنه وعلى خلاف المتوقع، نجح فريق المتابعة في زيارة (2915) انتخابية فرعية على مدار أيام التصويت الثلاثة، وذلك من إجمالي 11 ألفًا و631 لجنة مخصصة للتصويت، بما يمثل 25% من إجمالي اللجان الانتخابية على مستوى الجمهورية، وهو رقم أعلى من المستهدف يعكس حجم الجُهد الذي بذله المتابعين خلال مرحلة التصويت في الداخل.
وقد أطلق “نزاهة” خط ساخن لتلقي الشكاوى والاستفسارات من المواطنين والمرشحين على مدار الساعة.
وفيما يلي أبرز مشاهدات الائتلاف على مدار أيام التصويت الثلاثة:
لاحظ الائتلاف كثافة كبيرة من الناخبين الراغبين في الإدلاء بأصواتهم أمام مقار الاقتراع في عدد كبير من اللجان الانتخابية الفرعية، حيث توافد المواطنين أمام مقار الاقتراع قبل فتح اللجان أمام الناخبين خلال أول أيام التصويت، فيما شهد اليوم الثاني والثالث زيادة معدل المشاركة بعد الساعة الثانية عشرة ظهرًا.
لاحظ متابعي ائتلاف نزاهة توفير سيارات مجهزة لنقل الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن والفئات غير القادرة لمقار لجانهم الانتخابية، ومساعدة ذوي الإعاقة الحركية في التوجه للجان التصويت.
أشاد الائتلاف بطباعة عدد من البطاقات الانتخابية بلغة “برايل” للتيسير على الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في المشاركة في العملية الانتخابية.
لاحظ الائتلاف تباطؤ في عملية التصويت نتيجة الزحام أمام عدد من اللجان الانتخابية، حيث يرى ائتلاف نزاهة أنه كان ينبغي للهيئة الوطنية للانتخابات مراعاة زيادة عدد اللجان الفرعية، بما يتناسب مع 67 مليون ناخب على مستوى الجمهورية، حتى يتم استيعاب جميع الناخبين دون زحام، وبما يسمح بمشاركة جميع الناخبين بسهولة ويسر.
لاحظ الائتلاف وجود صور ولافتات تحمل اسم بعض المرشحين أمام بعض اللجان الانتخابية في محافظات مختلفة لم يتم إزالها، وذلك بالمخالفة للدليل الاسترشادي الخاص بالانتخابات الرئاسية الصادر عن الهيئة الوطنية للانتخابات، والذي يتضمن القواعد المنظمة لعمل اللجان الفرعية، ودور رؤساء اللجان الفرعية قبل وخلال عملية الاقتراع، والتي من بينها “التوجيه بإزالة أي لافتات دعائية لأي مرشح في محيط مركز الاقتراع”، وهو ما لم يحدث في عدد من اللجان الانتخابية. وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد أصدرت قرارًا رقم (15) لسنة 2023 بشأن ضوابط الدعاية الانتخابية في انتخابات رئاسة الجمهورية، والتي جاء من بينها حظر استخدام المصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة، والمدارس والجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العامة والخاصة، ومقار الجمعيات والمؤسسات الأهلية في الدعاية الانتخابية.
لاحظ الائتلاف تواجد أمني جيد في محيط مقار الاقتراع لتأمين العملية الانتخابية، وقد نتج عن ذلك حالة من الاستقرار وغياب أي مشاحنات أو تجاوزات رغم كثافة المشاركة على مدار أيام التصويت، كما لم يواجه الائتلاف أية تجاوزات خلال التعامل مع مسؤولي اللجان الانتخابية.
لاحظ متابعي الائتلاف وجود زيادة في المسيرات الشعبية في مختلف المحافظات التي تم زيارتها، والتي ازدادت في ثالث أيام التصويت بشكل ملحوظ، والتي تخللها وجود مظاهر احتفال بالمشاركة في عملية التصويت، ولاحظ الائتلاف تكرار نفس المشاهد في محافظات “الإسكندرية، القاهرة، الجيزة، بني سويف، الغربية، المنيا، الغربية، والقليوبية”.
لاحظ الائتلاف مشاركة ملحوظة للنساء، مع اصطحاب بعض الناخبين لأبناءهم خلال المشاركة في التصويت.
أشاد المتابعين الدوليين بوجود تعاون من جانب القضاة الذين حرصوا على التعاون معهم وتيسير عملية متابعتهم للعملية الانتخابية داخل اللجان الفرعية.
لاحظنا سهولة إجراءات الفرز في مختلف اللجان الفرعية، مع ملاحظة سُرعة وانسيابية عملية الفرز، بما يعكس تمتع موظفي عملية الفرز بتدريب وكفاءة عالية.
لم تتلق غرفة عمليات ائتلاف نزاهة على مدار أيام التصويت الثلاثة أية شكاوى أو ملاحظات من أي من المرشحين أو مندبويهم أو وكلائهم، تتعلق بسير العملية الانتخابية، في ضوء انتظام عملية التصويت بسهولة ويسر، وسط تواجد أمني مكثف لحماية الناخبين وأصواتهم والعملية الانتخابية بالكامل. في حين أن غُرفة العمليات تلقت اسفسارات من قبل عدد من الناخبين لمعرفة أقرب لجنة انتخابية، وذلك عن طريق الخط الساخن الذي أعلن عنه الائتلاف بشكلٍ سابق.
أعلنت حملة المرشح الرئاسي فريد زهران في بيان لها،عن بالغ استيائها من منع وكلاء المرشح من حضور عملية الفرز فى سائر اللجان الفرعية علي مستوي الجمهورية ، أو حضور تسليم النتائج للجان العامة، علي سند من أن توكيلات الوكلاء للمرشح الصادرة من الهيئة الوطنية للانتخابات لا تجيز لهم حضور ذلك، على الرغم من السماح لوكلاء المرشحين الآخرين بذات التوكيلات وبنفس صيغتها وفحواها بحضور إجراءات الفرز وتسليم النتائج.
التوصيات
1. زيادة مراكز تصويت المصريين في الخارج، خاصة في الدول التي يوجد بها كُتلة تصويتية كبيرة.
2. زيادة اللجان الفرعية داخل جمهورية مصر العربيةلتتناسب مع عدد الناخبين المقيدين في القوائمالانتخابية.
3. إتاحة تصويت كُبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة في لجان بالطابق الأرضي.
4. طباعة “باركود” على تصاريح متابعة الانتخابات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني والإعلاميين، للتعرف على هويتهم أثناء دخولهم اللجان الفرعية بسهولة وسُرعة.
5. النظر في رقمنة كشوف الناخبين داخل اللجان الفرعية حتى يسهل عملية التأكد من هوية الناخب ومقر لجنته الفرعية.
6. النظر في التجارب الدولية الناجحة في استخدام التصويت المسبق والتصويت الاليكتروني للتسهيل على الناخبين، مع مراعاة ضمانات سرية التصويت وتفادي الأخطاء.
7. زيادة حملات التوعية التي تقوم بها الهيئة الوطنية للانتخابات ومنظمات المجتمع المدني المتعلقة بقواعد الانتخابات وآلية التصويت الصحيحة.
8. وضع نظام اليكتروني في لجان الوافدين المخصصة لتصويت المغتربين في غير محافظاتهم، بما يسهل عليهم ممارسة حقهم في التصويت، وبما يضمن عدم ازدواجية التصويت