اختتمت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، المؤتمر الختامي لمشروع “بناة السلام في مصر2″، والتي تنفذه المؤسسة بالتعاون مع مركز (كايسيد للحوار العالمي)، وذلك بحضور ممثلي الأزهر والكنيسة ومنظمات المجتمع المدني وخبراء في مجال مكافحة خطابات الكراهية. وقد افتتح المؤتمر الأستاذ أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت متحدثا حول تطوير الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية لمكافحة خطابات الكراهية والتطرف العنيف، وجاءت الجلسة الأولي للمؤتمر حول “السياسات والتشريعات الوطنية لمواجهة خطابات الكراهية”، وهي الورقة التي أعدتها د. أمل مختار، الخبيرة في شؤون التطرف والعنف بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وقد أدار الجلسة الدكتور أحمد وهبان، عميد كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، وعقب عليها د. أحمد سيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية.
بينما تناولت الجلسة الثانية دور وسائل الإعلام وتقديم المناصرة للحد من خطابات الكراهية، وقد أعد أوراق العمل الدكتورة إنجي أبو العز أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام، والمستشار أيمن فؤاد، الخبير في مجال حقوق الإنسان، وعقب على الجلسة الدكتور حمادة إسماعيل، مشرف مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، وأدار الجلسة الدكتور محمد العوضي المشرف بمرصد الأزهر، وعقب عليها القمص متى زكريا، ممثلا عن الكنيسة الأرثوذكسية.
وفي هذا السياق صرح الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت أيمن عقيل، أنه في ظل استمرار النزاعات المسلحة في المنطقة العربية يجب منح دور أكبر لمنظمات المجتمع المدني لنشر خطابات السلام، ومكافحة خطابات الكراهية.
وأضاف عقيل أن مؤسسة ماعت مستمرة بالتعاون مع المنظمات والجهات الفاعلة الأخرى في مكافحة خطابات الكراهية ونشر ثقافة السلام. وأننا على أتم الاستعداد لتنبي أي مبادرات مجتمعية في هذا الصدد، للعمل على تحسين البيئة الفكرية التي ينشأ فيها الشباب.
ومن جانبه قال القمص “متى زكريا”، راعي كنيسة السيدة العذراء بمطروح، وممثل الكنيسة الأرثوذكسية أنه يجب نشر ثقافة التسامح على نطاق واسع في المناطق الريفية والمهمشة وعدم التركيز على المدن الكبرى فقط، والاهتمام بتدريس المواد التي تحث على المواطنة وعدم التمييز، وأوصى بأهمية أن تبدأ التوعية من الأسرة ثم المدرسة ثم وسائل الإعلام، وبضرورة غرس روح الحب داخل الأسرة المصرية الأمر الذي يساعد على نشئ اطفال يتسمون بروح المواطنة، وتناول أهمية التركيز على الهوية المصرية وتاريخها على مر العصور. مؤكداً على أن المصريين متواجدين قبل الأديان وبعد الأديان وعلى مر الزمان، وطالب بأن يكون الحوار هو البديل عن الشجار.
وخلال المؤتمر أكد الدكتور “أحمد وهبان” عميد كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية جامعة الإسكندرية على أن الخبراء ينشغلون بموضوع رفاهية الشعوب فقط، لكن تبقى خطابات الكراهية أمر شديد الخطورة، ويعتبر النوع الأخطر منها هو الكراهية باسم الدين، حيث يسبغ صفة الكراهية على معتقدات الشعوب، بينما الكراهية نابعة من أفكار أبعد ما تكون عن الدين.
بينما أوضحت الدكتورة “أمل مختار” خبيرة مكافحة التطرف بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية أن خطابات الكراهية باسم العرق أصعب الأشكال، والتي تكاد تكون ليس لها حدود، مثل اليمين المتطرف، وتفوق الجنس الأبيض، وخطاب الاستعلاء، في ألمانيا النازية، والتنظيمات الإسلامية المتطرفة ضد الآخر.
فيما صرح المستشار “أيمن فؤاد”، الخبير في مجال حقوق الإنسان أنه أصبح الاحتياج إلى مفوضية وطنية وإقليمية لمكافحة خطابات الكراهية أمر بالغ الأهمية، حيث أن ترك خطابات الكراهية تتنامى ينتج ظواهر أخطر مثل التطرف العنيف وربما يتطور في بعض الأحيان إلى كراهية الأجانب وكل من هو مختلف.
واستكمل الدكتور “أحمد السيد”، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة الإسكندرية أننا في حاجة إلى وجود خطاب قانوني ذو تعريف مانع وجامع لخطابات الكراهية، وضرورة ملحة لإنشاء المفوضية المستقلة لمكافحة التمييز المنصوص عليها في الدستور. فالمشكلة لم تعد في النص فقط، بل باتت في تفسير النصوص كذلك.
وقالت الدكتورة “إنجي أبو العز، أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام أن الإعلام سلاح ذو حدين في مكافحة خطابات الكراهية، سواء الإعلام التقليدي، أو في شكله الجديد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فربما يكون الإعلام أحد أدوات المكافحة، كما أن الممارسة الإعلامية قد تسير في الاتجاه الخاطئ، ويصبح مروجاً لها بدلا من أن يكون أداة لدحضها.
فيما صرح الدكتور “حمادة شعبان”، مشرف مرصد الأزهر لمكافحة التطرف؛ سقطت الموصل قبل سنوات بسلاح تويتر قبل السلاح الحقيقي، فبينما نحن نتغافل عن سياسة الإغراق الإعلامي، نترك تلك المساحة للإرهاب ليدخل منها لمجتمعاتنا، مما يهدد من المجتمعات والأمن الإنساني، واستكمل الدكتور “محمد العوضي”، المشرف بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف أنه على الحكومة إلزام شركات التواصل بحذف أي محتوي يدعو للكراهية، كما فعلت أوروبا، كما يجب الانتباه لمفردات الإعلاميين، وأن نعي الهدف من المنشورات الرائجة، بما يتبعها من تعليقات، فيجمع عدد من خطابات الكراهية أكثر من النص الأساسي ذاته.
وفي الأخير أكد “عبد اللطيف جودة”، مدير وحدة مكافحة خطابات الكراهية والتطرف في مؤسسة ماعت أن مشروع بناة السلام في مصر ممتد، ومستمر في عقد اللقاءات مع المفكرين وأصحاب الخبرات وأصحاب المصلحة لأخذ آرائهم بعين الاعتبار، للعمل على معالجة الظواهر ذات المردود السلبي على سلامة المجتمع وأمنه.
الجدير بالذكر أن مؤسسة ماعت تنفذ مشروع “بناة السلام في مصر” بتمويل من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات “مركز كايسيد للحوار العالمي”، وذلك على نسختين؛ استهدفت النسخة الأولى تدريب طلاب الجامعات على مكافحة خطابات الكراهية باسم الدين، وقد قدمت المؤسسة الدعم للفئة المستهدفة من المشروع لتنفيذ 3 مبادرات مجتمعية كمخرجات من مخرجات المشروع، بينما في النسخة الثانية من المشروع فقد دربت ممثلي 15 من منظمات المجتمع المدني في نطاق محافظات القاهرة الكبرى.