أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان دراسة جديد بعنوان “تأثير الصراع على التنمية في سوريا” والتي ترصد من خلالها التأثير السلبي الذي أحدثه الصراع المتفاقم في سوريا منذ أكثر من 12 عامًا على جميع جوانب التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال اتباع نهجًا مختلطًا لجمع البيانات النوعية والكمية، وإجراء مراجعة شاملة للأدبيات والتقارير ذات الصلة للتوصل إلى فهم شامل للصراع السوري وتأثيره على التنمية. وذلك بالتزامن مع التحديث الشفوي للجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، والمنعقدة على هامش أعمال الدورة ٥٣ لمجلس حقوق الإنسان.
وتناولت الدراسة التي تتكون من أربعة محاور أساسية، الأثر الاقتصادي، الاجتماعي، والسياسي للصراع، وتحديات وفرص إعادة الإعمار والتعافي، كما أكدت ماعت من خلال دراستها على أن الصراع في سوريا أدى إلى تعطل سلاسل التوريد والتجارة، وارتفاع مستويات التضخم والبطالة، وتسبب في دمار واسع النطاق للصناعات والبنية التحتية للبلاد، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وأنظمة المياه والصرف الصحي، وقوّض النمو الاقتصادي والنظام السياسي وحقوق الإنسان في سوريا، بالإضافة إلي أنه تسبب في نزوح ملايين الأشخاص بشكل جماعي من منازلهم من أجل البحث عن ملجأ لهم في البلدان المجاورة أو داخل سوريا نفسها، وهو ما خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وأدى إلى خسارات فادحة على صعيد التنمية.
وفي هذا السياق، صرح أيمن عقيل؛ الخبير الحقوقي ورئيس مؤسسة ماعت، أن تأثير العوامل الخارجية على التنمية في سوريا، حيث أن الإجراءات المختلفة التي اٌتخذت على الصعيد الدولي فاقمت من مصاعب وخسائر التنمية في سوريا عوضًا عن أن تؤدي إلى تحسينات على مضمار التنمية بجميع جوانبها، حيث أدى عزل سوريا عن جامعة الدول العربية، وفرض العقوبات والتدابير الأحادية القسرية من قبل الدول الغربية على سوريا، ومنع تقديم المساعدات والدعم والمعونات الدولية للحكومة السورية، إلى تفاقم خسائر التنمية في سوريا، وخلق تداعيات خطيرة على جميع جوانب التنمية في سوريا، وهو ما أثر بالضرورة على رفاهة وجودة حياة المواطنين في سوريا.
وطالب “عقيل” المجتمع الدولي بالعمل علي إلغاء العقوبات المفروضة على الحكومة السورية، والسماح لها بالوصول إلى السوق الدولية، بالإضافة إلي تقديم المساعدات والدعم المالي اللازم للحكومة السورية من أجل دعم جهود التنمية وإعادة الإعمار والتعافي.
ومن جانبه أضاف شريف عبدالحميد؛ مدير وحدة الآليات الدولية بمؤسسة ماعت، أن الحرب والأعمال العدائية المندلعة في سوريا منذ أكثر من 12 عامًا لها تأثير عميق وبعيد المدى على النسيج الاجتماعي في سوريا، حيث تسبب الصراع في مقتل أكثر من 400 ألف شخص وأجبرت أكثر من نصف السكان على الفرار من منازلهم والبحث عن الأمان سواء داخل حدود البلاد أو خارجها، كما تسببت الحرب أيضًا في حدوث تدهور كبير في نوعية حياة السوريين، حيث أصبح نحو 90 في المائة من الأسر في سوريا يعيشون في الوقت الحالي في حالة فقر، وأصي “عبد الحميد” المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بتحمل مسئولياتهم في توفير الظروف الآمنة لعودة اللاجئين والنازحين إلى بلادهم وإعادة تأهيل المناطق المتضررة لتمكينهم من العودة والاندماج في المجتمع.
فيما قال أحمد عيسى الباحث بمؤسسة ماعت أن خسائر الصراع السوري تقدر بأكثر من 530 مليار دولار، حيث تسببت في تدمير نحو 90 في المائة من البنى التحتية الأساسية بما في ذلك الطرق والجسور والمصانع ومصافي النفط وشبكات الري ومصادر المياه، الأمر الذي أضر بشدة بالقدرة الإنتاجية للبلاد وأعاق النمو الاقتصادي. مشيرا لتأثير الصراع على القطاعات الاقتصادية في سوريا، خاصة علي الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الزراعي وقد أدي لإنخفاض بأكثر من 30٪ بين عامي 2010 و2020، كما انخفض إنتاج الصناعة التحويلية في سوريا بنحو 43٪ وتراجع إنتاج الصناعة الاستخراجية بنحو 90٪ في عام 2020 مقارنة بما كان عليه في عام 2010. وقد أوصي “عيسي” المنظمات الإنسانية بضرورة استمرار تقديم المساعدات اللازمة للمدنيين المتضررين من النزاع الدائر في سوريا، وذلك من خلال توفير الغذاء والماء والدواء والإيواء والرعاية الصحية.