دعت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بضرورة تشكيل بعثة لتقصي الحقائق، أو آلية تحقيق مستقلة، للتحقيق في حوادث العنف التي يشهدها إقليم كشمير، المتنازع عليه بين الهند وباكستان، وذلك للحيلولة دون ارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان بحق سكان الإقليم وغيرهم من المناهضين للحكومة الهندية.
وكانت السلطات الهندية قد أعلنت تحذيرها لمعتنقي جميع الأديان باستثناء المسلمين بالانسحاب الفوري من كشمير استعدادا لحملة عسكرية واسعة تحت مسمي ضد “الإرهاب”.
وذلك عقب مقتل معلمين في إطلاق نار من مسلحين يشتبه في أنهم من المناهضين للهند، إثر هجوم على مدرسة في الجزء الخاضع لسيطرة نيودلهي من إقليم كشمير المتنازع عليه، وذلك وفق ما أفادت به الشرطة.
وأفادت تقارير صحافية بأن الهند تقود حملة إبادة جماعية ضد المسلمين في إقليم كشمير، حيث انطلقت قوات الشرطة داخل الإقليم لتخُرج جميع السكان المسلمين من منازلهم، وتُطلق الرصاص الحي على الأحياء المسلمة وتضرب جميع السكان، فضلًا عن قتل الأطفال، وذلك عقب اقتحام مسلحين مدرسة حكومية في منطقة إيدغاه بمدينة سرينغار، وقتلوا المعلمين، وأحدهما مدير المدرسة حيث لم يكن أي من التلاميذ موجودا في المكان خلال وقوع الهجوم. هذه التطورات جاءت بعد يومين من إقدام مسلحين ينتمون إلى “جبهة المقاومة” المشكلة حديثا، على شن ثلاث هجمات منفصلة نفذت خلال تسعين دقيقة، مما أدى لمقتل ثلاثة مدنيين بينهم صيدلي.
الجدير بالذكر أن منطقة إقليم كشمير ذات الأغلبية المسلمة تشهد توتر أمني وعنف متصاعد منذ العام 2019، في أعقاب قرار الهند بإلغاء الحكم شبه الذاتي للإقليم. ومنحت السلطات الهندية للهنود حق تملك الأراضي في الإقليم، مما آثار مخاوف سكان الإقليم جراء تزايد الأعداد في السكان الجدد من الديانة الهندوسية.
فمنذ ذلك الوقت أفادت تقارير بتجاوزات وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان أثناء الصراع الدائر في الإقليم.
كما رصدت تقارير حقوقية تفاصيل انتهاكات واسعة النطاق، وعنف بحق المدنيين، والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. حيث تعرض العديد من الصحفيين المقيمين في كشمير إلى الاعتقال والتحقيق معهم من قبل القوات الهندية، فيما لم يتم توجيه اتهامات لمعظمهم. ففي يوليو 2021 تم اعتقال أربعة صحفيين هم: شوكت موتا، وشاه عباس، وهلال مير وأزهر قادري؛ من منازلهم في سريناغار من قبل الشرطة واستجوابهم، ويرجع البعض ذلك إلي الانتماء الديني والسياسي لهؤلاء الصحفيين وعلاقاتهم وروابطهم مع باكستان.
ومن ثم تحث مؤسسة ماعت الحكومة الهندية بعدم استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة لإضفاء الشرعية على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتؤكد المؤسسة إن قرار تشكيل بعثة لتقصي الحقائق، أو آلية تحقيق مستقلة، متعددة السنوات، تتمتع بصلاحيات وموارد تراعي المنظور الجندري، وتستهدف رصد انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات المرتكبة من كافة الأطراف في الإقليم والإبلاغ عنها بانتظام وجمع الأدلة؛ يمثل عنصرًا حاسمًا في الاستجابة الدولية واسعة النطاق والضرورية والعاجلة لمعالجة أزمة حقوق الإنسان المتصاعدة والأزمة الإنسانية في كشمير.
إذ تعد هذه الآلية ضرورة لضمان اطلاع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشكل كامل على الأوضاع على الأرض، الأمر الذي يتيح للدول اتخاذ قرارات مهمة بشأن الاستجابة للأزمة، والمساعدة في حماية حقوق وحياة المواطنين الكشميريين، والسماح لهم بالحق في تقرير المصير، ومنع ارتكاب المزيد من الجرائم. وتكملة ودعم للعمل الدولي والوطني من أجل المساءلة عن الجرائم بموجب القانون الدولي.
كما تطالب مؤسسة ماعت من لجنة التحقيق بتقديم تقرير عن تحقيقاتها ونتائجها وتوصياتها فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في كشمير، خلال الجلسة الـ 49 لمجلس حقوق الإنسان، على أن يتضمن التقرير الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويتم في سياق حوار تفاعلي معزز.