جعلت الجائحة، إلى جانب التطورات السلبية الأخرى المتعلقة بالاحتلال، عام 2020 أسوأ عام على الشعب الفلسطيني منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1994.
هذا ما خلص إليه التقرير الذي أعدته أمانة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) الصادر تحت عنوان “التكاليف الاقتصادية التي يتكبدها الشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال الإسرائيلي: الفقر في الضفة الغربية بين عامي 2000 و2019“.
و أوضح مكتب الأونكتاد أنه في عامي 2020 و 2021، شهدت الأرض الفلسطينية المحتلة عدة موجات من جائحة كوفيد-19 ابتداءً من أوائل مارس 2020.
وأدت سلسلة الإغلاقات اللاحقة التي فرضتها السلطة الوطنية الفلسطينية إلى تقليص النشاط الاقتصادي بشكل حاد.
وفقا لآخر تقرير للأونكتاد حول المساعدة التي يقدمها للشعب الفلسطيني، فإن الجائحة، إلى جانب التطورات السلبية الأخرى المرتبطة بالاحتلال، تجعل عام 2020 أسوأ عام للشعب الفلسطيني منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1994.
يقول التقرير: “إن التعافي في عام 2021 وما بعده يتوقف على الإجراءات التي ستتخذها (أو لا تتخذها) القوة المحتلة وحجم دعم المانحين”.
بعد مرور أكثر من شهر بقليل على انتشار الجائحة، انكمش الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة 4.9٪ في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بالربع السابق.
كان الربع الثاني هو الأسوأ، حيث تراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية: انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18٪، وتم إغلاق ثلثي المؤسسات بالكامل، وارتفعت البطالة إلى 39٪، بينما انخفض الاستثمار والتصدير والواردات بشكل كبير.
بشكل عام، تقلص الاقتصاد الفلسطيني في عام 2020 بنسبة 11.5٪، وهو ثاني أكبر انكماش له منذ عام 1994. وارتفع معدل البطالة إلى 26٪ حتى مع انخفاض معدل المشاركة في القوى العاملة من 44٪ إلى 41٪ أقل بين عامي 2019 و2020.
يؤكد تقرير الأونكتاد أنه حتى قبل ظهور أزمة فيروس كورونا المستجد، كان الاقتصاد الفلسطيني في حالة من الفوضى وكانت البيئة السياسية والاقتصادية العامة تتدهور في السنوات الأخيرة.
وأوضح أن القاعدة الإنتاجية للاقتصاد تضررت وأصبحت في حالة يرثى لها تماما، التجزؤ الجغرافي والسوقي كان يتعمق، والقيود المفروضة على عوامل الإنتاج والتكنولوجيا المستوردة تسببت في خسائر فادحة للإنتاجية.
وقال تقرير الأونكتاد إن فقدان الأراضي والموارد الطبيعية للمستوطنات استمر بلا هوادة، “وكانت الموارد المالية تتسرب باستمرار إلى الخزانة الإسرائيلية”، كما “تأثر الاقتصاد الإقليمي في غزة بالحصار المطول والعمليات العسكرية المتكررة.”
علاوة على ذلك، تصاعد التهديد بضم مساحات شاسعة من الضفة الغربية من قبل قوة الاحتلال.
في أبريل 2020، وسط أسوأ أزمة صحية عالمية منذ قرن، أعلنت قوة الاحتلال عن خطط لضم المزيد من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية.
ردت الحكومة الفلسطينية بوقف جميع الاتصالات الثنائية ورفضت تلقي الإيرادات المالية التي تجمعها إسرائيل نيابة عنها من التجارة الدولية الفلسطينية.
وبحسب الأونكتاد، أثار التعليق أزمة مالية حرمت السلطة الوطنية الفلسطينية من 68٪ من إيراداتها المالية لنصف العام حتى استئناف تحويل الأموال في نوفمبر.
في أبريل 2021، مع اندلاع أعمال العنف ردا على تهديد السلطات الإسرائيلية بطرد العائلات الفلسطينية من منازلها في القدس الشرقية، عانى الاقتصاد الفلسطيني من صدمة أخرى. “سرعان ما امتد العنف إلى باقي أنحاء الضفة الغربية حيث أصيب أو قُتل العديد من الفلسطينيين.”
وفي الوقت نفسه، في غزة، ضربت الجائحة في وقت صعب بشكل خاص من تفكك البنية التحتية للنظافة والرعاية الصحية العامة، والفقر المدقع، وانعدام الأمن، والمواجهات العسكرية المتكررة.
وأوضح تقرير أونكتاد الجديد أنه في مايو 2021، “دمرت مئات الغارات الجوية التي نفذتها دولة الاحتلال أصولاً ثمينة وألحقت أضراراً بها، بما في ذلك العديد من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والمباني التجارية والسكنية والمرافق التعليمية.”
كما أثرت القيود المفروضة على حركة الأشخاص والسلع والنشاط الاقتصادي على الشعب الفلسطيني واقتصادهم منذ عام 2000، “عندما أدخلت دولة الاحتلال سياسة إغلاق تتضمن نظاما معقدا للتحكم في التنقل.” في غضون ذلك، “منذ عام 2007، تخضع غزة لحصار مشدد.”
ويقول التقرير إنه “على الرغم من شدة الصدمة الوبائية، يظل الاحتلال هو العائق الرئيسي أمام التنمية في الأرض الفلسطينية المحتلة”.
ويشير التقرير إلى أنه منذ عام 1967، “أطلقت القوة المحتلة سياسة طويلة الأمد تهدف إلى إقامة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.