أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقرير جديد بعنوان “كأنهم ليسوا ببشر.. انتهاكات متكررة ضد المهاجرين في اليمن”، يرصد الأوضاع المأسوية التي يعيشها المهاجرين في اليمن، خاصة في ظل النزاع الذي يدخل عامه السابع على التوالي، وكشف التقرير عن تضاعف عدد المهاجرين بين عامي 2000 إلى 2020، من 17 مليوناً إلى 34 مليوناً وهرب غالبيتهم من النزاعات المسلحة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط أو من الاضطهاد أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، أو التماساً لتحسين الظروف الاقتصادية لشخصه أو لأسرته.
وأوضح التقرير وجود ما يقرب من 41 ألف مهاجر في اليمن غالبيتهم من الجنسية الإثيوبية والصومالية والإريترية، وتناقص عدد المهاجرين الوافدين إلى اليمن بسبب جائحة فيروس كورونا، حيث كان قد وصل عام 2019 إلى 138 ألف مهاجر، حيث تٌعد اليمن بمثابة بلد العبور الأول للمهاجرين لاسيما المهاجرين الأفارقة من منطقة القرن الأفريقي، نظراً لقرب دول منشأ هؤلاء المهاجرين من سواحل اليمن، باعتبارها بوابتهم إلى دول الخليج العربي أو أوروبا، ويصل هؤلاء المهاجرين في الغالب على متن قوارب كبيرة، وأحيانا يستخدمون سفن تهريب بمقابل مادي يصل أحيانا إلى 500 دولار عن كل مهاجر.
وأشار التقرير إلى أن جميع الأطراف في اليمن، مارست انتهاكات ضد المهاجرين، بما في ذلك جماعة الحوثيين، سواء في صنعاء أو في محافظات أخري خاضعة لسيطرتها في شمال اليمن، ووضعت جماعة الحوثيين المهاجرين الأفارقة أمام خيارات كلاهما سيء، فإما استغلالهم في أعمال قتالية ضد القوات الحكومية، أو دفع رسوم خروج من مراكز الاحتجاز، أو الترحيل القسري إلى المحافظات الجنوبية الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
ولم يخضع مسؤولين عن الإساءات ضد المهاجرين للمساءلة في اليمن إلا في حالات قليلة للغاية لا ترقى لأن نعتبرها من قبيل الممارسات السائدة، لأن السائد فيما يتعلق بهذه الانتهاكات هو الإفلات من العقاب وعدم المحاسبة حتى على بعض الجرائم التي ترقى لجرائم ضد الإنسانية.
وكان آخرها في مارس 2021، عندما وقع حريق مرفق المهاجرين التابع لإدارة الجوازات والهجرة والجنسية في صنعاء والذي اندلعت فيه النيران والأدخنة بعد إطلاق قنابل دخانية من قبل مجندين وحراس المرفق التابعين لجماعة الحوثيين.
وفي هذا الإطار صرح أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن هذا التقرير يهدف إلى لفت الانتباه بخصوص الانتهاكات والإساءات الممنهجة التي يتعرض لها المهاجرون في اليمن، لاسيما أعمال القتل خارج إطار القانون، والحرمان من المساعدات الإنسانية، وارتفاع خطابات الكراهية والتمييز ضد المهاجرين، والترحيل القسري للمهاجرين، والممارسات الأخرى التي ترقي إلي مستوي التعذيب، وأضاف عقيل أن المهاجرين في اليمن تعرضوا لطيف واسع من المخاطر التي تتعارض مع الحماية المكفولة لهم بموجب القانون الدولي والقانون الدولي للاجئين والأعراف الدولية الأخرى، خاصة من جانب مليشيا الحوثي التي ترتكب انتهاكات ضد المهاجرين ترقي إلى انتهاكات ضد الإنسانية، فعلى سبيل المثال وخلال شهر مارس الماضي أطلقت قوات الأمن التابعة لمليشيا الحوثي مقذوفات أو قنابل على مركز احتجاز للمهاجرين تابع لإدارة الهجرة والجنسية في محافظة صنعاء، ما تسبب في اندلاع حريق في المركز، ترتب عليه مقتل أكثر من 65 مهاجر أغلبهم من الجنسية الإثيوبية وإصابة أكثر من 200 أخرين منهم من لا يزال في حالة حرجة للغاية.
وفي السياق ذاته؛ قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت إن الحوثيين لا يتعاملون مع المهاجرين كبشر، وأن آخر ما قد يطرأ في فكر الحوثيين هو إنقاذ أرواح المهاجرين، حيث رصدنا في مؤسسة ماعت خلال شهر أبريل 2020، احتجاز عناصر مسلحة تابعة للحوثيين الألاف من المهاجرين الإثيوبيين في قرية الغار في محافظة صعدة وهي قرية تؤوي المهاجرين بشكل غير شرعي.
حيث طلبت العناصر المسلحة من المهاجرين ركوب عربات نقل صغيرة واقتادتهم إلى الحدود السعودية وأطلقت الرصاص الحي على شخصين حاولا الفرار، فلقوا حتفهم في الحال.
هذا إلى جانب مقتل أربعون أخرون بسبب إطلاق الحوثيين قذائف الهاون والرصاص الحي على المهاجرين على الحدود مع المملكة العربية السعودية، وأضاف عبد الحميد إن معاملة الحوثيين غير الإنسانية للمهاجرين تتعارض مع الحماية المكفولة لهم في القانون الدولي وفي كافة الأعراف الدولية، وبما إن الحوثيين جماعة فاعلة تمارس وظائف شبيه بوظائف الدولة فهي مطالبة بالامتثال للقانون الدولي، ويرى عبد الحميد إن استمرار تنصل الحوثيين من هذه الالتزامات لاسيما ناحية المهاجرين سيترتب عليه خسائر فادحة في أرواحهم.
للاضطلاع على التقرير يرجي زيارة الرابط التالي: https://www.maatpeace.org/ar/?p=33458