حذر صندوق النقد الدولي من الزيادات الأخيرة في مستويات التضخم معتبرا أنها تطورات غير عادية مرتبطة بوباء كوفيد-19، وتوقع أن يعود التضخم إلى مستوياته السابقة للوباء في معظم البلدان خلال عام 2022.
ودعا الصندوق البنوك المركزية إلى تجنب تشديد السياسات في الفترة الحالية حتى يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن توجهات الأسعار إلا أنه أشار إلى أن ضغوط التضخم العابرة من الممكن أن تصبح مستمرة لفترة وقد تحتاج البنوك المركزية إلى اتخاذ إجراءات وقائية.أبقى صندوق النقد على توقعاته لنمو الناتج العالمي هذا العام عند 6%، ولكنه رجح زيادة النمو بمقدار 0.5% في العام المقبل عن التوقعات السابقة، ليصل النمو إلى 4.9% في عام 2022، في حين تراجع الناتج العالمي بنحو 3.2% في عام الجائحة، مقابل نمو بلغ 2.8% في عام 2019.
حدد التقرير عددًا من المخاطر التي تحيط بتوقعات نمو الاقتصاد العالمي هذا العام، ومنها تباطؤ الحصول على اللقاح المضاد لكوفيد-19 حول العالم وهو ما سيسمح للفيروس بمزيد من التحورات، إلى جانب تشديد السياسات النقدية بمعدل أسرع مما كان متوقعًا، مع إعادة تقييم السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة خاصة مع زيادة التضخم بسرعة أكبر من المتوقع.
من المحتمل أن تتلقى الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية ضربة مزدوجة من خلال تفاقم الوضع الوبائى وتشديد ظروف التمويل الخارجي، وهو ما يهدد بتراجع شديد في انتعاشها الاقتصادي ويقلص التوقعات الحالية لنمو الاقتصاد العالمي.
يبدو أن صندوق النقد الدولي أصبح أكثر تفاؤلًا بشأن أداء الاقتصاد الأميركي، حيث رفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بمقدار 0.6% هذا العام مقابل توقعات أبريل ليصل النمو إلى 7% في 2021، كما رجح نموًا بنحو 4.9% في عام 2022، وهو أكبر بنحو 1.4% من التوقعات السابقة.
ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 5.4% في يونيو على أساس سنوي، وفقًا لمكتب إحصاءات العمل (BLS)، و0.9% على أساس شهري، وهو أكبر ارتفاع شهري منذ يونيو 2008.
أبقى الصندوق على توقعات أبريل لنمو اقتصاد ألمانيا عند 3.6% بينما رفعها للعام المقبل إلى 4.1% فيما يعد زيادة بـ0.7% عن التوقعات السابقة، في حين أكد توقعاته لنمو اقتصاد فرنسا بنحو 5.8% هذا العام، و4.2% في عام 2022.
توقع نمو اقتصاد المملكة المتحدة 7% هذا العام بزيادة 1.7% عن توقعات أبريل، و4.8% في العام المقبل بتراجع 0.3% عن التوقعات السابقة.
رجح التقرير نمو اقتصاد اليابان 2.8% هذا العام بتراجع 0.5% عن التوقعات السابقة، كما سينمو الاقتصاد الياباني بنحو 3% العام المقبل، في حين خفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصاد الصين بمقدار 0.3% إلى 8.1% هذا العام، بينما رفع توقعات نمو اقتصاد بكين العام المقبل بنسبة طفيفة 0.1% إلى 5.7% في عام 2022.
حددت المستشار الاقتصادي ومدير إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي، جيتا جوبيناث، عدة أولويات للتغلب على التحديات الاقتصادية للمرحلة الحالية على المستوى المحلي للبلدان، وهي إعطاء الأولوية للإنفاق الصحي، بما في ذلك التطعيم، إلى جانب الدعم الموجه للأسر والشركات المتضررة من الوباء ودعم التوظيف وضمان وجود آليات فعالة لحالات الإفلاس، إلى جانب تعزيز القدرة الإنتاجية، وتسريع الانتقال إلى تقليل الاعتماد على الكربون، وتعزيز الرقمنة وضمان تحمل مستويات الديون في المدى المتوسط.
أضافت جوبيناث أن الانتعاش الاقتصادي سيكون غير مضمون حتى يتم التغلب على الوباء على مستوى العالم، داعية إلى تنسيق الإجراءات والسياسات التي يتم اتخاذها محليًا مع الدول الأخرى، حتى يتمكن الجميع من تحقيق الانتعاش بدلًا من الوصول إلى مستقبل يزداد فيه الفقراء فقرًا، وترتفع فيه وتيرة الاضطرابات الاجتماعية والتوترات الجيوسياسية. وبلغت أعداد حالات الإصابة بكوفيد-19 حتى الآن 194 مليون حالة توفي منهم 4.16 مليون شخص.
رفع الصندوق توقعاته لنمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمقدار 0.1% إلى 4.1% هذا العام مقابل ترجيحاته السابقة التي أعلنها في أبريل ضمن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي WEO، ولكنه أبقى على توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمنطقة عند مستوى 3.7% خلال عام 2022.
وذكر الصندوق أن اقتصاد المنطقة كان قد تراجع بالفعل بنسبة 3% في عام جائحة كوفيد-19 مقابل تحقيق نمو بنحو 0.8% في عام 2019، وهو ما يعني أن أداء اقتصادات المنطقة في عامي 2021 و2022 سيكون أفضل مما كان عليه قبل تفشي جائحة كوفيد-19.
كما رفع الصندوق توقعاته لأداء الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية بمقدار 0.8% خلال عام 2022، لينمو بنحو 4.8%، مقارنة بتوقعات أبريل، في حين سينمو اقتصاد المملكة بنحو 2.4% هذا العام، مقارنة بتراجعه 4.1% في عام 2020، بعد أن نما بنسبة أقل من 1% عند 0.3% فقط في عام 2019.
أوضح التقرير أن الاقتصاد غير البترولية في السعودية سينمو بشكل أفضل مما كان متوقعًا في السابق ليصل إلى 4.3% مقابل انكماش بلغ 2.3% العام الماضي، ولكن تراجع إنتاج النفط هذا العام سينعكس على أداء الناتج المحلي الإجمالي بشكل عام على مدار عام 2021
دعا الصندوق في وقت سابق من هذا الشهر إلى ضرورة استمرار السعودية في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد وتحقيق نمو شامل ومستدام، مشيدًا بالإصلاحات التي اتخذتها السعودية مؤخرًا، ومنها زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل وتعديل نظام عمل العمالة الوافدة.
أكد الصندوق أهمية تسريع وتيرة برنامجي التخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز الحوكمة، والتعجيل بالرقمنة.
يرجح الصندوق تراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 30% من الناتج هذا العام مقابل 32.5% من الناتج في عام 2020، على أن تصل النسبة إلى 30.4% في عام 2022.