ما زالت الذخائر العنقودية الفتاكة تستخدم في النزاعات القديمة والجديدة حول العالم، من سوريا إلى ليبيا وناغورنو كاراباخ، مخلفة الكثيرين من الضحايا والآثار المدمرة على سلامة المدنيين وسبل كسب العيش.
ووفقا لتقرير أعده الائتلاف المناهض لاستخدام الذخائر العنقودية، بدعم من الأمم المتحدة، تسببت هذه المتفجرات على مدار العقد الماضي، في وقوع أكثر من 4300 ضحية مسجلة في 20 دولة. ورجح المرصد أن يكون الرقم الحقيقي للضحايا أعلى من ذلك بكثير.
في الفترة بين أغسطس 2010 ويوليو 2020، تم نشر الذخائر العنقودية في سبع دول لم توقع على معاهدة نزع السلاح العالمية التي تحظر استخدام هذه الذخائر وهي: كمبوديا وليبيا وجنوب السودان والسودان وسوريا وأوكرانيا واليمن.
وبرغم أن استخدام الذخائر العنقودية في هذه البلدان حدث بصورة “متقطعة” أو “منعزلة” إلى حد كبير، على مدى العقد الماضي، إلا أن سوريا ظلت استثناء، نظرا “لاستخدام الذخائر العنقودية المستمر منذ عام 2012″، وفقا للسيد ستيف غوس، أحد المساهمين في إعداد التقرير، ورئيس قسم الأسلحة في منظمة هيومن رايتس ووتش.
وبحسب التقرير، فقد شهدت سوريا أكثر من 80 في المائة من مجموع ضحايا الذخائر العنقودية في جميع أنحاء العالم، ويشكل الأطفال حوالي أربعة من كل 10 ضحايا.
وأشار الباحثون أيضا إلى استخدام هذه الأسلحة المميتة في ليبيا العام الماضي، واستخدامها بواسطة كل من أرمينيا وأذربيجان، في نزاع ناجورنو كاراباخ.
وقالت ماريون لودو، المسؤولة عن إعداد التقرير:
“إن الاستخدام المستمر للذخائر العنقودية المحظورة في سوريا، والاستخدام الجديد لها في ليبيا وناغورنو كاراباخ، أمر غير مقبول”.
وأضافت أنه كان من الضروري للدول الـ 110 التي انضمت إلى المعاهدة العالمية لحظر الذخائر العنقودية أن “تدين عملية قتل المدنيين وتهديد الأرواح وسبل العيش”، في المناطق التي لا تزال ملوثة بهذه الأسلحة.
كما أفادت مزاعم جديدة باستخدام ذخائر عنقودية في اليمن وفي إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، لكنه لم يكن ممكنا الوصول إلى نتيجة قاطعة بشأن تلك المزاعم.
وعلى الرغم من المخاوف بشأن تسجيل نحو 286 ضحية جديدة بسبب استخدام الذخائر العنقودية عام 2019 – بزيادة قدرها 92 في المائة عن عام 2018، مرتبطة بشكل رئيسي بالهجمات في سوريا – إلا أن عدد الضحايا لا يزال أقل بكثير من الإجمالي السنوي البالغ 971 ضحية الذي تم تسجيله عام 2016، وفقا للتقرير.
يتم إطلاق الذخائر العنقودية إما من الجو أو من الأرض في عبوة تحتوي على مئات “القنابل الصغيرة” التي تنتشر بشكل عشوائي في مناطق واسعة.
لا تستهدف الذخائر العنقودية هدفا محددا، وما يصل إلى 40 في المائة من القنابل المتفجرة لا تنفجر فورا، مما يؤدي إلى نتائج مدمرة لأي شخص يصادفها لاحقا.
يأتي إصدار التقرير في الوقت الذي تجتمع فيه الدول الأطراف في الاتفاقية لمناقشة الخطوات الواجب اتخاذها لإشراك مزيد من الدول في معاهدة حظر الذخائر العنقودية، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2010.
وسلط ستيف غوس، أحد المساهمين في إعداد التقرير، الضوء على نجاح الاتفاقية في “إحداث فرق حقيقي في إنقاذ الأرواح وسبل العيش”، مشيرا إلى أنه منذ أن وافقت الدول على البدء في تدمير مخزوناتها، تماشيا مع الاتفاقية، دمرت 36 منها 1.5 مليون من الذخائر العنقودية تحتوي على أكثر من 178 مليون ذخيرة فرعية.
وقال السيد غوس إن هذه المخزونات التي تم تدميرها تمثل 99 في المائة من إجمالي مخزونات الذخائر العنقودية العالمية التي أعلنتها الدول، مشيرا إلى أن 18 دولة أوقفت إنتاج الذخائر العنقودية بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا، لكن 16 دولة أخرى خارج الاتفاقية استمرت في صنعها، بما في ذلك دولتان تجريان حاليا أبحاثا وتطوران أنواعا جديدة من هذه الأسلحة.
في المجموع، تم تلويث 26 دولة ومنطقة أخرى بمخلفات الذخائر العنقودية، بما في ذلك 10 من الدول الأطراف في الاتفاقية، التي تحظر أيضا استخدام وإنتاج ونقل الأسلحة.
وقال المرصد إن ستا من الدول الأطراف أكملت، على مدى العقد الماضي، تطهير المناطق الملوثة بمخلفات الذخائر العنقودية، وآخرها كرواتيا والجبل الأسود في يوليو 2020.
في عام 2019 وحده، تم تطهير 82 كيلومترا مربعا على الأقل من الأراضي الملوثة من قبل الدول، مما أدى إلى تدمير أكثر من 96 ألفا من مخلفات الذخائر العنقودية.