الخميس. نوفمبر 21st, 2024


أودى فيروس كورونا بحياة أكثر من 1.3 مليون شخص حول العالم حتى الآن، وأصيب أكثر من 54 مليون شخص بالمرض الذي أثر كذلك على سبل عيش الكثيرين. الجائحة ليست فقط أكبر أزمة صحية عالمية منذ إنشاء الأمم المتحدة قبل 75 عاما، بل هي أيضا أزمة إنسانية واقتصادية وأمنية، وأزمة حقوق إنسان.

وفي الجمعية العامة، اُفتتحت الخاصة لبحث العواقب متعددة الأوجه لجائحة كـوفيد-19، وطرق التعافي بشكل أفضل وأقوى، وتبادل الخبرات والتفكير في الاستجابة العالمية للجائحة.

رئيس الجمعية العامة، فولكان بوزكير، قال إن هذه الدورة الخاصة هي لحظة مهمة بالنسبة للدول الأعضاء، والمجتمع العلمي والأطراف المعنية، ومن بينها المجتمع المدني، للإصغاء لبعضهم البعض، والانخراط في الحوار.

وقال: “هذا ليس وقت توجيه أصابع الاتهام، لقد اجتمعنا هنا لنشق طريقا إلى الأمام ولإنهاء معاناة الأشخاص الذين نخدمهم”. مؤكدا أن الأزمة يجب أن تدفع بالعالم نحو تغيير سير الأمور، والتحلي بالجرأة واستعادة الثقة في الأمم المتحدة.

وأضاف قائلا: “هذه الهيئة المهيبة، الجمعية العامة، هي صوت البشرية وإرادتها وضميرها”.


يواجه العالم أعمق ركود عالمي منذ الكساد الكبير، وأوسع انهيار في الدخول المالية منذ عام 1870. وقد تقلّص الاقتصاد العالمي بنسبة 4.4%، ومن المتوقع أن ترتفع معدلات الفقر المدقع في العالم لأول مرة منذ 20 عاما. كما أن 115 مليون شخص معرّضون لخطر الوقوع في براثن الفقر المدقع.

والأكثر تأثرا هي الفئات الضعيفة والمهمّشة. وقال السيّد بوزكير: “أثّرت الجائحة بشكل غير متناسب على أكثر فئات مجتمعاتنا ضعفا –ومنها النساء والأطفال وكبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة واللاجئون والمهاجرون، وأولئك الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة، والمشرّدون – لقد كشفت الجائحة عن أوجه عدم المساواة الهيكلية والعقبات التي تحول دون التمتع الكامل بحقوق الإنسان”.

ويصاحب كل ذلك، بحسب رئيس الجمعية العامة، تزايد في الخطاب العنصري والكراهية والوصم والصور النمطية والمعلومات المضللة.

وإضافة إلى ذلك، ارتفعت معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف المنزلي ضد النساء. وقال رئيس الجمعية العامة: “الكثير من النساء لن يعدن إلى أماكن العمل، وهنّ يتحمّلن بشكل غير متناسب عبء الرعاية غير مدفوعة الأجر والتعليم المنزلي”.

ودعا إلى مواجهة التحدي، وألا تستهدف الاستجابة مجرد العودة إلى الوضع السابق.

تستند استجابة الأمم المتحدة لفيروس كورونا إلى ثلاث ركائز، وهي استجابة صحية واسعة النطاق ومنسقة وشاملة؛ وجهد واسع النطاق لحماية الأرواح وسبل العيش؛ وعملية انتعاش تحويلية. ومنذ مارس، قامت الأمم المتحدة بحشد عمليات الشراء والخدمات اللوجستية لتوصيل المعدّات والإمدادات الطبية إلى 172 دولة.

وشدد رئيس الجمعية العامة على أهمية ضمان الوصول العادل والمنصف إلى اللقاحات، وحماية البلدان الأكثر ضعفا التي تخلفت عن الر كب، ولا سيّما الأقل نموّا والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية.

ودعا إلى تطوير مشاريع للإدماج الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفا، وضمان التغطية الصحية الشاملة.

منذ عام 2007، أعلنت منظمة الصحة العالمية ست حالات صحية طارئة تثير شواغل عالمية. ولأول مرة منذ عام 1945، يواجه العالم بأكمله تهديدا مشتركا، بصرف النظر عن الجنسية والعرق والمُعتقد.

وفيما يتعلق باللقاحات، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في كلمته أمام الجلسة الخاصة: “دعونا لا نخدع أنفسنا. لا يمكن للقاح أن يبطل الضرر الذي سيمتد عبر سنوات، بل حتى عقود قادمة”، مشيرا إلى ارتفاع معدلات الفقر المدقع وتهديد المجاعة الذي يلوح بالأفق.

وأضاف يقول: “هذه التأثيرات الممتدة بين الأجيال ليست بسبب كوفيد-19 وحده. إنها نتيجة لأوجه الهشاشة طويلة الأمد والتفاوتات والظلم الذي كشفت عنه الجائحة. حان الوقت للبدء مرة أخرى بطريقة مختلفة”.

تحمل الجائحة تأثيرا مدمرا على كبار السن وعلى النساء والفتيات، والمجتمعات منخفضة الدخل، والمهمّشين والمعزولين، وتشكل تهديدا على أجندة 2030 وأهـداف التنمية المستدامة.

وقال السيّد جوتيريش: “بعد مرور ما يقرب من عام على الجائحة، نواجه مأساة إنسانية وحالة طوارئ صحية عامة وإنسانية وتنموية”.

وأضاف أن بعض الدول لم تذعن لإرشادات منظمة الصحة العالمية: “عندما تذهب الدول في طريقها الخاص، يذهب الفيروس في كل اتجاه”.

وكان الأمين العام قد دعا أكثر من مرة إلى إتاحة اللقاح للجميع، باستخدام مبادرة كوفاكس وأدوات مسرّع ACT، لكن ثمّة فجوة بالتمويل تبلغ 28 مليار دولار، من بينها 4.3 مليار دولار تمسّ الحاجة إليها في الشهرين المقبلين.

وقال: “قدمنا المساعدة المنقذة للحياة إلى 63 دولة من أكثر البلدان ضعفا، من خلال خطتنا العالمية للاستجابة الإنسانية”. ومنذ البداية، طالبت الأمم المتحدة بحزمة تحفيز بقيمة 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتخفيف عبء الديون عن جميع البلدان التي تحتاجها. “أرحب بالجهود ولكنها غير كافية مقارنة بنطاق الأزمة”.

بالنظر للمستقبل، قال الأمين العام إنه يجب أن يعالج التعافي من كوفيد-19 الظروف الموجودة مسبقا التي كشفت عنها الجائحة.

وحث على “اغتنام الفرصة للتغيير” أثناء التعافي، مع ضرورة وضع النظم الصحية الأقوى والتغطية الصحية الشاملة كأولوية.

وقال: “ليس بإمكاننا توريث كوكب محطم وديون ضخمة للأجيال القادمة. يجب أن تذهب الأموال التي ننفقها على التعافي لبناء مستقبل أكثر خضرة وعدلا”، مشددا على أهمية “التصالح” مع الكوكب إذا أردنا أن نعيش في توازن مع ثرواته المذهلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *